وزير الأوقاف السوري: الإسلام يرحب بالعولمة الهادفة إلى التواصل الحضاري

TT

أكد محمد زيادة وزير الأوقاف في سورية ان الدين الاسلامي يرحب بالعولمة الهادفة الى التواصل الحضاري وقبول التعددية، مشيرا الى ان الاسلام يحث على الانفتاح العالمي والاستفادة من تجارب الشعوب وتبادل الخبرات معها ويرفض الاحتكار والاستغلال والسيطرة، كما يعمل على احترام عقائد الغير والحفاظ على هويات الشعوب وحقوق الانسان.

وأكد الوزير السوري في بحث له بعنوان «مستقبل الحضارة الاسلامية في ظل العولمة» ألقاه أمام المؤتمر الاسلامي العالمي الخامس عشر الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة أخيرا على ضرورة الفصل بين العالمية التي جاءت بها شريعة الاسلام وما تحمله من رسالة حب ورحمة وتسامح وإخاء الى العالم أجمع، وبين العولمة وما تعنيه من الهيمنة واستلاب الآخرين، لحساب حفنة من أصحاب النفوذ والقوة والتسلط للاستيلاء على أموال الآخرين وثرواتهم وقيمهم الحضارية.

وأضاف ان العالمية التي تحيل العالم الى قرية كونية واحدة ويتمتع الانسان فيها بحق الاختيار ويسود فيها البر والقسط ويتفيأ فيها ظلال العدل والرحمة وتصان فيها حرمات المخالفين وحقوقهم، هذه العالمية يجب ألا تلتبس في ذهننا بالعولمة التي تهدف الى تحويل العالم الى غابة عالمية واحدة تذوب فيها مفاهيم القيم والمثل والأخلاق.

ويؤكد ان الاتجاه الى العالمية برسالة حضارية عادلة لا حرج فيه بل هو في مصلحة الانسانية ورفدها بمعين الأخلاق والخوف من الله سبحانه وتعالى وإرساء أسس العدالة والحق والمساواة ولكن الحرج إنما يكمن في روح الهيمنة والجشع والأنانية والابتزاز الذي تحمله هذه العولمة الجامحة.

وتابع الوزير السوري قائلا ليس الحرج في التوجيه الى العالمية في ذاته والتعامل مع الكيان البشري كأمة واحدة، وإنما يكمن في المشروع الذي يحمله القائمون على هذا التوجه عندما لا يرون في الآخرين إلا أحجارا على رقعة الشطرنج يعبثون بمقدراتهم ومصائرهم كما يشاؤون الأمر الذي لا تقام به دنيا ولا يصلح به دين ولا يزداد به العالم إلا شقاء فوق شقاء ولا تحصد الانسانية إلا مزيدا من التردي والانحطاط وغياب مفاهيم القيم والمثل والاخلاق والخير والفضيلة والاستقرار.

وأضاف ان المشروع الحضاري الاسلامي لحمته الربانية وسداه البر والقسط نبذله الى العالمين ما داموا لا يقاتلوننا في الدين ولا يصادرون علينا حقنا في أن نبسط دعوتنا الى الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة لنشر قيم الايمان في هذا الوجود لينعم العالم بالأمن والاستقرار والسلام.

ثم ينتقل الوزير زيادة الى الحديث عن موقف المسلم من العولمة هل هو الرفض والمقاطعة أم الاصطفاء والتخير؟ يجيب زيادة بقوله انه لا سبيل الى الأول لجملة من الاعتبارات والضرورات العملية منها ان عالمية هذه الظاهرة وتدفقها الى العالم عبر قنوات مفتوحة لاسبيل الى اغلاقها سواء أكان ذلك في وسائل الاعلام أم في حركة السياحة والاتصال المباشر بين الشعوب بالاضافة لذلك فان طبيعة العلاقات الدولية تقوم على التبادل والتداخل والتعامل المشترك فلا يتسنى لأحد في محيط المجتمع الدولي ان يحبس نفسه داخل أسوار العزلة فاذا كان لايتسنى لنا أن نقطع السبيل بالكلية على هذا السيل الجارف من مظاهر العولمة وآلياتها فلم يبق أمامنا إلا التخير والاصطفاء، ما الذي نأخذه منها وما الذي نجتنبه فما كان فيها من أمر صالح أخذنا منها، وما كان منها من فاسد تحاشيناه واجتهدنا في التصدي له.