هل الديمقراطية عند الإسلاميين «خيار استراتيجي» أم «تكتيك مرحلي» لمجرد الوصول إلى السلطة؟

نواف القديمي

TT

مع كون الطيف الإسلامي الأوسع في العالم العربي بات يعلن إيمانه العميق بالديمقراطية كخيار استراتيجي في الممارسة السياسية وتداول السلطة، إلا أن التساؤل عن مدى جدية الإسلاميين في قبول الديمقراطية ما زال مشروعاً ومتداولاً في الدوائر الفكرية والسياسية في العالم العربي. مسوغات هذا التساؤل كما يراها البعض نشأت من كون الجدل حول «مشروعية» و«جدوى» الديمقراطية ما زال محتدماً داخل أروقة الحركات والجماعات الإسلامية حتى تلك التي تعلن قبولها التام بالديمقراطية. وهو ما يشير بوضوح إلى وجود اتجاهات وجيوب وتكتلات داخل تلك الحركات والجماعات لا تؤمن بالديمقراطية إطلاقاً أو تؤمن بها كتكتيك مرحلي ينتهي حال الوصول للسلطة; أو تقبل بالديمقراطية المشروطة بقبول جميع الفرقاء السياسيين بسقف المرجعية الإسلامية، الأمر الذي يفرغ الديمقراطية من مضمونها وينزع مشروعية العمل السياسي عن كل التيارات والأحزاب غير الإسلامية. وهو ما يجعل «الخيار الديمقراطي» للحركات والجماعات الإسلامية مرتهناً بمدى قوة ونفوذ واتساع هذه الاتجاهات والتكتلات غير الديمقراطية داخلها.

يسند هذا التوجس والقلق من «ديمقراطية الإسلاميين» مجموعة من التجارب والممارسات، بعضها كان بالغ الوضوح كتصريح أحد زعماء الحركة الإسلامية الجزائرية غداة فوز «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في انتخابات عام 1991م أن هذه ستكون آخر انتخابات تجرى في الجزائر. أو كما فعل الإسلاميون بعد وصولهم للسلطة في إيران والسودان. الأمر الذي يجعل الشك والقلق من جدية الخيار الديمقراطي عند الإسلاميين أمراً مبرراً ومشروعاً.

ولكن من ناحية أخرى ألا يصب هذا التشكيك المتواصل بـ«ديمقراطية الإسلاميين» في اتجاه تسويغ الاستبداد والكبت والإقصاء الذي يمارس على الحركات الإسلامية من جانب بعض الأنظمة السياسية في العالم العربي؟

أليس التساؤل مشروعا أيضاً عن الدوافع وراء هذا التشكيك وهل يخفي وراءه خوفاً حقيقياً من الامتداد الكبير للقوى الإسلامية في المجتمعات العربية، الأمر الذي سيحقق لها اكتساحاً سهلاً في أي انتخابات تقوم على ديمقراطية حقيقية تعطي جميع الفرقاء السياسيين حق التحرك من دون قيود في الشارع العربي؟

ألا يمثل الإسلاميون اليوم أكثر القوى مطالبة بالديمقراطية في المجتمع العربي وأكثر القوى تضرراً من غيابها في الوقت الذي تُشرِّع فيه كثير من القوى والأحزاب العربية ـ حتى الليبرالية منها ـ الإقصاء والتضييق الذي يمارس ضد الإسلاميين؟

ويبقى السؤال: هل الديمقراطية عند الإسلاميين «خيار استراتيجي» أم «تكتيك مرحلي» ينتهي بمجرد حصول مكاسبها المتمثلة بالوصول للسلطة؟