دراسة فقهية تؤكد أن الأمة الإسلامية في أشد الحاجة إلى العمل بفقه الأولويات

TT

أكد الدكتور حميد يوسف سليمان الاستاذ في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة أن الأمة الاسلامية تمر بمنعطف خطير بسبب كثرة الفرق والاحزاب والاتجاهات والاجتهادات بين العاملين لنهضة الأمة دون تنسيق أو موازنة بين الأولويات والتخطيط لتحقيقها.

وأكد الدكتور سليمان في دراسة له بعنوان فقه الأولويات وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، ان معظم هذه الاتجاهات يميل الى السطحية ومنها ما يميل الى الحرفية وضيق الأفق ومنها الاتجاه الوسط الذي يعنى بفهم الواقع ويوازن بين المصالح واختيار الأولى والأنسب لأمته من قيمها ودينها.

كما استعرضت الدراسة مفهوم فقه الأولويات وعلاقته بالأصول الشرعية الأخرى وكيفية الاستفادة منه في مواجهة مشاكل المسلمين المعاصرة، وتوضح الدراسة ان فقه الأولويات معناه الفهم لأنسب الأحكام التي تتلاءم مع مقاصد الشرع بتحقيق أهم للمفاسد أو أخفها ضررا مع ملاحظة المآلات التي تؤول اليها تلك الأحكام فهو فقه يأتي بعد فقه الواقع بجميع جوانبه، وفقه النص بمعرفة غاياته ومراميه ليختار الفقيه الأنسب في الحال والمآل، وتبين الدراسة ان الفقه يرتبط بثلاثة أمور لا بد من فهمها حتى يتبين المقصود بفقه الأولويات وأهميته للتطبيق في واقع المسلمين الراهن. والأمور الثلاثة تتمثل في مقاصد الشريعة ورفع الحرج والذرائع وتوضحها الدراسة فيما يلي:

أولا: مقاصد الشريعة. يقصد الشارع من الاحكام تحقيق مصلحة الانسان في الدنيا والآخرة والمصلحة ضد المفسده وهي تحقيق المنفعة، وعلى ذلك فالمقصود بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة.

وتبين الدراسة للمصلحة تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة والتقسيم الذي له صلة قوية بفقه الأولويات هو تقسيم المصالح من حيث الأهمية والقوة وهو يتدرج تحت ثلاثة أقسام: ضرورية وحاجية وتحسينية.

ثانيا: رفع الحرج: ويقصد به ازالة المشقة أو تخفيفها بحيث يمكن تحملها، وتوضح الدراسة أن علاقة فقه الأولويات برفع الحرج هامة جدا فينبغي على المجتهد ألا يختار مع الامكان الا ما لا حرج فيه لأن الشريعة لا تأتي بما فيه حرج أو ضرر وان كان لا بد من الوقوع في الضرر عليه أن يوازن بين هذه المضار ويختار أخفها واذا كان في الامكان ازالة هذا الفور فينبغي أن يكون بضرر أخف من الضرر المزال.

ثالثا: الذرائع.. وتقرر الدراسة ان قاعدة الذرائع مرتبطة بفقه الأولويات ارتباطا وثيقا لأن الذرائع هي الوسائل أو الوسائط التي ينتج عنها مآل التصرف وهذه الذرائع قد تمنع أو تسد وذلك اذا اتخذت طريقا الى المفسدة أو الحرام وقد تفتح اذا اتخذت طريقا الى المصالح أو المباحات فضلا عن الواجبات ولذلك فهي تأخذ حكم ما تؤول اليه.