الدكتور سليم العوا: الإسلام هو الخاسر الحقيقي من هجمات مدريد الإجرامية

قال لـ «الشرق الاوسط» إن زعماء الحركات الأصولية في أوروبا غير مؤهلين لإصدار الفتاوى الشرعية

TT

قال المفكر الاسلامي الدكتور محمد سليم العوا رئيس جمعية «مصر للثقافة والحوار»، ان الاسلام هو الخاسر الحقيقي، من هجمات مدريد الاجرامية. واشار الى منفذي تلك الهجمات لا يختلفون عن الانتحاريين منفذي هجمات سبتمبر (ايلول) 2001 ، في انهم ارتكبوا فعلا من افعال «الحرابة» ينبغي ان يكومبيوتروا عليه وفق الشريعة الاسلامية». وقال إن الإرهاب بشتى صوره مذموم ومرفوض في الإسلام». واشار الى ان تلك الاعمال الارهابية المنسوبة الى «القاعدة» يجب ان نصفها بـ«الاعمال الاجرامية»، لأن مرتكبيها يضعون الاسلام والشعوب التي ينتمون اليها في مأزق، ولا يقتصر الامر على المسلم الأوروبي بل ينسحب هذا المأزق على كل موحد في أي أرض، ويصبح متهما الى ان يثبت العكس، ولا يجوز للمسلمين في اوروبا او غيرها ان يتعاطفوا مع مرتكبي هذه الاعمال، بزعم انهم مظلومون او تحت مسميات انها ردود أفعال، او انهم يقاومون العنف العالمي بعنف مثله». وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارته الى العاصمة لندن الاسبوع الماضي ان قادة التيارات الاصولية في بريطانيا ليس من حقهم التصدي للفتوى الشرعية، بزعم انهم يحفظون القرآن الكريم او الحديث الشريف»، باصدار فتاوى تحرم على ابناء الجالية المسلمة الالتحاق بالشرطة او خدمة العلم البريطاني: «اذا كان هذا حراما بينا بحسب ادعائهم، فاني اتساءل عن السبب الذي يستندون اليه في الاقامة في بريطانيا». واضاف ان المسلم الذي يقيم في بلد من البلاد، لا بد ان يتعامل في حياته المدنية والسياسية وفق قوانين هذه البلاد، ويلزمه الاسلام بواجباته الدينية وكذلك بالوفاء في العهد واحترام قوانين هذه البلاد التي يعيش فيها، ويجب عليه ان لا يكون منعزلا عن المجتمع الذي يعيش فيه، أي في «جيتو عرقي» بعيدا عن الآخرين».

واستطرد قوله ان الاسلام يشجع على سياسة الانفتاح على الاخرين، أي يدعو ابناءه في البلاد التي يعيشون فيها في الاندماج في الحياة السياسية، وقبول الوظائف والمشاركة في الانتخابات وتولي المناصب والمشاركة في الجداول الانتخابية». وتساءل المفكر الاسلامي المصري عن اسباب قبول هؤلاء الاصوليين للخدمات الاجتماعية والتعليمية والطبية المجانية في البلد الذي يعيشون فيه، في الوقت الذي يحرمون فيه مثلا خدمة العلم البريطاني. وقال: «ما الفرق بين العمل في هيئة السكك الحديدية، والمستشفى والمطاعم وخدمة الجيش او اسكتلنديارد». ووصف تلك الفتاوى الاصولية بأنها قاصرة الفهم، وتصدر عن جهل بالاسلام، وجهل باحكام السياسة الشرعية للدين، وجهل بأحكام الاقامة في دول غير المسلمين. وعن مواصفات من يصدر الفتوى، قال المفكر الدكتور محمد سليم العوا، لا يتصدر للفتوى الا من جمع آلتها، أي عرف القرآن والسنة النبوية والواقع الذي نعيش فيه، وماذا قال القدماء وماذا اختلفوا فيه، وان يكون عليما بلغة العرب أي يفهم موارد النصوص، وان يفهم نسق القرآن وناسخ الحديث ومنسوخه». وقال ان الافتاء يجب ان يتبع الواقع الذي نعيش فيه. واشار الى ان أن العبث بالفتوى الشرعية يمثل خطراً فادحاً يرقى إلى مستوى «الجريمة» في حق الدين والأمة معاً، هذا مبدأ عام، ولطالما عانت الصحوة الإسلامية في العقد الأخير خاصة من مثل هذا العبث بالفتوى، إما بالاستهتار في الإجابة وإما بتجاوز النصوص والتعامل معها بخفة وإما بإقحام من ليس من أهل الفتوى في التصدي لها، بل للجسيم منها».

وتطرق الى ان كثيرا من الناس لجأوا بعد هجمات سبتمبر الى محاولة التعرف على الاسلام، وكان الدافع المزعوم عند هؤلاء الناس هو معرفة السبب الذي يدفع هؤلاء الاشخاص لتنفيذ تلك الهجمات، فعرفوا دينا لم يكنوا يعرفونه وقواعد انسانية لم يعرفوها».

واوضح: «أقبل كثير من الغربيين بعد 11 سبتمبر 2001 على التعرف على الإسلام بصورة غير مسبوقة، حتى نفدت من المكتبات كل الكتب التي تتحدث عن شأن إسلامي وكل ترجمات معاني القرآن الكريم». وأردف قائلاً: ثم تبع ذلك مباشرة أن أقبلت على الدين نفسه أعداد غير محصورة من هؤلاء الذين قرأوا فعرفوا، وفكروا فأيقنوا، أن الإسلام غير ذلك العدو الجاهل الغاشم الذي تصوره وسائل الإعلام وتسوّق للقضاء عليه».