هل تضخم دور «الشيخ» في المجتمع.. أم تضخم الآخرون على حسابه؟

كتب نواف القديمي

TT

تأرجح موقع «الشيخ» كمرجعية في التاريخ الاسلامي بحسب السياقات الزمانية والمكانية. فمن ازمنة تضاءل فيها دور الشيخ لحساب الفيلسوف والسياسي الى فترات تضخم فيها دوره على حساب الزعامات الاجتماعية والسياسية الأخرى. فماذا عن مرحلتنا المعاصرة في عالمنا العربي والاسلامي؟

الحديث عن «الشيخ» ليس فقط باعتباره شخصا بقدر ما هو «افق معرفي» يملك فضاءه الخاص وادواته في الفهم والتحليل والرؤية لكل القضايا والمسائل والمستجدات المتعلقة بالشأن الديني والدنيوي. الى اي مدى يمكن ان يمثل «الشيخ» مرجعا معرفيا في المجتمع وسط انفجار هائل في نطاقات العلوم والمعارف الانسانية، الامر الذي يفرض تشكلا جديدا في المنظومة المعرفية المتسعة تعتمد على التخصص والتنوع وتمايز الدوائر الثقافية وغلبة نزعة الاختصاص الجزئي حتى داخل حقول العلوم الشرعية.

هل تعاني شخصية «الشيخ» الاعتبارية من تمدد وتضخم في مجتمعنا اليوم بحيث اصبحت محورية في ثقافة المجتمع حتى بات «الشيخ» مرجعا يسأله الناس في شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والجمالية، وغدت «الفتوى» تخوض في كل الحقول والتخصصات والمعارف والذوقيات الانسانية، أم ان دور الشيخ يمر بمرحلة تضاؤل وضمور بعد ان دخلت على الخط عشرات الوسائل التقنية الحديثة ذات الخطاب الجماهيري، وغدا الكل من فضائيات واذاعات وصحف وانترنت وسياسيين واقتصاديين واساتذة الاجتماع والنفس ولاعبي الكرة والمغنين يساهم في صياغة الرأي العام للمجتمع ويمارس تأثيره الفعال على قناعات الناس وتوجهاتهم وآرائهم الثقافية والسياسية بل وحتى الدينية. هل تنبع المطالبة بالحد من اتساع وتضخم دائرة الشيخ من رؤية علمانية تريد عزل الشيخ وقصره على الجزئيات الفقهية واقصاءه عن اي التحام حقيقي بهموم المجتمع وقضاياه الملحة وتحييد العلوم الانسانية الاخرى وفصلها عن اي ارتباط بالمنظومة الشرعية؟

أم ان مجتمعاتنا العربية تعاني اليوم من تضخم كل الشخوص ذات التأثير الجماهيري.. تضخم المثقف والسياسي والاقتصادي والاعلامي ومن سواهم؟

ويبقى السؤال المحوري هنا..

هل تضخم دور «الشيخ» في المجتمع؟ أم تضخم الآخرون على حسابه؟