تقرير أميركي يبحث دور رجال الدين في الإسهام لحل مشكلة الشرق الاوسط

TT

اصدر معهد السلام في واشنطن، الذي تموله الحكومة الأميركية، تقريراً عن إمكانية إسهام رجال الدين المسلمين والمسيحيين واليهود، في الوصول إلى حل للمشكلة بين الفلسطينيين وإسرائيل. والتقرير امتداد لمؤتمرات عقدها المعهد للبحث في دور الدين في حل المشاكل الإقليمية والداخلية، وذلك بعد أن أعلن المعهد برنامج «مبادرة الدين والسلام». وقال الدكتور ديفيد سموك، مدير البرنامج: «معهد السلام يأمل في أن يساهم هذا التقرير في عكس الأضواء على الجهود الدينية التي نقوم بها، على أمل أن ينضم إلينا آخرون». ونورد هنا مقتطفات من هذا التقرير: في شأن الدين والسياسة، يشير التقرير إلى أن «الصلة بين الدين والسلام معقدة، لأن الدين، في جانب، يساهم في خلق المشاكل وإعلان الحروب، وفي الجانب الآخر، يمكن أن يوقفها بسبب رسالة السلام والتسامح التي يدعو لها. مثل ما حدث في ايرلندا الشمالية، حيث ان اساس المشكلة ديني، لكن رجال الدين، خلال السنوات الأخيرة، ساهموا في عملية السلام هناك. ومعهد السلام يأمل أن يحدث شيء مماثل في المشكلة بين الفلسطينيين وإسرائيل، التي للدين دور في خلقها، ويمكن أن يكون له دور في حلها. وهذا استمرار لدراسات سابقة لمعهد السلام عن دور رجال الدين في حل مشاكل مماثلة في السودان ونيجيريا وسري لانكا ولبنان وماقدونيا والبوسنة.

وعكس الشعوب الغربية الليبرالية فإن كثيرا من الفلسطينيين واليهود لا يفصل بين الدين والدولة فصلاً تاماً، وذلك لأن تفسير الجانبين للدين يجعله شاملا لكل شيء. وأيضاً لأن تفسيرهما للدولة يجعلها تابعة للعقيدة، وفي كل منطقة الشرق الأوسط، يعتبر الدين موضوعاً شاملاً، وليس مجرد صلة خاصة بين الشخص وخالقه.

وأوضح التقرير أن «هناك محاسن ومساوئ لربط شعوب الشرق الأوسط بين الدين والدولة، مثل محاسن ومساوئ النظام الأميركي، الذي يفصل بين الدين والحكومة، رغم ان الأميركيين يعتقدون أن نظامهم هو الأحسن. حتى في إسرائيل، وهي غربية أكثر من الدول العربية، دور الدين في السياسة أكبر منه في أميركا، وإسرائيل نفسها، كدولة يهودية، قامت على فكرة وضعية لها جذور دينية. لكن بعض الناس يستغل الدين لخدمة أهداف سياسية، أو، في الجانب الآخر، يضع السياسة رهينة للانتماء الديني. وهذه ظاهرة واضحة في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت ارض المعارك الدينية عبر القرون ولا تزال.

«وللأسباب السابقة، يفضل بعض الناس تحاشي رجال الدين في محاولات حل مشاكل المنطقة، ومن بين هؤلاء الناس السياسيون الذين يشكون في نيات رجال الدين، ويخافون أن يكونوا هم الضحايا، ويفضلون تحقيق الحل بأنفسهم ليضمنوا زيادة قوتهم السياسية..».

وقال إنه «منذ 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، بدأ نقاش عن الصلة بين الدين والوطنية، وعن دور الدين التناقضي: في جانب، يبث رغبات نبيلة وإنسانية، وفي نفس الوقت، يستعمل للقيام بأعمال يراهاالآخرون جرائم. لكن لا يجب إهمال الدين، والجوانب النبيلة والإنسانية فيه إذا كان سيساهم في تحقيق السلام في أي مكان وزمان، خاصة إذا كان سيساهم في حل المشكلة بين إسرائيل والفلسطينيين. معنى هذا، ان في الإمكان الاستفادة من مبادئ الإسلام واليهودية (لأن أغلبية المسلمين فلسطينيون، وأغلبية الاسرائيليين يهود)، مع الاستفادة من مساهمات المسيحيين. واتفاقية اوسلو بين اسرائيل والفلسطينيين فشلت لأنها كانت اتفاقية وضعية لحل مشكلة ذات جذور دينية عميقة. ومحاولة «خريطة الطريق»، التي تقودها أميركا، ستواجه المصير نفسه، إذا لم تضع في الاعتبار الجوانب الروحية للأطراف المعنية.

وأشار التقرير إلى أن «كثير من مشاكل المنطقة تحتاج إلى حلول روحية، لا إلى حلول سياسية فقط. مثل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في حرب سنة 1948، ومشكلة اليهود الذين لجأوا إلى اسرائيل من الدول العربية، والاحتلال الاسرائيلي الطويل، والقاسي، والمذل للاراضي الفلسطينية منذ حرب سنة 1967، والخوف والعنف والغضب المتبادل، وقتل المدنيين، ورفض كل جانب ان تكون للآخر دولة مستقلة ذات سيادة. لهذا فإن المحاولات الرسمية لحل هذه المشاكل لا بد أن تشمل رجال الدين في الدول المعنية، وذلك لإعطاء هذه المحاولات شرعية في المواضيع الدينية، مثل مستقبل القدس، ووصول المسلمين واليهود إلى أماكنهم المقدسة، ووضع الحرم الشريف والمعبد اليهودي، وحتى المواضيع غير الدينية، مثل الهويات الوطنية والدساتير والمواثيق، لها صلة بالقيم والأخلاقيات، والدين مصدر رئيسي لهذه..».

وقدم التقرير بعض الاقتراحات في هذا الخصوص، منها:

أولا: إجراء اتصالات دينية موازية مع كل اتصالات دبلوماسية بين الأطراف المعنية.

ثانيا: ابتعاد الذين يشتركون في هذه الاتصالات الدينية عن الأضواء الإعلامية.

ثالثا: اشتراك رجال الدين من الجانبين في حوارات مع منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات العالمية غير الحكومية.

رابعا: التركيز على المبادئ الدينية التي تشترك فيها كل الأطراف، وتحاشي التفاصيل التي تختلف عليها.

خامسا: اشتراك منظمات دينية عالمية في الجهود، مثل المؤتمر العالمي للدين والسلام، والاتحاد الدولي للدين والحرية.

سادسا: بداية حملات مشتركة لرجال الدين في الدول المعنية لإقناع السياسيين في تلك الدول بأن الدين يمكن أن يقود إلى الحل.