وقفة لتحليل خلفيات قتل وتفجير الأنفس بالمسلمين الموحدين

TT

يجدر بنا كمسلمين ونحن نحاول استكناه وتحليل خلفيات المجازر الكبرى التي ارتكبت في العراق والمملكة العربية السعودية وفي عدد من الدول العربية والاسلامية وغيرها بواسطة تفخيخ السيارات وتفجير الانفس بالمسلمين الموحدين او استهدافهم مباشرة لقتلهم ان نقف وقفة صريحة مع الذات تتخطى حدود التنديد والشجب والادانة والاستنكار لنقف على الكوامن المحرضة على هذه الجرائم البشعة التي كادت وما زالت تؤجج نار فتنة قد تسيل لها الدماء انهارا في العراق اولا، ثم ما تلبث ان تندلع في الخليج ذي المذاهب الاسلامية المتعددة، بل وفي العالم الاسلامي برمته ثانيا لولا الحكمة التي تعاطت بها القوى السنية والشيعية الفاعلة على الساحة العراقية وأخص الشيعية منها بالذكر، وعلى رأسها المرجعيات الدينية، لانها المستهدفة بالتفجيرات وذلك حين سكتت عن المجرم المنفذ لها ولجأت الى تحميل قوات الاحتلال مسؤولية عدم سد المنافذ امام المتسللين عبر الحدود مما حال بين الجماهير الغاضبة وردود افعالها العاتية وهي ترى بأم أعينها أرؤسا تتطاير وأذرعا تتناثر وأجسادا تتمزق ودماء تسيل، لا لذنب اقترفته سوى انها تختلف معها في الحدود المسموح بها ضمن الاجتهاد الفقهي ولو تركت الجماهير المليونية المسلحة الثائرة وشأنها لوقع ما لا تحمد عقباه.

ان ثقافة امتدت لعشرات السنين تبيح التعدي على المسلم الآخر او تحرض عليه ولو من دون تصريح وصولا الى استباحة دمه رغم الاتفاق معه على شهادة ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله وما يستتبع هاتين الشهادتين وما يلحقهما من صلاة وصوم وحج وزكاة وغيرها من الثوابت والمسلمات الاخرى هي التي انتجت مجازر في كربلاء وبغداد وقبلها في النجف وكركوك وبعدها في البصرة وبغداد والعديد من المدن العراقية الاخرى. وهي التي انتجت كذلك في المملكة العربية السعودية مجازر الرياض وجدة والخبر والرياض ثانية، وكذلك مجازر تركيا والمغرب والجزائر والاردن وباكستان وافغانستان وغيرها، اما ولو سارت الامور على ما تشي به مقدماتها فسنسمع عن مجازر اثر مجازر في هذا البلد الاسلامي او ذاك وفي هذه البقعة الاسلامية او تلك.

ان الخلفية الفكرية المحرضة على اعمال التكفير والقتل لمجرد الاختلاف في الرأي هي التي يجب ان تتآزر جهود المخلصين من ابناء الأمة لنبذها والتبري منها.

لذلك اقترح على المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية في العراق والمملكة العربية السعودية وأناشد كذلك المحطات الفضائية العربية والصحف اليومية الواسعة الانتشار ومنها «الشرق الأوسط» ان تنشر وتحلل وتعيد نشر وتحليل فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء برئاسة المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ الاخيرة والتي دعت «المتأثرين بالفكر الباعث على تلك الحوادث، الى ان يتقوا الله عز وجل ويثوبوا الى رشدهم ولا ينقادوا خلف اعداء هذه البلاد (المملكة العربية السعوية) والمتربصين بها لان ذلك يؤدي بهم وبمجتمعهم الى الوقوع فيما لا تحمد عقباه وعليهم ان يناقشوا ما يعرض لهم من شبه مع من يثقون بعلمهم ودينهم من علماء بلدهم ومفكريه استيضاحا للحق واستجلاء للحقيقة «لما لهذه الفتوى من اثر على الحد من استمالة هؤلاء للسذج من الناس وان كنت اتمنى ان لو تعدت هذه الفتوى في لسانها حدود المملكة الى العراق وغيره من الدول الاسلامية الاخرى، كما ارجو من وسائل الاعلام ان تنشر وتحلل خطبة الجمعة النافعة لامام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس التي القاها في باحة المسجد الحرام يوم الجمعة 14/5/2004 لأهمية محتواها الفكري الداعي بالحجج المسندة بأقوال الأئمة الكبار الى التورع عن تكفير المسلم الآخر مهما كان مذهبه الفكري ما دام يشهد الشهادتين وان يتبنى العلماء والاعلاميون الدعوة بشكل مكثف الى ان يعترف الأخ المسلم صراحة دون لبس بأخيه المسلم الآخر كما هو اخوه المسلم الآخر، لا كما يريده هو ان يكون عليه وان يتبرأ الجميع من افكار هؤلاء القتلة مؤكدين على ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر ساعين بجد لتكريس ذلك في وسائل الاعلام والكتب والمناهج وفي خطب الجمعة قبرا لفتنة بدأت تطل برأسها من العراق زاعمة على لسان قائدها الزرقاوي ان: «الحل الوحيد ان نقوم بضرب اهل الرفض الدينيين منهم والعسكريين وغيرهم من الكوادر الضربة تلو الضربة حتى يميلوا على اهل السنة. وقد يقول قائل ان في هذا الامر تسرعا وطيشا وادخالا للأمة في معركة غير مستعدة لها وفيها ازهاق للانفس واراقة للدماء وهذا عين ما نريد».