حقوق الراعي والرعية

سعد الحصين

TT

هذه محاولة للاجابة عن سؤال: ماذا تفعل الرعية بالراعي الظالم والفاجر، مستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله وفقه أئمة الهدى في نصوصهما، عملا بقول الله تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا» وعلى الكاتب ان لا يخفي نصا يخالف رأيه، وعلى القارئ التسليم راضيا مطمئنا: 1 ـ حق الراعي على رعيته: طاعته في ما ليس فيه معصية، والدعاء له، والنصح له، قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة.. لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم». ومن النصيحة لهم جميعا: الدعاء للراعي بالصلاح والتوفيق والهداية، قال الامام احمد بن حنبل لما ذكر ولي الامر في عهده: اني لادعو له بالصلاح والعافية.. لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالاسلام. (كتاب السنة للخلال ص 84)، وقال البربهاري: اذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم انه صاحب هوى، واذا سمعته يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم انه صاحب سنه.. فأمرنا ان ندعو لهم ولم نؤمر ان ندعو عليهم وان جاروا وظلموا، لان جورهم وظلمهم على انفسهم، وصلاحهم لانفسهم وللمسلمين. (شرح السنة ص 51).

2 ـ وحق الرعية على الراعي: النصح لرعيته في امور الدين اولا، ثم في امور الدنيا ثانيا، بنشر العقيدة والسنة بالتعليم والحكم والدعوة الى الله على بصيرة، وبمنع البدع واعظمها بناء المساجد على اوثان الاضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات، وما دونها من الزوايا وسائر بدع العبادات. وللرعية على الراعي حق الاحسان والرعاية، وألا يكلفهم ما لا يطيقون، وان يوفر لهم من الخدمات المعيشية ما يطيق، وان يكون قدوة صالحة في الدين والدنيا، قال الله تعالى: «وأن احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته» رواه البخاري.

3 ـ جواب السؤال لمن قبل حكم الله في كتابه وسنة رسوله: على الرعية طاعة الراعي وان ظلم وجار، وان فسق وفجر، إلا ان يأمر بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك واثرة عليك» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «انها ستكون بعدي اثرة وامور تنكرونها» قالوا: كيف تأمر من ادرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «من يطع الامير فقد اطاعني ومن يعصي الامير فقد عصاني» متفق عليه.. بل قال صلى الله عليه وسلم: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي» قال حذيفة: كيف اصنع يا رسول الله ان ادركت ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تسمع وتطيع للامير وان ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع واطع» رواه مسلم. بل قال صلى الله عليه وسلم: «كيف انت اذا كانت عليك امراء يؤخرون (أو يميتون) الصلاة عن وقتها»؟ قال ابو ذر: فما تأمرني؟ قال صلى الله عليه وسلم: «صل الصلاة لوقتها، فإن ادركتها معهم فصل فانها لك نافلة» رواه مسلم، ومع ظهور المعاصي من الشرك فما دونه في مسلمي اليوم إلا من رحم الله، لم يؤمر باقترافها. ولو حدث ذلك وجبت طاعة الراعي في طاعة الله ومعصيته في معصية الله كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه احد رواة الحديث عن ذلك.