3 آلاف أسترالي مسلم أدوا فريضة الحج وتوجهوا إلى المدينة المنورة

TT

اكد الشيخ تاج الدين الهلالي مفتي استراليا ان فتوى شيخ الازهر بشأن حجاب المسلمات في فرنسا قد تفتح ابواب الفتن على الاقليات المسلمة في العالم وطالب مفتي استراليا في حوار اجرته معه «الشرق الأوسط» اثناء زيارة له اخيرا للقاهرة قبيل توجهه لاداء فريضة الحج، على رئيس بعثة تتكون من ثلاثة آلاف استرالي مسلم، العلماء والفقهاء المسلمين بضرورة الالمام بفقه المهجر والظروف المحيطة بالاقليات المسلمة والاستفادة من القوانين العلمانية بما يخدم مصالح هذه الاقليات، وفيما يلي نص الحوار:

* تناقلت وكالات الانباء ووسائل الاعلام المختلفة فتوى شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بشأن حجاب المرأة المسلمة في فرنسا وما لازمها من اقوال متباينة كيف استقبل المسلمون الاستراليون هذه الفتوى؟

ـ لقد احدثت فتوى شيخ الازهر صدمة عنيفة للاقليات المسلمة في بلاد المهجر الغربي وليس في استراليا فقط، وخطورة هذه الفتوى تتمثل فيما يترتب عليها من فتن وتداعيات وآثار سلبية في المستقبل; أولا: لانها صدرت عن الامام الاكبر الذي يتولى مشيخة اكبر مؤسسة اسلامية عريقة لها وزنها ومنزلتها على الصعيدين الاسلامي والعالمي. ثانيا: ربما تكون ذريعة للتفلت من الاحكام والتكاليف الشرعية لضعفاء الايمان من المسلمين استنادا إلى ما قعدته الفتوى من ضرورة التقيد بأحكام وقوانين البلاد الوضعية، ثالثا: ستكون هذه الفتوى مرجعا لدعاة العلمانية والاباحية في البلاد الغربية لسن القوانين والاحكام التي تعطل الاحكام والفرائض الاسلامية وفي نفس الوقت نجد ان المسلمين بحاجة الى فتاوى تشجعهم على التمسك بتعاليم دينهم وتحضهم على الالتزام بتطبيق اوامر ربهم عز وجل ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

اما على صعيد الساحة الاسترالية، فان الروابط النسائية ومنظمات حقوق الانسان أعلنت رفضها مشروع القرار الفرنسي القاضي بمنع الحجاب الشرعي في المدارس الحكومية الفرنسية لان هذا يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الانسان لاسيما في بلد تزعم أنها أم الحضارة والمدنية وكما ان اعدادا من النساء الاستراليات غير المسلمات دعون الى يوم يرتدين فيه غطاء الرأس «الحجاب الاسلامي» دعما وتأييدا لحجاب المرأة المسلمة.

* في طريقكم الى الحجاز لرئاسة بعثة حجاج مسلمي استراليا ما هي الأهداف والغايات للرحلة هذا العام؟

ـ حجاج استراليا هذا العام يتجاوزون ثلاثة آلاف حاج في عدة أفواج ومن مركزنا الاسلامي العام في سيدني يتوجه نيف وثلاثمائة حاج كلهم من الشباب الاسترالي المسلمين أبناء الجيل الثاني ولهذه الرحلة التي نحرص على تحقيق منافعها لقول الله تعالى: «ليشهدوا منافع لهم» نقوم بوضع برنامج تربوي روحي فكري ثقافي خلال هذه الرحلة لاعطاء هؤلاء الشباب شحنة ايمانية تدفعهم قدما إلى الالتزام بتعاليم هذا الدين الحنيف وقد لعبت سفارة خادم الحرمين الشريفين في سيدني دورا ملحوظا وتفهما مشكورا تمثل في مساعي الاستاذ عبد الله الكردي القائم باعمال السفارة والاخوة المسؤولين عن قسم التأشيرات بتقديم كل المعونات والتسهيلات لمهام الحجاج في ديار المملكة، واتشرف بمرافقة البعثة لأكون خادما ومرشدا لضيوف الرحمن أثناء تأدية فريضة الحج.

* عودة الى فتوى شيخ الأزهر وقاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» وان المرأة المسلمة في بلد غير اسلامي يجب أن تمتثل لقوانين البلد الذي تقيم فيه وتصبح في حكم المضطر، فهل تصلح هذه القاعدة كدليل شرعي لتتخلى الفتاة المسلمة عن حجابها الشرعي في المدارس الحكومية في فرنسا؟

ـ ان المهاجرين من المسلمين الى فرنسا وغيرها من البلاد الغربية هم حريصون على حماية عائلاتهم والمحافظة على أبنائهم بتوفير حياة أسعد واذا خسر المسلم أبناءه فقد خسر رأس ماله كله والقانون الفرنسي من أهم مبادئه وتشريعاته حق الانسان في الحياة فكرا وعقيدة، فالحرية عندهم مقدسة والمساس بحرية الفرد انما هو هدم للدستور وخروج عليه. والفتاة المسلمة لها نفس الحقوق في أن تغطي رأسها تماما كالفتاة التي يجيز لها القانون التجرد من ثيابها كاملة في شواطئ مخصصة للمرأة، وبالتالي فلا وجود للضرورة أو الاضطرار في هذه الحالة. والأمر الثاني لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والاضطرار الذي يتهدد حياة الانسان أو وجوده لم تبلغه الحالة التي نحن بصددها فالاستدلال بقاعدة الضرورة غير مسوغ بها في هذه الحالة.

* لو كنت مكان شيخ الأزهر بماذا كنت ترد على وزير داخلية فرنسا في هذه القضية وبماذا تفتي؟

ـ ان شيخنا واستاذنا فضيلة الإمام الأكبر كان بمقدوره أن ينأى بنفسه عن كل هذا النزال والجدال والقيل والقال وكتلميذ له لو كنت محله أثناء استقباله وزير الداخلية الفرنسي المسؤول عن الحريات والاديان في فرنسا خلال زيارته الأخيرة للقاهرة لأجبت الوزير بكل احترام وتقدير عندما يستفسر عن هذه القضية: هل الفتاة المسلمة التي تغطي رأسها تشكل خطرا على سياسة العلمنة أو تتعارض مع دستور البلاد؟ وهل تسمح البلاد لمواطنيها بالتجرد الكامل من الثياب في بعض الأماكن العامة أو الشواطئ؟ فإن أجاب بنعم قلت له وهل يضيق صدر فرنسا مهد الحرية وأم حقوق الانسان بنصف متر من القماش تضعه الفتاة المسلمة على رأسها. واذا كان الحجاب يعيق الفتاة عن التحصيل العلمي أو يشكل خطرا على النظام التعليمي ففي هذه الحالة ينبغي علينا أن ننصحها بخلع الحجاب من أجل مصلحتها واذا كان الأمر غير ذلك فإن اقدامكم عن سن مثل هذا القانون يعد مجابهة ومواجهة مع الاسلام والمسلمين، ذلك ان الحجاب الشرعي ليس تقليدا اجتماعيا أو عادة عربية أو رمزا يمكن التخلي عنه وانما هو فريضة شرعية فرضها القرآن الكريم تماما كالصلاة والصيام والزكاة والحج، واني على يقين ان الوزير الفرنسي كان سيكون مسرورا بهذا الجواب.

* كيف ترى صورة الأزهر ومكانته كمرجعية دينية للأقليات المسلمة؟

ـ لا شك ان الأزهر كأقدم وأعرق جامعة اسلامية كانت ولم تزل محل ثقة العالم الاسلامي بعلمائه ودعاته الذين ينهضون بتبعات الدعوة الى الله عز وجل في مشارق الأرض ومغاربها وسيظل الأزهر بوسطيته ومنهجه واعتدال فكره منارة وقبلة للمسلمين لكنني أهيب بكل الإخوة المسلمين والدعاة والمصلحين أن يعرفوا للعلماء قدرهم ومكانتهم وألا يبالغوا في النقد والتطاول على العلماء، وفي نفس الوقت فإنني أطالب علماءنا وشيخونا في العالم الاسلامي بضــــرورة الالمام بالفقه المهجري وظروف الاقليات المسلمة مع الإحاطة بالقوانين العلمانية التي يمكن الاستفادة منها وتسخيرها في خدمة الدعوة الى الله عز وجل، ومع احترامي للأزهر الشريف وقياداته المخلصــــين فإنني أتطلع الى اليوم الذي تعود فيه للأزهر عالميته ومكانته وكلمته لقيادة الأمة.