سراييفو: إنجاز تاريخي يحققه البوسنيون بإصدار «أطلس العالم الإسلامي»

TT

احتفلت المشيخة الاسلامية بالبوسنة والهرسك مؤخرا بإصدارها الضخم «اطلس العالم الاسلامي»، الذي اعتبر من أهم الاصدارات في البوسنة والهرسك على مدى تاريخها الطويل والبالغ ألف عام. ويختلف الاطلس كماً ونوعاً بتعبير الاكاديمي البوسني تفرتكو كولينوفيتش عن «عالم ألف ليلة وليلة»، الذي ترجمه الدكتور أسعد دوراكوفيتش للغة العربية على مدى 4 سنوات تحت ضوء الشموع أثناء الحرب البوسنية، حيث يتحدث بلغة الارقام وليست العواطف وأنماط الحياة لاناس بادوا بعد ان سادوا.

وقد حضر الاحتفال الذي نظم في قاعة المسرح بسراييفو الرئيس البوسني سليمان تيهيتش، ورئيس علماء البوسنة الدكتور مصطفى تسيريتش، ووزير الثقافة غرادومير غويير وعدد من اساتذة الجامعات والكُتّاب والصحافيين والطلبة.

واستمر اعداد الاطلس الذي شارك في اعداده 30 باحثا وباحثة مدة عامين ونصف العام، ويحتوي على خمسة اجزاء، يقدم الجزء الاول جميع الدول الاسلامية التي يمثل المسلمون فيها الاغلبية.

وفي الجزء الثاني يقدم الاقليات المسلمة وفي الجزء الثالث المجموعات الاسلامية مثل المسلمين في استراليا واميركا الشمالية والجنوبية واوروبا الغربية، وفي الجزء الرابع الخرائط التي تبرز التطور التاريخي للعالم الاسلامي اضافة للموارد الاقتصادية والحروب والكثافة السكانية والتقاليد وغيرها.

والجزء الخامس هو عبارة عن ملحق يضم عدة دراسات قام بها 4 من الباحثين الاكاديميين عن اهم الشخصيات البارزة في التاريخ الاسلامي، والتأثيرات الاقتصادية والدينية، والعلاقات السياسية، والوضع الاستراتيجي للعالم الاسلامي، أعدها كل من الاكاديمي أنس كاريتش، والدكتور نرمين سينانوفيتش والسفير البوسني السابق بالسعودية سناهيد برسيفيتش، والسفير السابق بعدد من البلدان الاسلامية نصرت تشانجار.

وقد تمت طباعة 3500 نسخة من الاطلس ووضع له سعر 70 يورو للنسخة الواحدة. وبلغت تكاليف طباعته 159 ألف يورو.

وقال الدكتور مصطفى تسيريتش، رئيس العلماء ورئيس المشيخة الاسلامية في البوسنة لـ «الشرق الأوسط»: «العالم الاسلامي اوسع مما نستطيع استيعابه، وأكبر من ان نحيط به، وأجمل مما نستطيع تزيينه، وأكثر تنوعا مما نستطيع الاحاطة به، واعلى مما نستطيع ان نحكم عليه، ونحن جزء صغير من عالمنا الكبير المختلف الالوان واللغات والافكار والاذواق، واشعر بالاعتزاز والفخر بانتمائنا لهذا العالم». وعما اذا كانت كلماته مجرد مديح لا يعبر عن الصورة الحقيقية للعالم الاسلامي قال: «العالم الاسلامي كثير في تعداد سكانه قليل في عدته وقوته وهذا الفرق بين العدد الكثير والضعف في القوة يجب ان يزال فتكون قوته في حجم تعداده السكاني».

وعن أهداف الاطلس قال: «اقامة ثورة معرفية ومعلوماتية في الاوساط الطلابية والاساتذة وفي الاوساط البلقانية من خلال نشر المعلومات الصحيحة عن العالم الاسلامي ومواطن قوته ومظاهر ضعفه، ولتغيير الصورة النمطية السائدة عن العالم الاسلامي بصورة موضوعية»، وعن ردود الافعال قال: «لا يزال الوقت مبكرا للحديث عن ردود الافعال، وأتمنى ان تكون الطبعة الثانية أفضل من الطبعة الاولى التي نتوقع ان تنفد في وقت قياسي»، وتابع «بالنسبة لنا هذا المشروع هو عمل عظيم وفقنا الله لاتمامه ونتمنى ان يحقق الاهداف التي وضع من أجلها».

وقالت الباحثة البوسنية زهرة صباهيتش التي ساهمت في اعداد المعلومات عن عدد من الدول الافريقية لـ «الشرق الأوسط»: «هذا الاطلس يتميز عن غيره بأشياء كثيرة جدا من بينها التعمق في الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية للبلدان التي شملها الاطلس». وقال الدكتور أنس كاريتش: «هذا ليس مجرد اطلس جغرافي، بل هو موسوعة عن العالم الاسلامي، لا غنى عنه للباحثين والطلبة ورجال الاعمال والزوار وغيرهم». وقال السفير السعودي بالبوسنة فهد بن عبد الله الزيد: «اريد ان اشكر المشيخة الاسلامية في البوسنة، خاصة الدكتور مصطفى تسيريتش على هذا المجهود الكبير، واعتبره فاتحة خير تمكن الطلبة والاساتذة والمفكرين والاقتصاديين والباحثين في التخصصات المختلفة من مصدر معرفي معلوماتي موضوعي عن العالم الاسلامي»، وقال: «الطالب والباحث وغيرهما يستطيع الحصول على معلومات موثقة ووافية عن العالم الاسلامي من مصادر موضوعية، تغنيه عن الرجوع لكتب تشوه الحقائق عن العالم الاسلامي للأسف الشديد والتي تصدر في عدد كبير من الدول الأخرى».