الحكومة السعودية تولي عناية خاصة بمشروب الحاج الأول «زمزم» ومكتب الزمازمة الموحد الجهة الوحيدة المخولة بسقيا الحجاج

TT

يحرص حجاج بيت الله الحرام وزواره والمعتمرون وجميع المسلمين في انحاء العالم على شرب ماء زمزم والتبرك به، وذلك على مختلف العصور، ويعتبر المسلمون أن لماء زمزم فوائد عظيمة وكثيرة مستشهدين في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم «خير ماء على وجه الارض ماء زمزم» ولا يعود حاج او معتمر او زائر لمكة المكرمة الا ومعه مقدار من الماء ليكون خير هدية من خير ارض وبقعة البركة والكثير منهم بغرض الاستشفاء، ومصداق ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «ماء زمزم لما شرب له» وقد عرف زمزم عبر القرون بنقاوته وعدم تأثره بالشوائب والرواسب، ويتميز بوفرته رغم كثرة استخدامه من قبل الزوار والمعتمرين واهالي البلد.

وتولي الحكومة السعودية عناية خاصة بزمزم حيث انشأت جهة مخولة بسقيا الحجاج تتمثل في مكتب الزمازمة الموحد الذي يزود الحجاج بماء زمزم طيلة فترة وجودهم بمكة المكرمة منذ لحظة وصولهم للاراضي المقدسة واستقبالهم بمراكز التوجيه على مداخل المدينة المقدسة وتوديعهم ايضا بشربة من ماء زمزم.

كما يقدم المكتب لضيوف الرحمن عند مغادرتهم هدية عبارة عن عبوات بلاستيكية مختلفة الاحجام معبأة بماء زمزم تتم تعبئتها بالاتفاق مع احد المصانع السعودية الحائزة شهادة الايزو العالمية لتكون اجمل هدية يحملها الحاج معه الى بلاده ليقدمها لأهله.

وقد شهدت بئر زمزم على مر العصور العديد من التطويرات، ففي خلافة هارون الرشيد ضرب فيها عدة اذرع، وفي خلافة المهدي ايضا، وقل ماء زمزم في عهد الامين فضرب في البئر حتى سجل غورها من رأسه الى الجبل اربعين ذراعا كله بنيان وما بقي منه فهو جبل منقول وهو تسعة وعشرون ذراعا. وفي عام 1399هـ سجل عمق الماء في البئر 18.6 متر وكانت تجري في ذلك الوقت اعمال التوسعة الثانية للمطاف وما تبعها من اعمال حفر حول بئر زمزم.

وكانت بئر زمزم مكشوفة حتى عهد الخليفة المعتصم واجريت العديد من الترميمات واعمال التطوير بعد ذلك حتى هذا العهد الذي خص الله عز وجل المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين.

ففي عام 1957 حينما كانت الحكومة السعودية تنفذ التوسعة الاولى في المطاف وضع تصميم فريد لبئر زمزم روعي فيه ازالة ما يضيف على الطائفين وذلك بوضع بيت زمزم تحت الارض واصبح سقف المبنى مساويا لأرض المطاف، كما جعل للبئر جدار من الخرسانة مكسو بالرخام.

وحرصت السعودية على جعل ماء زمزم في متناول جميع الحجاج والمعتمرين بطريقة سهلة فتم وضع مجمعات مياه زمزم المبردة في عدد من المواقع داخل المسجد الحرام وخارجه من خلال مجمعات مياه زمزم المنتشرة في كافة انحاء الحرم، ويتم توزيع مياه زمزم عن طريق منطقة البئر الرئيسية (زمزم الام).

وقد امر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، من منطلق اهتمامه بزمزم، بانشاء محطة لتبريد المياه مزودة بأحدث وسائل التبريد بالاضافة الى تكييف منطقة البئر الام بالهواء البارد حيث يتم نقل مياه زمزم من البئر الام بواسطة مضخات الى محطة التبريد عبر انابيب من الصلب المصنوعة خصيصا ضد الصدأ والتي تمر داخل نفق تم انشاؤه تحت الارض من موقع البئر داخل الحرم حتى موقع المحطة في المروة حيث ينتقل ماء زمزم خلال هذه الانابيب الى خزانات ومن ثم تعود مياه زمزم بواسطة مضخات الضغط بعد تبريدها الى اماكن التوزيع والمجمعات المخصصة لها في جميع اروقة الحرم والى مجمع البئر الام حتى يتمكن الحجاج وزوار الحرم المكي الشريف من الحصول على ماء زمزم مبرداً آلياً وبأحدث الاجهزة المتطورة.

ويحتوي مشروع تبريد مياه زمزم على محطة مزودة بالحاسب الآلي وغرفة للتحكم لتوضيح حالة كل منطقة ودرجة برودة كل المياه عند كل منهل ويرتبط مبنى المحطة بشبكة للتيار الكهربائي قدرتها 2500 كيلوفولت امبير، وتتكون محطة تبريد مياه زمزم التي بلغت تكلفتها الاجمالية اكثر من اي شوائب بواسطة الاشعة فوق البنفسجية ومحطة لتبريد المياه وتتألف من تسع مكائن للتبريد تعمل على ضغط المياه المبردة بالاضافة الى محطة تجميع المعلومات بالحاسب الآلي التي تقوم بمراقبة كاملة للمشروع.

اما سقيا زمزم فقد مرت بأساليب ومراحل متعددة على مدى التاريخ حيث كانت في العهد العباسي تتم عن طريق نضح الماء من البئر ووضعه في احواض ثم تطورت الطريقة وتم وضع الماء في خزانات مكشوفة ذات صنابير يصب منها في اواني الشرب، ويقوم الزمازمة بتوزيع المياه في اروقة المسجد الحرام وخارجه باستخدام القرب ثم الدوارق الفخارية، وفي عام 1963 تم استخدام المضخات الغاطسة في توزيع مياه زمزم. اما بداية توزيع المياه بشكله الحالي فقد كان مع مشروع توسعة المسجد الحرام حيث ضخت المياه من البئر الى الخزان في سطح الحرم يتم من خلاله توزيع الدوارق الفخارية داخل المسجد الحرام التي كانت تستخدم للسقاية وتم وضع نظام خاص وهو عبارة عن مجمعات للمياه في اماكن متفرقة لأروقة الحرم تتصل هذه المجمعات ببرادات كهربائية بالاضافة الى استخدام البرادات التي يتم توزيعها في كافة اروقة الحرم وادواره.