رئيس حزب التجمع اليساري المصري: أدافع عن صحيح الدين الذي شوهته حركات الإسلام السياسي وملف «الإخوان» أسود وهم يعيشون على القول ونقيضه

الحركات الماركسية في العالم مارست التكفير السياسي والإقصاء ووقفت ضد الديمقراطية

TT

كِدتُ أفرك عينيّ كي أتأكد.. هل أنا أجلس أمام رئيس حزب التجمع اليساري في مصر وأحد أبرز الماركسيين في العالم العربي. أم أمام شيخ أزهري معمم.. فهو ما فتئ ـ أثناء الحوار ـ عن ترداد خوفه على الإسلام من تحريفات حركات الإسلام السياسي التي يصفها بالمتأسلمة، والتي شوهت ـ كما يقول ـ الوجه العظيم والمتسامح للدين الإسلامي. وهو لا يتردد في الحديث عن الشريعة والفقه وأقوال الصحابة والعلماء، في لغة ومنطق ظل الماركسيون طوال تاريخهم يصمونه بـ«الرجعية» والتخلف، في مقابل قوى اليسار التقدمي والطليعي التي يتزعمونها.

الدكتور رفعت السعيد هو الرئيس الحالي لحزب التجمع اليساري الوحدوي في مصر. والذي يشكل أكبر تجمع لليسار المصري منذ تأسيس الحزب أواخر السبعينيات.

والحوار مع رفعت السعيد يعني بالضرورة الحوار حول محورين رئيسيين يشكلان الغالبية الساحقة لكل ما ينتجه من مقالات وكتب ودراسات ومشاركات صحفية وفضائية. وهما موضوعا «الإسلام السياسي»، وتاريخ وفكر «اليسار المصري». فهو يعد من أبرز خصوم حركات الإسلام السياسي في مصر، وخصم قديم لحركة الإخوان المسلمين بالذات، التي ألّف عنها ما يزيد عن العشرة كتب في دراسة تاريخها وأدبياتها والهجوم على نشاطها الفكري والسياسي.

عن موقفه من الإسلام السياسي وعن حركة اليسار المصري في مصر والعالم العربي دار معه هذا الحوار:

* أبرز ما يميز خطابك هو هجومك الشرس على حركات «الإسلام السياسي» التي تتهمها بالإقصاء والتكفير والتأسلم.. ألا تمارسون في حزب التجمع لغة مشابهة في خطابكم السياسي؟

ـ أولاً: كلمة «إسلامية» مثيرة للجدل. لأنني أنا مسلم وأنت مسلم وهم مسلمون. وبالتالي لا يوجد شيء اسمه اتجاهات إسلامية. أما إذا كان الحديث عن الوعاء الذي تتحرك فيه هذه الحركات وهو أنها ملتزمة بالشريعة والفقه. فهنا يأتي البحث عن صدق هذا الإدعاء. فإذا خالفت هذه الحركات الشريعة والفقه تكون حينئذٍ لا تُطبق إسلاماً صحيحاً ولكنها تمارس «التأسلم». والتاء إن دخلت على الفعل صارت علامة على الإدعاء والتظاهر، كما سمّى عمر بن الخطاب «المتفيهقين» أي من تظاهر بالفقه. ثانياً: نحن لا نتهم أحداً ولا نطالب باستبعاد أحد. ولكننا نحاول التفريق بين الإسلام الصحيح وبين التأسلم. في حين أن هؤلاء ـ أي الحركات الإسلامية ـ يدّعون أنهم يمثلون «صحيح الإسلام». وأن من خالفهم فقد خالف صحيح الدين. وأن من وافقهم فقد وافق صحيح الدين. وهم لا يقبلون أي نقد، في حين أن الإمام مالك يقول: «كل إنسان يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر» وأشار إلى قبر الرسول. وهناك حديث عن رسول الله يقول فيه: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله. ينفون عنه تأويل الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين».

أما ما قلته من أننا ننفيهم ونطالب بإقصائهم فهذا غير صحيح. نحن لا ننفيهم، ومن حقهم أن يمارسوا نشاطهم كمواطنين، ويدعون الناس بالحسنى كما قال تعالى «ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة». ولكننا ضد الغلو، وضد التكفير، وضد الإرهاب، وهم يمارسون كل ذلك. ونحن ضدهم ليس فقط لأنهم ضدنا وضد المصلحة وضد التقدم وضد المستقبل. ولكن لأنهم ضد صحيح الإسلام. ولأنهم يقومون بتشويه الصورة الجميلة للإسلام.

* هل تقول أنك بهذا الهجوم تدافع عن صحيح الإسلام، وأنك من «عدول هذا الزمان» الذين ينفون عن الإسلام تأويل الغالين وانتحال المبطلين؟

ـ نعم ما أقوم به هو دفاع عن صحيح الإسلام، ودفاع عن نفسي، ودفاع عن زوجتي وابنتي، ودفاع عن العلم، ودفاع عن العقل.

* لم لا يكون دفاعاً عن مشروعكم السياسي وخوفاً من اكتساح الإسلاميين للساحة السياسية؟

ـ وهذا جزء من الدفاع. نعم أنا أدافع عن مشروعنا السياسي أيضاً.. ولكن يجب على كل سياسي أن يفهم أنه «يؤخذ من كلامه ويرد». وأنه يجب أن يدافع عن مشروعه السياسي بالحسنى وليس بالعنف والقتل والتكفير.

* أغلب حركات الإسلام السياسي ذكرت أنها لا تحتكر فهم الإسلام، وأنها جماعة لها رؤاها واجتهاداتها الخاصة ويحق للجميع مخالفتها؟

ـ عمن تتكلم أنت. لأنه يجب ألا تخلط بين الاتجاهات. أنظر ماذا يقول أيمن الظواهري وأسامة بن لادن اللذان قسّما العالم إلى فسطاطين أحدهما لأهل الإيمان والآخر لأهل الكفر.

* أنا بالطبع لا أتحدث عن القاعدة. وإنما عن الحركات السلمية الفاعلة في العالم العربي والإسلامي كالإخوان المسلمين؟

ـ الإخوان المسلمون ملفهم أسود.. وهم طوال تاريخهم يعيشون على القول ونقيضه. وعلى مفهوم «التقية». وعلى الإيهام بالقول. فهم يقولون بكتبهم «وللمسلم إيهام القول حتى يتمكن من العدو فيقتله». وهذا في كتاب الأستاذ محمود الصباغ «حقيقة النظام الخاص» الذي قدم له الأستاذ مصطفى مشهور الذي أصبح فيما بعد المرشد الخامس للإخوان المسلمين. وقد قام الإخوان بقتل الخزندار والنقراشي، وقاموا بجرائم أخرى كثيرة.

* ألا تعتقد أن الحركات الإسلامية بعمومها استطاعت مؤخراً تجاوز خطابها التاريخي القديم وتكوين خطاب أكثر اعتدالاً؟

ـ لا أبداً.. أنا أعترف أن هناك تحولاً في خطاب الحركات الإسلامية. ولكنني دارس وباحث للفقه الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين. وأنا صديق قديم للمرشد الحالي للإخوان الأستاذ محمد مهدي عاكف. وقد ترافقنا في السجن لسنوات طويلة. وقد زارنا هنا في مقر الحزب عقب وفاة المرشد مأمون الهضيبي ليشكرنا على تعزيتنا لهم بوفاته. ونحن نفرق بين الخلاف السياسي ومستوى العلاقات الشخصية. المشكلة أن الأخ مهدي عاكف قال في أول تصريح له بعد توليه مهام المرشد مع مجلة المصور «الإخوان لا يعتذرون». ولا أحد فوق الاعتذار. فالإخوان حين وضعوا «النظام الخاص» قالوا إنه لمواجهة الاستعمار والصهيونية. ثم اكتشفنا أن هذا غير صحيح، لأنهم قتلوا الخزندار وقتلوا النقراشي وارتكبوا جرائم أخرى. أما قصة أن الإخوان لم يرتكبوا أعمال عنف منذ السبعينيات فهذا صحيح. ولكن للموضوع جانبا مهما، وهو أن الشريعة الإسلامية ليست كالقانون الوضعي الذي يرفضه الإخوان المسلمون. لأنه إذا كان القانون الوضعي يُسقط الحق بالتقادم، فإن الشريعة الإسلامية لا تسقط هذا الحق. والإخوان مسؤولون بحسب الشريعة الإسلامية عن كل أفعالهم السابقة. وهم إلى اليوم لم يعتذروا عن تلك الأفعال. بل هم لا يقبلون أي نقد لتلك الفترة. وهو ما يجعلنا نتشكك من صدقية مواقفهم الحالية.

* أنت لم تجبني على سؤالي.. ألا تعتقد أن هناك تطوراً واعتدالاً في خطاب وفكر الحركات الإسلامية في العالم العربي وقبولا صارما بالتعددية السياسية وعدم احتكار فهم الإسلام؟

ـ أنا اتفق معك أن هناك بعض التطور. وأعتقد أن نقدنا المتكرر لتاريخ وفقه الإخوان المسلمين قد آتى ثماره. وأن هناك تياراً جديداً داخل الإخوان يدعو للنقد الذاتي، ولتجديد خطاب الدعوة. فإذا استطاع الإخوان تجديد خطابهم فسنرحب بهم جميعاً. وعندما أعلن المرشد محمد مهدي عاكف عن رغبة الإخوان في تكوين حزب سياسي لا يحمل اسم الإخوان. كتبت مقالاً رحبت فيه بهذا الإعلان، ولكن قلت أن المسألة ليست مسألة أسماء. سواءً أسميتم الحزب «الإخوان» أو أي اسم آخر. المهم أن عندي مجموعة أسئلة على هذا الحزب الجديد.. أولاً: هل سيبقى هناك جهاز سري داخل الحركة أو الحزب.. ثانياً: كيف ستكون علاقة هذا الحزب بالتنظيم الدولي للإخوان، لأن قوانين العمل السياسي في مصر تحضر أي علاقة مع تنظيمات أو أطراف خارجية.. ثالثاً: هل سيشكلون حزباً دينياً أم حزباً مفتوحاً لجميع الأديان والمذاهب والطبقات، لأننا نعيش في دولة فيها أديان مختلفة، وإتاحة المجال للإخوان لتكوين حزب ديني يعني أن للمسيحيين الحق في تكوين حزب مسيحي.. رابعاً: هل سيستمر الفقه القديم للإخوان الذي يدعو إلى العنف وإلى احتكار الإسلام أم سيكون هناك فقه جديد.. خامساً: هل سيعتبرون انتصارهم «نصراً سياسياً» أم سيعتبرونه فيئا للإسلام. هذه أسئلة مهمة في مشروعهم السياسي القادم. فإذا استطاعوا أن يحلّوا كل هذه المشاكل، فسنرحب بهم في الوسط السياسي المصري. علماً أننا لسنا جهة تُصدر رُخص أحزاب أو تسحبها. ولكننا حزب معارض نلقى كثيراً من الضربات من الحكومة.

أما حديثك عن حزب العدالة والتنمية التركي. فهذا الحزب متحالف مع الأمريكان، ويجري مناورات مع الإسرائيليين.. حرام أن تضعوا الإسلام في هذا «الماخور» الذي يسمى حزب العدالة والتنمية، أو أن تصفوه بأنه إسلامي وهو على علاقة وثيقة بالأمريكان.. أي حزب يطالِب بالإصلاح يجب ألا تكون له علاقات بدول خارجية.

* أنت تعلم أن الأحزاب والحركات الشيوعية في العالم العربي كانت على صلة مباشرة بالاتحاد السوفياتي. وكثير من الكوادر الشيوعية تعلمت في الجامعات السوفياتية، هل كانت الحركات الشيوعية «مواخير» أيضاً لصلتها بالخارج. أم أنه يجوز لكم ما لا يجوز لغيركم؟

ـ لا لم تكن كل الأحزاب الشيوعية على علاقة بالاتحاد السوفياتي. هذا التعميم غير صحيح. نعم كانت هناك أحزاب تخضع للاتحاد السوفياتي، أو ما كنا نسميه الفاتيكان السوفياتي. ولكن هناك أحزابا أخرى كانت تختلف مع السوفيات. واليسار المصري كان ماركسياً ولكنه كان يرفض أن يرتبط بالاتحاد السوفياتي أو يسير على نهجه، إلا إذا اقتنع أن هذا النهج صحيح. وعندما جاءت ثورة يوليو كان السوفيات يرون أن جمال عبد الناصر كان عميلاً لأمريكا، وأن هذه الثورة محاولة من الاستعمار الجديد للحلول محل الاستعمار القديم. وفي هذا الوقت كان اليسار المصري ممثَلاً ومشاركاً في ثورة يوليو.

وعندما نشأ حزب التجمع الذي أرأسه الآن، كان كثير من الماركسيين العرب يؤيدون غزو السوفيات لأفغانستان، ولكن حزب التجمع رفض هذا الغزو وأعلن هذا.

أما حديثك عن تأييد الاتحاد السوفيتي لقرار التقسيم فهذا صحيح.. كما أن كثيرا ن الماركسيين العرب في ذاك الوقت أيدوا قرار التقسيم. بل كثير منهم يعتقد إلى الآن أن قرار التقسيم كان صواباً، وأن رفض العرب له كان كارثة. وأنهم لو قبلوا بذاك القرار لكان معهم الآن نصف فلسطين التاريخية.

* إذا لم يكن اليسار المصري على علاقة بالاتحاد السوفياتي فكثير من الأحزاب الشيوعية في العالم العربي كانت على علاقة وثيقة بالاتحاد السوفياتي، وعلاقات خالد بكداش الأب الروحي للشيوعيين العرب بموسكو موثقة تاريخياً.. هل تسمي هذه الأحزاب «مواخير»، وتدين علاقتها بالخارج؟

ـ المسألة ليست مسألة علاقة بالخارج.. فعبد الناصر كان على صلة بالاتحاد السوفياتي.

* مقاطعاً.. عبد الناصر كان يرأس دولة.. والدول من الطبيعي أن تكون لها علاقات بالدول الأخرى.. أنت انتقدت الإخوان المسلمين لوجود تنظيم دولي لهم، وجعلته مبرراً للتشكيك في ولائهم الوطني.. لماذا تخفف اللهجة الآن في حديثك عن علاقة الأحزاب الشيوعية العربية بالاتحاد السوفياتي؟

ـ لا لا.. بعض التنظيمات هي بطبيعتها ممتدة، لذا تجد البعثي اليمني له علاقة بالبعثي العراقي وله علاقة بالبعثي السوري. وحركة القوميين العرب تضم أناساً من هنا وهناك. المهم ألا يكون لي علاقة بأعداء وطني.

* لكن حين كانت الأحزاب الشيوعية العربية على علاقة وثيقة بالاتحاد السوفياتي. كان الاتحاد السوفياتي على خصومة وعِداء مع دولهم. أي أنهم كانوا على علاقة مع أعداء الوطن.. هل كان هذا الفعل مشروعاً؟

ـ من وجهة نظرهم كان هذا الفعل مشروعاً لأنهم يتصلون بمركز الفكرة التي يؤمنون بها.

* لماذا تعاني الحركات الشيوعية في العالم العربي حالة من التشظي والانقسامات والصراعات الداخلية الطاحنة. مع أن الفكرة الماركسية والشيوعية تقوم على أساس أممي يجمع العمال في العالم كله؟

ـ كلامك صحيح. وأنا كتبت كتابين هما نقد للاتجاهات الماركسية وللفكر الماركسي السائد. وقد سألني أحد الصحفيين مرة: متى يخون الإنسان فكرة؟ قلت له: عندما يقدسها. لأن من قدس فكرة فقد تجمدت في يده، وأصبح غير قادر على التجديد.

نعم هناك انقسامات كثيرة في الحركة الماركسية العربية، وفي الحركة الماركسية العالمية. كما هو الحال في الحركة الإسلامية التي عانت من كثير من الانقسامات. حتى أنني أذكر في مرحلة السبعينيات عندما كنا في السجون، كنا نرى الإسلاميين في العنبر الواحد يرفضون الصلاة خلف بعضهم. «وأضاف ضاحكاً».. تجدهم خمسين أو ستين في عنبر واحد، وإذا جاء وقت الصلاة يقوم ثلاثة أو أربعة للأذان.. وبعد ذلك تصلي كل جماعة لوحدها.. ونحن نقول لهم "يا جماعة مايصحش كدا، طيب إحنا نصلي مع مين؟».

* «قلت له مداعبا».. ليصلي اليساريون مع بعضهم. بشرط أن يأمهم في الصلاة ماركسي أزهري.

ـ المهم في الموضوع ليس قصة الانقسامات. ولكن المهم هو سيطرة السلفية الفكرية على العقل العربي والإسلامي. وتجد هذه السلفية والانغلاق واضحين في كثير من التيارات الماركسية والقومية التقليدية.

* وهل تعتبر نفسك ماركسياً؟

ـ أنا أعتبر نفسي ماركسياً، ولكنني أخالف التيارات التقليدية في الماركسية، ولي آراء لا يرضى عنها الكثير من الماركسيين.

* أنت تأخذ على الحركات الإسلامية أنها تمارس التكفير والإقصاء وتحتكر صحيح الإسلام وتمارس العنف. في نفس الوقت التيارات الماركسية وقعت في هذه الأخطاء. فكيف تنتقد التيارات الإسلامية عبر ما يزيد عن العشرة كتب في قضايا وقع فيها رفاقك الماركسيون؟

ـ اتفق معك في أن هناك إقصاء وتكفير عند الماركسيين ولكنهم لم يمارسوا العنف على الإطلاق.

* وماذا تسمي ما فعله الماركسيون في العراق حين تحالفوا مع عبد الكريم قاسم عام 1959م وسحقوا البعثيين والقوميين وكل الاتجاهات السياسية الأخرى.. وما فعلوه في اليمن الجنوبي؟

ـ أنا أتحدث عن مصر. وأقول أنه طوال تاريخ الحركة الشيوعية في مصر لم تمارَس أي أعمال عنف. بل كانوا يختلفون في الفكر، ويمارسون صراعاً سلمياً.

* ولكن الماركسية عقيدة أممية.. لماذا تتمسك دائماً بالقطرية؟

ـ أنا لا أدافع عن الأخطاء التي وقعت. بل إن كثيراً من الاتجاهات الماركسية وقعت في أخطاء لذا أطالبها بضرورة النقد.

* تطالب بعض الحركات الشيوعية اليوم بالديمقراطية، مع أن النظرية الماركسية تتمحور حول رفض فكرة «الديمقراطية»!! وتنادي بـ«ديكتاتورية البروليتاريا». هل دعوتكم إلى الديمقراطية والتعددية السياسية هي نوع من التكتيك والمراوغة حتى إذا وصلتم للسلطة انقلبتم عليها؟

ـ ما ذكرته صحيح مائة في المائة. أما قصة التكتيك والمراوغة فمن يريد أن يمارس التكتيك لا يكتب. لأن من يكتب فقد ألزم نفسه أمام الجميع بما كتبه. وأنا أعتقد أن الاتجاهات الماركسية عندها مشكلة حقيقية الآن في موضوع الديمقراطية، وهذه من نقاط الاختلاف بيني وبينهم. وقد كتبت رأيي في بعض القضايا حول الماركسية في كتابين أحدهما أسميته «ماركسية المستقبل»، وقد شرحت فيه رأيي حول الديمقراطية.. ويمكن أن أجيبك باختصار.. أنت تقول أن التجربة الماركسية الأولى في الاتحاد السوفياتي وفي بقية التجارب الأخرى لم تكن تمارس الديمقراطية.

* مقاطعاً.. أنا أتحدث عن «النظرية الماركسية» وليس عن التجارب الماركسية.؟

ـ النظرية أمر آخر.. وعلي بن أبي طالب قال «القرآن لا ينطق وهو مكتوب، وإنما ينطق به البشر.. وهو حمّال أوجه».. والنص الماركسي أيضاً يمكن أن يُفهم بشكل مختلف. وأنا ليس عندي دوغمائية اسمها «النظرية الماركسية». فلا تحاول أن تخيفني بالحديث عن «النظرية الماركسية». وإذا كان التطبيق قد فشل على مدى سبعين سنة فهذا يحتاج إلى إعادة فهم للنظرية وتصحيح الأخطاء.. أنا أدعو إلى الاشتراكية التي تحقق العدالة للناس. وأدعو إلى الديمقراطية التي تضمن التعددية السياسية. ولك الخيار في أن تضعني تحت أي لافتة حزبية وسياسية. واختر المكان الذي تراه مناسباً لي. أو ارمني في البحر.