دراسة ببليوغرافية في الرياض عن كتب المسلسلات تشدد على أنها نوع من الترف العلمي لتاريخ السنة النبوية

TT

كشفت دراسة ببليوغرافية حول «كتب المسلسلات عند المحدثين» أن رواية المسلسلات والتأليف فيها يُعد ضرباً من ضروب التفنن في الرواية، ونوعاً من الترف العلمي الذي عرفه تاريخ السنة النبوية، وأن طرافة المسلسلات ولطافتها وما يحصل برواياتها من الأنس يعد سبباً رئيسياً في إقبال المحدثين قديماً وحديثاً على الاهتمام بروايتها والتصنيف فيها، رغم الضعف السائد على المسلسلات لاسيما في وصف المسلسل إذ يتساهل أكثر المؤلفين في رواية الضعيف منها والموضوع.

ويسعى الدكتور عبد اللطيف الجيلاني في دراسته التي نشرتها مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض إلى الكشف عن جانب مهم من جوانب تراثنا الزاخر وبالتحديد ما أُُلّف في نوع المسلسلات عند المحدثين حيث وقف الباحث على 200 كتاب من كتب المسلسلات طبعت منها 21 كتاباً فقط، كما رصد المؤلف آثار المشتغلين بالحديث الشريف في فن من فنونه وهو المسلسلات متتبعاً إياها في نصوصها التي وقع عليها، فطرح بحثه في تمهيد ومسردين وخاتمة.

وبدأ المؤلف في دراسته بالحديث عن المسلسلات وأنواعها، وإبراز أهميتها وحجيتها ونقدها، والمسرد الأول خصصه لكتب المسلسلات التي جمعت أكثر من مسلسل ورتبه حسب الترتيب الزمني لوفيات مؤلفيها. وتناول في المسرد الثاني الكتب التي أفردت لمسلسل واحد وفق الترتيب الزمني أيضاً.

واشار الدكتور الجيلاني إلى أن حرص المحدثين على بقاء إسناد الرواية على مرً الأزمان قادهم إلى الاهتمام بهذا الفن لاسيما في العصور المتأخرة عندما أصبحت الأسانيد قليلة الجدوى ولا يعتمد عليها في تصحيح الروايات وتضعيفها.

ويرى الباحث أن كتاب المسلسلات لأبي بكر أحمد بن علي بن زكريا الطّرَيثيثي المتوفى عام 497 هـ أقدم كتاب وصل ألينا من كتب المسلسلات التي جمعت أكثر من مسلسل، وهو مخطوط بالمكتبة الظاهرة (الأسد حالياً) بدمشق. أما أقدم كتاب سجلته هذه الدراسة من الكتب التي أفردت بخصوص حديث مسلسل واحد فهو جزء المسلسل بالأولوية لأبي بكر بن محمد القرشي المعروف بابن أبي الدنيا المتوفى عام 281.

ويعتقد الباحث أن أفضل كتاب ألف في المسلسلات هو كتاب «الجواهر المكللة لأبي الخير بن عبد الرحمن السخاوي المتوفى عام 902 هـ، والذي ينتظر من يزيح عنه الغبار من خزائن المخطوطات إلى عالم النشر والمطبوعات.

وفي ختام البحث يخرج المؤلف بملاحظة أن المحدثين تفننوا وتنوعت مناهجهم في تصنيف كتب المسلسلات فمنهم من أفرد حديثاً واحداً بالتصنيف، ومنهم من جمع في كتابه أجود الأحاديث المسلسلة إسناداً، ومنهم من حشر في كتابه ما وقع له من روايته منها، ومنهم من إلتزم بيان الحكم عليها والكلام على أسانيدها، ومنهم من لم يلتزم بذلك ومنهم من رتبها على الأبواب كابن الطيلسان في كتابه «الجواهر المفصلات»، ومنهم من لم ينتهج في ذلك ترتيباً معيناً.

يذكر أن المؤلف الدكتور الجيلاني من مواليد إقليم أسفي في المغرب عام 1971 وحصل على إجازات عدة في روايات الحديث النبوي عن عدد من شيوخه بالمغرب والمشرق. وحصل على الليسانس من كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1995، وعلى الماجستير في علوم الحديث من الجامعة نفسها 1999، وعلى الدكتوراه في علوم الحديث من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عام 2002 وله ما ينيف على عشرة أعمال مؤلفه ومحققه في علوم الحديث.