مفتي بنيالوكا يدعو المسلمين للتبرع لمشروع إعادة جامع الفرهادية التاريخي

الشيخ تشامجيتش: اليونسكو مطالبة بالقيام بواجباتها نحو المعالم الأثرية في البوسنة والهرسك

TT

دعا مفتي بنيالوكا البوسنية الواقعة تحت السيطرة الصربية حاليا المسلمين الى التبرع لمشروع اعادة بناء جامع الفرهادية التاريخي، والذي هدمه الصرب بواسطة المتفجرات سنة 1993 وحولوا ساحاته الى موقف للسيارات. كما دعا في مقابلة اجرتها معه «الشرق الأوسط» اثناء وجوده بسراييفو للاجتماع برئيس العلماء الدكتور مصطفى تسيريتش، منظمة اليونسكو «للقيام بواجباتها تجاه المعالم الاثرية في البوسنة وفي مقدمتها جامع الفرهادية ببنيالوكا».

وقال المفتي أدهم تشامجيتش «أحوال المسلمين في بنيالوكا تتحسن من حسن الى احسن، وقد بدأنا باعادة بناء المساجد في السنوات الثلاث الماضية على وجه الخصوص، وفي السنتين الاخريين شهدت بنيالوكا حركة دؤوبة لاعادة بناء المساجد التي تم تهديمها، أو تفجيرها بالديناميت، أو تم قصفها بالمدافع والدبابات والطائرات اثناء العدوان على البوسنة» وعن عدد المساجد التي تم هدمها أو قصفها بالاسلحة الثقيلة في بنيالوكا، وعما اذا كانت بعض المساجد ظلت سليمة قال «جميع المساجد وعددها 106 مساجد تم هدمها جميعا، وقد تمكنا بعون الله من اعادة بناء 54 مسجدا. اما في داخل مدينة بنيالوكا فقد اعدنا بناء 11 مسجدا من اصل 16 مسجدا» وقال «هناك مشكلة وهي ان المساجد التي تم اعادة بنائها، مساجد صغيرة، استطاع الاهالي وبعض المحسنين من العالم الاسلامي اعادة بنائها، لكن المساجد الكبيرة التي تحتاج لدعم مالي قوي، أو المساجد المركزية كجامع الفرهادية لا تزال تنتظر من يعيد بناءها، وتحتاج لمبالغ كبيرة». وعن المبلغ المطلوب لاعادة بناء جامع الفرهادية قال مفتى بنيالوكا الشيخ تشامجيتش: «يحتاج جامع الفرهادية لستة ملايين يورو، وهذا مبلغ كبير بالنسبة لنا، ولا نستطيع توفيره بدون مساعدة ودعم من اخواننا، ونحن نعتبر جامع الفرهادية من أهم المساجد في بنيالوكا وفي البوسنة واعادة بنائه يمثل فتحا جديدا للمسلمين في منطقة البلقان. فهو يقع في وسط المدينة ومن شأن بنائه ان ينشر التسامح والمصالحة بين المكونات الاثنية في البوسنة والمنطقة، خاصة سكان بنيالوكا وهذا اكبر تحد لنا». وعن ما اعلنته بعض الجهات، العربية والاوروبية من استعداد للمساعدة في اعادة بناء جامع الفرهادية قال المفتي تشامجيتش: «خاطبنا جهات كثيرة، وسمعنا ردودا مطمئنة، ولكننا لم نلمس اي التزام بتلك الوعود حتى الآن» وعلق قائلا: «قضية المساجد واعادة بنائها، خاصة التي تعرضت لعدوان خارجي اجرامي هي قضية جميع المسلمين وقضية كل مسلم، وهذا ما يجب التنبيه اليه، فالمساجد في اي مكان من العالم عندما تتعرض للعدوان، يتعرض تبعا لذلك ايمان كل مسلم لامتحان صعب، يبرهن فيه بشكل عملي عن مدى انتمائه للاسلام، ومدى غيرته على حرماته وعندما يشرع في اعادة بناء ذلك الجامع يتعرض ايمان المسلم ايضا لامتحان، وهو مدى مساهمته في اعادة بنائه، ولو بالكلمة ودعوة اهل الخير للتبرع، لذلك نعتقد بأن مسجد الفرهادية في قلب كل مسلم، سواء كان في البوسنة أو في أوروبا أو اميركا، أو العالم الاسلامي بما فيه اخواننا العرب».

وعن رمزية جامع الفرهادية قال: «مضى أكثر من 500 عام على بناء الفرهادية أول مرة، وهو رمز الحضارة الاسلامية في البوسنة والهرسك ومنطقة البلقان، واعادة بنائه دليل على قدرة الاسلام على النهوض في كل مرة يتعرض فيها لعدوان مدمر بأفضل مما كان عليه، وهذه حقيقة يثبت فيها الاسلام قدرته على البقاء وانتصاره على اعدائه في الداخل والخارج». واشار المفتي تشامجيتش الى اجتماع عقده المسلمون ببنيالوكا وطالبوا فيه بضرورة اعادة بناء الفرهادية فقلت لهم «ليس عندنا اموال لذلك». وعن حركة عودة المهجرين لبنيالوكا قال المفتي: «اعادة بناء جامع الفرهادية ستشجع 80 الف مسلم للعودة لداخل المدينة، فهو احد معالم بنيالوكا التاريخية والحضارية وأهم رموز الهوية الثقافية للمسلمين في المدينة والبوسنة، والحمد لله بدأ المسلمون يعودون لبنيالوكا بعد بناء 11 مسجدا ولكنهم لا يزالون متخوفين، ويمكن لهذا الخوف ان يزول ببناء جامع الفرهادية، وسيعودون بأسرع وقت لأن بناء المساجد، يشجع المسلمين للعودة لتلك المناطق التي هجروا منها، وكان تهجيرهم قد تم بعد هدم المساجد، حيث ادركوا ان لا بقاء لهم بدون مساجد وعاد حتى الآن عدد كبير منهم بلغ 12 الف عائد، كانوا خارج البوسنة، كما عاد عدد كبير من المهجرين الذين لجأوا الى مناطق اخرى داخل البوسنة، ونحن نرجو من المسلمين في كل مكان مساعدتنا في اعادة بناء الفرهادية وما تبقى من مساجد أخرى». وعن عدد الدعاة الذين يرغبون بالعمل داخل بنيالوكا ويساعدون المسلمين على فهم وتعلم دينهم قال: «قبل اربع سنوات لم يكن ببنيالوكا سوى امام واحد، اما الآن فيوجد 34 اماما وجميعهم من الشباب الذي يتقد حماسة ويرغب في خدمة المسلمين ببنيالوكا، خاصة ابناء المسلمين في المدارس الحكومية والمساجد». وحول ما اذا كانت هناك مخاوف من تكرار ما حدث يوم 7 مايو 2000 عندما اضرم الصرب النار في حافلات وسيارات تابعة لمسلمين جاءوا لحضور احتفالات وضع حجر الاساس لجامع الفرهادية قال: «هذه الاحداث لن تتكرر، وسيدفع الصرب تعويضات عن الخسائر، وهذا ما نعتقده، لكن القضية لا تزال في يد القضاء». وعما اذا كان هناك مشاكل داخل المدارس في بنيالوكا التي يسيطر عليها الصرب، او اعتداءات على اطفال المسلمين هناك كما هو الحال في بريتشكو وغيرها من المناطق، نفى الشيخ ادهم تشامجيتش وجود مشاكل، وقال: «لدينا مدرسو تربية اسلامية يقومون بتوعية اطفال المسلمين داخل المدارس الحكومية والحمد لله لا توجد اي اعتداءات حتى الآن، في مناطق «كوتر فرش» و«برنايور» و«بوسانسكا جراديكا» يوجد اكثر من 400 طالب مسلم يتلقون في الاسبوع ثلاث حصص دينية اسلامية. وعن ما يمكن ان تحدثه المناهج الدراسية من بلبلة داخل صفوف الطلبة المسلمين، لا سيما الاحداث التاريخية قال «هناك منهج دراسي موحد في كل البوسنة والهرسك اعتمدته الحكومة المركزية، وما يدرس في سراييفو يدرس في بنيالوكا». وعن الاوضاع الاقتصادية للمسلمين في بنيالوكا قال الشيخ تشامجيتش: «هناك معاناة حقيقية، حيث ان المسلمين والكاثوليك لا يزالون محرومين من العمل ولم يتمكنوا حتى الآن من العودة الى مراكز عملهم الاصلية قبل الحرب، ولذلك هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة يعاني منها العائدون لبنيالوكا»، واعرب عن أمله في ان تحل هذه الاشكالية الكبيرة ويتمكن المفصولون من وظائفهم لاسباب طائفية من العودة الى مقار اعمالهم السابقة.