وجمال بنون وماجد الكناني ومنيف الصفوقي وأحمد عزوز
مصورون: محمد علي الشنقيطي وغازي مهدي وعدنان مهدلي
منى: «الشرق الأوسط»
اليوم هو ثاني ايام التشريق الثلاثة حيث ينهي أغلب الحجاج مراسم حجهم الشرعي بتعجلهم بعد رمي الجمرات الثلاث ومغادرة منى قبل غروب شمس هذا اليوم كي لا يترتب عليهم البيات ورمي الجمار مرة أخرى يوم غد، وهذا ما ينعكس على تدفق الجحافل البشرية على جسر الجمرات منتصف نهار هذا اليوم، وقد رفعت السلطات الامنية السعودية أهبة استعداداتها البشرية والآلية مدعمة من كافة القطاعات الأمنية والعسكرية من شرطة ودفاع مدني وجيش وحرس وطني بالاضافة لأفراد الكشافة الهلال الأحمر السعودي حول مدخل ومخرج جسر الجمرات كنوع من التحوط ولمنع اي بوادر وقوع تصادم بين الحجاج نتيجة التزاحم في هذا اليوم، ويعرف هذا اليوم بـ«يوم التعجل»، حيث يتوجه الحجاج الى مكة المكرمة بعد الرمي لطواف الوداع ومن ثم الاستعداد للعودة الى اوطانهم.
وهناك من الحجاج من سيقضي ليلته الثالثة من ليالي التشريق ويؤدي رمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم العقبة.
وستشهد الشوارع المؤدية إلى مكة المكرمة ازدحاما يفوق يوم التروية، فيما سيقرر بعض الحجاج ممن له دراية بمداخل مدينة مكة المكرمة السير على الأقدام إلى حيث سكنه تجنبا للازدحام أو الإشكال الشرعي إذا ما توقفت الحافلة التي تقله في جزء من حدود منى الشرعية، فيما عكف العديد منهم ليلة أمس على حزم أمتعته وارسالها إلى مكة أو إلى حيث مقر البعثة التي يتبع لها حتى يتفرغ للرمي ومن ثم الذهاب إلى مكة. وقد حذر العلماء الحجاج من مغبة التدافع في سبيل تعجلهم وما قد يلحق بهم من آثام جراء تعرض اخوتهم من ضيوف لحوادث الموت والاختناق، مشيرين إلى أن وقت الرمي للمعذورين ومنهم النساء والأطفال والعجزة والمعوقين والمرضى ويشمل هذا المرافقين الأصحاء يجوز بالنسبة للشافعية حيث أجازه الإمام الشافعي وجمع من التابعين بل ومن العماء المعاصرين، وفي هذا ذهب أبو حنيفة في احدى رواياته لجواز الرمي قبل الزوال في ايام التشريق الثلاثة والتي ضمنها هذا اليوم المعروف بالتعجل، كما أجازه ابن الزاغوني الحنبلي في منسكه والمتمثل في رمي الجمرات منذ يوم النحر وسائر الأيام قبل الزوال. ومن العلماء المعاصرين الشيخ عبد الله آل محمود الذي الف رسالة بالجواز وجهها إلى علماء السعودية وأيده في هذا الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ عبد الله الأنصاري.
ولتفادي الازدحام والاختناق ومواجهة خطر الموت والإصابة، أشار مصدر في مركز القيادة والسيطرة التابع لوزارة الداخلية أنه تم نشر عدد كبير من قوات امن الطوارئ حول الجسر لتنظيم عملية دخول الحجاج وخروجهم من الجسر، ومنعهم في حال احتاج الامر الى ذلك لفك الاختناقات المتوقعة، اضافة الى انتشار افراد الشرطة والمرور التابعين لجهاز الامن العام على طول الطرق المؤدية الى مكة المكرمة التي سيتجه اليها الحجاج لاداء طواف الوداع، متممين بذلك فريضتهم، فيما يفضل قسم آخر من الحجاج البقاء في منى حتى اليوم الثالث من ايام التشريق.
واكد المسؤولون في الامن العام ووزارة الحج جاهزية جسر الجمرات لاستقبال مئات الآلاف من الحجاج المتوقع قدومهم اليوم، واوضحوا ان جميع الضوابط والاجراءات تم اتخاذها مبكرا في تنفيذ التنظيم الجديد لتفويج الحجاج في «يوم التعجل» لضمان سلامتهم في عملية الرمي، كما تم وضع خطة طوارئ تحسبا لأي عقبة قد تواجه الحجاج. وفيما يخص مشروع السعودية للافادة من مشروع المملكة العربية السعودية للافادة من لحوم الهدي والاضاحي والذي مر على إقامته 21 عاما تنهي غدا المجازر التابعة للمشروع عملها الذي بدأ أول أيام عيد الاضحى المبارك ذبح ونحر 700 ألف رأس من الاغنام والجمال والابقار، وتتكون المجازر التابعة لمشروع المملكة للافادة من لحوم الهدي والاضاحي من نوعين يتضمن النوع الاول مجازر مفتوحة وهي مجازر الجمال والابقار والمجزرة الحديثة فيما يتضمن النوع الثاني مجازر التوكيل المغلقة وهي مجزرة المعيصم النموذجية رقم 1 ومجزرة المعيصم رقم 2 ومجزرة وادي محسر رقم 3. وبدأ البنك اعتبارا من امس في توزيع اللحوم الطازجة على فقراء الحرم في مكة المكرمة وعلى الحجاج في المشاعر المقدسة فيما سيبدأ اعتبارا من اليوم ثالث ايام عيد الاضحى عملية التوزيع الخارجي لشحنات اللحوم المبردة لمستحقيها في أكثر من 26 دولة من الدول الإسلامية بإشراف مباشر من البنك إضافة إلى دعم جمعيات البر الخيرية في جميع مناطق السعودية بالكميات المناسبة.
وحول الخدمات العامة والتموينية أكد الدكتور خالد نحاس أمين العاصمة المقدسة أن عدد مواقع المحلات الموسمية لبيع انواع المواد الغذائية والوجبات الجاهزة والبرادات الحاوية للمواد الغذائية المبردة في نطاق المشاعر المقدسة بلغ في هذا الموسم 576 موقعاً للمحلات الموسمية بالاضافة الى عدد من المواقع في مشعر منى خصصت للبنك الاسلامي للتنمية وذلك لبيع سندات لحوم الهدي والاضاحي.
مشيرا الى أن عدد البرادات المحملة بالمواد الغذائية المبردة بلغ 125 تم توزيعها ضمن نطاق المشاعر لتغطي جميع ارجاء المنطقة، مشيرا الى أنه تم إقامة 26 فرعا من المخابز الكبيرة المتخصصة وذلك ضمن اهتمام وحرص الأمانة في توفير اكبر قدر ممكن من المواد الغذائية التي يحتاجها ضيوف الرحمن خلال ايام التشريق وبمواصفات ونوعية جيدة.
كذلك دعمت الادارة العامة لصحة البيئة التابعة للأمانة مراكز الخدمات الموجودة في المشاعر المقدسة بعدد من المراقبين الصحيين المتخصصين وذلك لمتابعة المحلات الغذائية والمطاعم واماكن الحلاقين والتأكد من استيفائها للشروط الصحية، ولهذا الغرض تم تجنيد فرد من جامعة ام القرى وجامعة الملك عبد العزيز والمعهد الصحي وعدد من المشرفين والمراقبين الصحيين.
أما الموقف التمويني فقد أكد فرع وزارة التجارة السعودية في مكة المكرمة ان عدد الوجبات الغذائية للحجاج في موسم هذا العام وصل الى مليوني وجبة يومية منتجة من قبل الشركات والمؤسسات المتخصصة في التغذية، وأشار مسؤولون في الفرع الى ان الموقف التمويني لموسم حج هذا العام سيلبي حاجة الحجاج، اذ تتوافر مائة شاحنة سعة 40 قدما مكعبا محملة بمختلف المواد الغذائية ومتطلبات الحجاج وكذلك العديد من المحال التجارية في الجانب الجنوبي لجسر الجمرات تسندها وتدعمها اكثر من 1500 وحدة متنقلة تجوب عرفة ومزدلفة ومنى لتقديم الوجبات الخفيفة.
ويبلغ عدد المحلات التجارية في المشاعر المقدسة لحج هذا العام 680 محلا تجاريا تتوافر فيها كافة المواد الغذائية والتموينية، من بينها 70 محلا مخصصا لانتاج المواد الغذائية والمطهية، حيث تنتج وتقدم هذه المحلات المواد الغذائية والمطهية في المواقع المخصصة داخل المشاعر المقدسة وخارجها لنحو مليوني حاج.
وللقضاء على مشكلة الحجاج الذين يتوهون عن مقار بعثات حجهم نفذت جمعية الكشافة السعودية برنامجمها (جي آي إس) على خرائط المشاعر في منى، وتولى فريق العمل باللجنة الهندسية الذي يرأسه الدكتور حمزة غلمان في معسكرات الخدمة العامة بالتعاون مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج تنفيذ المشروع بعد أن تم جمع المعلومات والبيانات من لجان المسح في كل من منى وعرفات على مدى الايام الماضية، ويقوم البرنامج بربط المعلومات والبيانات بالخرائط مباشرة حيث يمكن تحديد جميع المعلومات الخاصة بالحاج التائه من خلال الضغط بالمؤشر على الخريطة واصدار بيان كامل لموقع الحاج التائه ليقوم الكشاف بايصاله، كذلك اصدار بيانات كاملة عن موقع التائه من خلال ذكره لبعض المعلومات عن مخيمه التي يعتمد عليها الحاسب في تحديد بقية المعلومات وهذه الطريقة نجحت في عرفات حيث تم ارشاد أكثر من 45 طفلا تائها واعادتهم لذويهم قبل النفرة إلى مزدلفة.
ومن الجهود المبذولة التي قامت بها بعض القطاعات في هذا الموسم الدور الملموس الذي اطلع به معهد خادم الحرمين الشريفين لابحاث الحج التابعة لجامعة ام القرى في مكة المكرمة، حيث وزع المركز الخرائط الإرشادية على الحجاج في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والتي تحتوي على معلومات عن مواقع اسكان الحجاج واسماء الشوارع المؤدية لها اضافة الى مواقع مواقف السيارات لحجاج البر، ووفقا لعميد المعهد الدكتور اسامة البار فقد تم توزيع اكثر من 100 الف نسخة من هذه الخرائط على الحجاج ومؤسسات الطوافة والجهات ذات العلاقة من اجل خدمتهم وتسهيل ادلالهم على مواقع الخدمات المقدمة للحجاج.