البروفسور حسن كوناكاتا: نعمل على تحويل قسم الدراسات في جامعة (دوشيا) إلى مركز للتعريف بالإسلام

TT

البروفسور حسن كوناكاتا متخصص في دراسات الأديان السماوية والكتب المقدسة اعتنق الاسلام عام 1983، والتحق بجامعة القاهرة ومنها نال الدكتوراه في العلوم الإسلامية وكانت رسالته بعنوان الفلسفة السياسية عند ابن تيمية. عمل لفترة في السفارة اليابانية في الرياض منذ عشرة أعوام. يدرس الاسلام في الجامعات اليابانية، ويحاضر عن علوم الشريعة. ويصدر حالياً صحيفة بعنوان صحيفة المسلم ترصد حال المسلمين في اليابان وتحاول ربطهم بمسلمي العالم الاسلامي. في هذه المقابلة يتحدث عن الاسلام في اليابان وعلاقته بالعالم الإسلامي وعن نظرة المجتمع الياباني إلى الجالية المسلمة التي تتواجد هناك. وهذا نص حوارنا معه:

* بداية كيف تقيمون حال العمل الإسلامي في اليابان؟ ـ في اليابان قرابة 70 ألف مسلم جلهم من جاليات إيرانية وباكستانية وإندونيسية ونقدر عدد المسلمين من أهل اليابان الأصليين بـ7 آلاف شخص جلهم من النساء وهن ممن تزوجن بمسلمين غير يابانيين. ودخول الإسلام لليابان حديث وأول مسلم اعتنق الاسلام في اليابان عام 1906. وهو ينتشر في اليابان ببطء وهذا يعود لانغلاق الشعب الياباني على نفسه وهذا ينطبق على كل الأديان التي يتواجد لها أتباع. ويوجد في اليابان الآن 52 مسجداً ومعهداً للعلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وهو الوحيد من نوعه في اليابان.

* كيف ينظر اليابانيون لكم كمسلمين من أصل ياباني؟

ـ الشعب الياباني علماني ولا يهتم كثيراً بالدين وهو شعب متسامح يحترم الديانات الأخرى وهم لايعرفون شيئاً عن الإسلام فهم يتعاملون مع أصحاب الديانات الأخرى باحترام مع محاولة عدم التدخل في ماهية هذه الديانة أو مجرد محاولة معرفة حقيقة هذا الدين. كما قلت هو مجتمع منغلق على نفسه فاليابانيون لايهتمون بالأديان حتى البوذية والطاوية لاتوجد إلا في المعابد فقط.

* ألا يعود انكماش وانتشار الإسلام في اليابان لقلة اهتمام الدعاة بها؟

ـ هذا الكلام صحيح إذ أنها شبه منسية تقريباً فبينما تركز الجهود الدعوية على أفريقيا وأوروبا نراها معدومة عندنا إلا في حالات شخصية وضعيفة. وللأسف للآن ما زالت الكتب الإسلامية لم تترجم لليابانية وجل ما ترجم هي كتب ترجمها يابانيون ملمون حيث ترجم المستشرقون في اليابان صحيح البخاري وقامت جمعية مسلمي اليابان بترجمة صحيح مسلم وترجمتُ بالتعاون مع زوجتي كتاب تفسير الجلالين وزاد المستقنع في الفقه وبعض كتب التجويد عدا ذلك فالترجمات معدومة وهذا من شأنه الحد من انتشار الإسلام في اليابان.

* ما هو دور مسلمي اليابان في التعريف بالإسلام؟

ـ هم من العمالة التي لاعلم لها بعلوم الدين الإسلامي فهم مسلمون عاديون وليسوا دعاة وبعضهم يجهل الكثير من أحكام الإسلام.

* هل تأثرت نظرة المجتمع لكم بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) وما لحق بالمسلمين من إتهامهم بالإرهاب؟

ـ المجتمع الياباني لايهتم بما تقوله أميركا أو الغرب عن الإسلام فهو مجتمع يهتم بحياته وبعلمه فقط. أما على صعيد الإعلام فبعضه بدأ ينقل ما يقوله الغرب ويطبقه على مسلمي اليابان. لكن هذه الأحداث زادت من اهتمام المثقفين بالإسلام مما جعلني أعمد بالتعاون مع جامعة (دوشيا) التي أدرس بها في قسم الأديان لتأليف كتابين أحدهما بعنوان (منطق الإسلام) يتحدث عن رسالة الإسلام التي تتلخص في الدعوى لعبادة الله والتعايش بسلام وإخاء مع كافة البشر. وكتاب آخر بعنوان (منطق أسامة بن لادن) الذي بينت فيه فكر هذا الرجل المتعصب والبعيد عن حقيقة وجوهر الإسلام. وقد حقق الكتابان مبيعات جيدة في اليابان. وقد لقيت الدراسات الإسلامية إقبالاً متزايداً من اليابانيين بغية دراسة الإسلام مؤخرا.

* كيف ينظر المجتمع لظاهرة الحجاب وبقية المظاهر الإسلامية؟

ـ لا توجد أية مضايقات للمسلمين وتستطيع المسلمة أن تخرج وتعمل وهي محجبة وحتى جواز السفر يمكن أن تظهر به صورة السيدة متحجبة. المسلمون يعيشون في اليابان بسلام ولاخوف عليهم من أي تمييز كان ويؤدون شعائرهم بحرية كاملة.

* ماهو دور أقسام الدراسات الإسلامية في تعريف المجتمع الياباني بالاسلام؟

ـ في اليابان عدة جامعات تدرس الإسلام في جامعات طوكيو وياماجوشي وفي دوشيا وغيرها وكلها أقسام يدرس بها الإسلام ويتم التعريف به. أنا أعمل حالياً في قسم اللاهوت في جامعة (دوشيا) مع استاذين من المسلمين اليابانيين المتخصصين في الدراسات الإسلامية ونعمل على تحويل هذا القسم لنواة حقيقية للتعريف بالإسلام في بلدنا. ومن خلال مواقعنا على الانترنت نعرف الزائرين بالإسلام وتعاليمه السمحة.

* هل تؤثر عليكم الخلافات الفقهية والمذهبية الموجودة في العالم الإسلامي؟

ـ نوعاً ما لكن ليس بالشكل الكبير نحن نريد الإسلام البعيد عن الخلافات وما يحدث أحياناً يحزننا كثيراً لأننا نحب أن نرى المسلمين متحررين يعتمدون على مرجعية واحدة.

* هل يتم التعاون بينكم وبين بعض المراكز أو الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي؟

ـ نعم هناك تعاون بين جمعية مسلمي اليابان مع بعض المنظمات الإسلامية كرابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية في السعودية ومع جامعة الأزهر في مصر ومع مجمع أبي النور في سورية وقادة الجالية المسلمة في اليابان هم من خريجي الجامعات الإسلامية في الشرق الأوسط ويتم تبادل الخبرات والأساتذة ونحن نستفيد من الجامعات الإسلامية في عملنا الدعوي.

* زرت عدداً من الدول الإسلامية ما أكثر ما أحزنك خلال هذه الزيارات؟

ـ ما يحزنني هو تخلف المسلمين عن غيرهم في مجال العلم والتقنية فهم ما زالوا في المؤخرة وهذا يزيد منه كونهم متفرقين غير متكاتفين ولأنهم لم يوجدوا لأنفسهم كتلة واحدة تضمهم لتواجه التكتلات العالمية التي تحيط بهم لهذا نرى العالم الإسلامي مستضعفاً من الجميع وهذا مما جنته عليهم أيديهم. وكمسلم ياباني أقول إن نهوض الأمة يتم بترك الأهواء النفسية والتعصب المذهبي والعرقي والعمل من أجل الإسلام فقط وما رأيته في الشارع الإسلامي لايتطابق مع ما قرأته عن الإسلام وهذا بحد ذاته من عوامل ضعف المسلمين. ومما يحزن أن التقانة وخاصة ما يتعلق منها بالمعلومات والاتصالات ما زالت متأخرة عما هي عليه في بقية أنحاء العالم، مع أنها من أهم وسائل الدعوة في عصرنا الحاضر.

* كونك ترجمت بعض الكتب الإسلامية لليابانية هل أنت مع نظرية تطوير المناهج الدينية؟

ـ نعم أنا مع هذه النظرية فما كتب منذ ألف سنة يجب أن تعاد صياغته مع الحفاظ على الجوهر ليطابق العصر الحاضر وليحفظه الجيل الجديد. وما ترجمته قمت بنقله بأمانة مع ذكر هوامش أذكر فيها رأيي بصراحة لتناسب المتلقي الياباني. أنا أؤكد أننا لانستطيع تطوير المناهج إلا مع الحفاظ على الماضي وفهمه جيداً لنستطيع إيصال العلم الديني كما هو لكن بما يتناسب مع العصر الحديث.

* قمت بالتعاون مع زوجتك في ترجمة العديد من الكتب الإسلامية إلى اللغة اليابانية فما هي أبرز الكتب التي قمت بترجمتها؟

ـ خلال العشر سنوات الماضية شهد المسلم الياباني لأول مرة كتباً بلغته اليابانية حيث استطاع المسلم الياباني أن يقرأ كتب الفقه والحديث والتجويد بلغته الأصلية ومن أهم الكتب التي قمنا بترجمتها السياسة الشرعية لابن تيمية، منهاج المسلم لأبو بكر الجزائري، السيرة النبوية لمصطفى سباعي، وتفسير الجلالين، وكتب مختلفة للامام الشافعي، وكتاب زاد المستقنع في الفقه وهو يدرس في كل الجامعات الاسلامية. وهناك الآن حركة ترجمة من العربية إلى اليابانية تتم عن طريق جمعية مسلمي اليابان.