دراسة جديدة توضح الفرق بين طبيعة الحكم في الأمة والدولة

TT

في محاولة جادة من جانب الكاتب الاسلامي جمال البنا لبيان تفوق نظام الاسلام على سائر الانظمة الوضعية السائدة الآن، اصدرت دار الفكر الاسلامي في القاهرة له كتابا بعنوان «الاسلام دين وامة وليس دينا ودولة».

يقول المؤلف: مقدمة الكتاب تؤمن بأن معالجة موضوع الدولة أو الحكم في الاسلام لا يجوز ان يقتصر على الكتابات الاسلامية كما هو الدأب المألوف فيعود المؤلف الى ما كتبه الماوردي في الاحكام السلطانية وابن تيمية في السياسة الشرعية وتاريخ الطبري والبداية والنهاية لابن كثير.

واضاف المؤلف ان ما فات هؤلاء الكتاب ان الحكم اسلاميا أو غير اسلامي هو الحكم وان له طبيعته الخاصة التي لا يمكن لأي صفة تعلق به أن تجرده منها وإنما قصاري ما يمكن ان نصل اليه هو ان تضيف اليها أو تنتقص منها بعض الصفات دون ان يؤدي هذا الى تغيير طبيعتها.

ويتابع المؤلف: فان من الواجب تفهم تجارب الحكم في مختلف النظم والعهود والشعوب وتفاعل الاسلام مع طبيعة الحكم ومدى نجاحه في كبح جماحها وحسن توجيهها ويضيف لقد ادت بنا دراسة الحكم منذ ان ظهر من اقدم العصور حتى العهد الحديث الى المبدأ المحوري الذي حكم سياق وروح الكتاب وهو ان السلطة التي هي خصيصة الدولة تفسد الايديولوجيا «أو العقيدة» وان هذا الافساد هو في طبيعة السلطة ولا يمكن ابدا ان تتحرر منه وان اي نظام يقترن بها بفكرة اصلاحها لا بد وان تفسده، وان اي نظام يحاول تطويعها لا بد وان تطوعه وبدلا من ان يكون سيدها يصبح تابعها.

وعالج الكتاب في الباب الاول «دولة المدنية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين» وان من الخطأ الفاحش تصور اقامة دولة على غرارها لان دولة المدينة لم تتوافر فيها مقومات الدولة بالصورة التي يفترض ان تتوافر في الدولة الحديثة ويكفي ان رئيسها كان نبيا مرسلا يرعاه الله ويصحح له الوحي اجتهادية ولا يملك من الامر شيئا وانما يحكم بما انزل الله ثم كانت الخلافة الراشدة امتدادا للعهد النبوي وسيرا في اثارة وفي الباب الثاني «السلطة تفسد الايديولوجيا» تحدث المؤلف عن التفرقة ما بين الامة والدولة وان العلامة الفارقة بينهما هي السلطة التي لا تتوافر للامة والتي تجعل الدول جهاز قمع لا يمكن ان تنهض برسالة دعوة أو تحقق قيم دين وان هذا يجب ان تتولاه الامة التي تضغط على الدولة وتدفعها الى تطبيق الشريعة. يعود الكتاب في الباب الثالث الى المجال الاسلامي «الدولة الاسلامية في العصر الحديث بين التنظير والتطبيق فيشير الى جمال الدين الافغاني وحسن البنا باعتبارهما افضل من كتب عن الحكم الاسلامي ويبرر نقطة هامة هي ان حسن البنا الذي صك صيغة «الاسلام دين ودولة» كان من واقع كتاباته ديمقراطيا يتقبل دستور مصر عام 1923 وان طالب بتعديله. ثم ينتقل الكتاب الى محاولات تنظير الدولة الاسلامية فيتحدث عن المودودي وسيد قطب والخميني وفكرة ولاية الفقيه واخيرا يتابع الجماعات الرافضة الجديدة وبوجه خاص جماعة التكفير والهجرة ثم حزب التحرير ثم جماعة الجهاد والجماعة الاسلامية. ويختتم الكتاب بالباب الرابع «انما تتقدم الامة بدعوات الانبياء وجهود الجماعات والهيئات والعلماء» يكشف عن ان الانبياء كانوا اول من حرر الجماهير والجماعات من النظم الوثنية ويبرز الدور القيادي وانهم قدموا المثال لما يجب ان يكون عليه القائد والقيادة. وفي العهد الوسيط يتحدث المؤلف عن وجود الهيئات والجماعات من احزاب ونقابات وهيئات اصلاح، واثرها في تقدم الامم ويضرب المثل بالحركة النقابية في بريطانيا واخيرا يظهر كيف ان العلماء والفلاسفة والمخترعين والادباء والدعاة هم الذين بدأوا العصر الحديث واقاموا لحمه وسداه وجمعوا العلم والعمل وجعلوا العلم في خدمة الحياة فجاوزوا ما وصل اليه سليمان في القديم، وضرب المثل بالادب الروسي وكيف انه حافظ على معنويات الشعب وسط ظلمات الحكم القيصري الاوتوقراطي حتى هيأ الشعب للثورة في مارس (آذار) 1917.