منى.. بقعة صغيرة تحتضن جموعا كبيرة

TT

يتجمع في منى قرابة ثلاثة ملايين حاج من جميع انحاء العالم اضافة الى الآلاف المؤلفة من رجال الأمن بكافة قطاعاته واجهزته واداراته والقوات المسلحة السعودية والحرس الوطني الذين يبذلون اقصى ما في جهدهم لخدمة هذه الملايين، وبالطبع آلاف أخرى من القطاعات الأخرى الصحية والخدمية والقطاعات الخاصة والعمال، وتعد منى ـ وهي اقرب مناطق المشاعر المقدسة الى مكة المكرمة ـ نحو سبعة كيلومترات، شمال شرقي الحرم والتي يقضي فيها الحجاج يوم التروية الذي يوافق (الثامن من ذي الحجة)، ويعودون اليها بعد نفرتهم الكبرى من عرفات مرورا بمزدلفة التي تعد امتدادا طبيعيا لمنى، وذلك لرمي الجمرة الكبرى اقتداء بسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله سيدنا ابراهيم عليه السلام.

ومشعر منى يتكون من واد تحيط به التلال، حيث تحدها من الجهتين الشمالية والجنوبية جبال شاهقة شديدة الانحدار، كذلك يحدها وادي محسر من الجهة الشرقية، وتقدر مساحة المشعر الشرعية بنحو 650 هكتارا، منها 380 هكتارا من الاراضي المنبسطة في الوادي، ومن 200 الى 300 هكتار من سفوح الجبال، حيث تقسم استخدامات الاراضي الى مناطق المخيمات. وتعتبر الاراضي المنبسطة من الوادي اراضي للمخيمات، تتكون من صفوف منظمة ومتلاحمة من الخيام التي تحيط بفناء متسع تقام فيه خيمة عامة للاستقبال والصلاة وايضا لتناول الطعام، في حين يتم تخصيص جزء لاعداد الطعام في مكان آخر من الفناء، الذي يبعد عنه دورات المياه، وتتراوح احجام المخيمات بين 10 الى 500 خيمة تبعا للمطوفين وقدراتهم، وعادة ما تكون الخيمة مربعة الاضلاع 4 * 4 امتار مربعة.

وتقع منطقة الجمرات في الجزء الغربي من منى ومساحتها 20 هكتارا، وبها الجمرات الثلاث، الجمرة الاولى وهي جمرة العقبة، غرب الوادي على الممر الضيق المؤدي الى مكة المكرمة، تليها الجمرة الوسطى على مسافة 130 مترا، وتقع على البعد نفسه الجمرة الصغرى. ويقصد جموع الحجاج منطقة الجمرات في ايام التشريق، تماشيا مع سنة ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. والى وقت قريب كانت منطقة الجمرات تعتبر منطقة سكنية، حيث كان يسكنها ابناء قبائل قريش توارثوها أباً عن جد، إلا ان التوسع الاخير قضى بأن يتم اخلاء هذه المنطقة تماما وتفريغها لأداء النسك، حيث تنازل اصحابها عنها وبطيب خاطر.

فيما كانت منطقة النحر والمخصصة للأضاحي في الماضي بالقرب من الجمرات، حيث يقوم الحاج بالذبح بعد رميه لجمرة العقبة الكبرى وهو في طريقه لأداء طواف الافاضة بالحرم المكي أو عند عودته منها، إلا انه تم نقلها قبل عقدين تقريبا الى شرق وادي منى، وتم تخصيص مساحة كبيرة لهذا الغرض، وقد امتدت تلك المنطقة من خلال مجازر المعيصم في الشمال والشرق والجنوب الشرقي. مسجد الخيف، ويقع جنوب غرب منطقة الجمرات على بعد 100 متر تقريبا، وقد كان المسجد صغيرا له قبة وتم انشاؤه في المكان الذي اقام فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خيمته، ولكن في وقتنا الحاضر فقد انشئ مسجد ضخم يتسع لاعداد كبيرة من الحجاج، حيث تقام فيه صلاة عيد الاضحى لمن لم يذهب الى المسجد الحرام، وايضا تقع مقبرة الحجاج بمنى في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد.

ولزيادة استيعاب هذا المشعر المهم للجموع الهائلة من الحجاج، عمدت الحكومة السعودية الى توسيعه بازالة بعض التلال الداخلة ضمن الحدود الشرعية في منى، وتم في هذا الصدد تهذيب عدد من سفوح الجبال لتوسعة المساحات المستوية وزيادة أماكن التخييم، ولهذا الغرض تم تنفيذ عدد من مشاريع قطع الصخور حتى بلغت المساحة المستفادة من هذا المشروع 750 الف متر مربع، وبتكلفة قدرها 200 مليون ريال، كما تم تثبيت الصخور المتفككة بجبال منى في اكثر من 13 موقعا.