المدير العام للمعهد الماليزي للتوعية الإسلامية: ماليزيا نجحت في إيجاد صيغة للتعايش السلمي بين القوميات وأتباع الأديان المختلفة

د. إسماعيل إبراهيم لـ«الشرق الاوسط»: نعمل على تصحيح صورة الإسلام في الخارج ومواجهة حملات الهجوم في الإنترنت

TT

يحظى المسلمون في ماليزيا بمكانة خاصة، فعلى الرغم من تعدد الأصول العرقية للدولة الماليزية، إلا أن الاسلام أصبح يمثل أكثر من ستين في المائة من عدد السكان ، يعزز ذلك أن الاسلام هو دين الدولة الرسمي، كما أن المذهب الشافعي هو المذهب الرسمي السائد بين المسلمين هناك حول صورة الاسلام في ماليزيا اليوم، وأوضاع المرأة المسلمة، والكثير من القضايا التي تواجه المسلمين في ماليزيا، التقت «الشرق الأوسط» الدكتور اسماعيل ابراهيم المدير العام للمعهد الماليزي للتوعية الاسلامية بكوالالمبور أثناء مشاركته في أنشطة المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشؤون الاسلامية.

* متى أنشئ معهد التوعية الاسلامية؟ وما أهم أهدافه؟

ـ أنشئ المعهد فى عام 1992 ويهدف الى تصحيح صورة الاسلام المشوهة خاصة عند الشعوب الاوروبية والاميركية لأن هذه الشعوب تنظر الى الاسلام نظرة سلبية لأنهم متأثرون بما ينشر فى وسائل الاعلام التى تصور الاسلام على انه دين العنف والارهاب ونحن نريد تصحيح هذه الأخطاء عن طريق تصوير الاسلام في صورته الحقيقية وإقناع الشعوب بأن الإسلام هو دين الأمن والسلام، ونحن في ماليزيا نعمل بصفة دائمة على نشر المفهوم الحقيقى للإسلام وتعاليمه وقيمه التي تدفع المسلمين نحو التقدم العلمي والتكنولوجي وفي غيره من المجالات.

* ما أهم الأديان والجنسيات الموجودة فى ماليزيا؟ وما مكانة الاسلام بين هذه الأديان؟

ـ بالنسبة للإديان هناك الاسلام والهندوكية والبوذية والكونفشيوسية وبعض الاديان الوثنية، أما الاجناس فأهمها الملايوية والهندية والصينية، بالاضافة الى عشرات الجماعات العرقية الصغيرة. ويصل عدد سكان ماليزيا الى حوالي عشرين مليون نسمة منهم 60% من المسلمين. وينص الدستور الماليزى على ان الاسلام هو الدين الرسمى للدولة.

* كيف استطاعت ماليزيا تحقيق التعايش بين هذه الاجناس والديانات المختلفة؟

ـ الحمد لله هناك تعايش سلمي واستقرار وهناك عدالة وتعاون وتسامح، فالكل مواطنون ولا تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو غير ذلك وقد تحقق ذلك لان الاسلام يقبل أن يعيش الآخرون فى ظله ويحصلون على كافة حقوقهم ويؤدون شعائرهم فى حرية تامة، ونحن نقتدي فى ذلك بما فعله النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحينما هاجر من مكة الى المدينة عقد معاهدة مع غير المسلمين تحدد حقوق وواجبات كل طرف وتدعو كل الاطراف الى التعايش فى أمن واستقرار، ونحن فى ماليزيا نقول إننا نتقبل غير المسلمين ليعيشوا فى مجتمعنا لأن القيم والعادات والتقاليد الاسلامية تأمرنا بذلك والقيم الاسلامية قيم عالمية يتقبلها أى إنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم، فأي إنسان فى العالم يمكن أن يقبل حقوق الجار ونظام الأسرة والحياة الاجتماعية. وفي مجال الدراسة والتعليم الاسلام له قيم جيدة في هذه المجالات.

* وماذا يقدم المعهد للمسلمين فى الوقت الحالي؟ وماذا فعل لتحسين صورة الاسلام فى الخارج؟

ـ المعهد يقوم ببحوث ودراسات علمية وينظم ندوات ومؤتمرات تتناول القضايا العصرية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن خلال هذه المؤتمرات نحاول توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وواجب المسلمين فى الاهتمام بالعلوم الحديثة والتكنولوجية ووسائل الاتصال والمعهد يرصد الحملات التى تشنها الحركات المعادية للإسلام على شبكة الانترنت لتشويه صورة الاسلام والمسلمين والتأثير فى عقول الشباب، والمعهد الماليزي للتوعية الإسلامية لديه مواقع على الانترنت لمواجهة هذه الحملات ليس فى المجال الديني والعقائدي فحسب وإنما فى كل القضايا العصرية من خلال تجميع عدد كبير من العلماء والمفكرين المسلمين فى التخصصات المختلفة لطرح رؤية مستقبلية شاملة تستطيع الاجابة على كل تساؤلات الأجيال الجديدة من المسلمين وغير المسلمين، أما بالنسبة لنشاط المعهد فى الخارج فنحن لنا علاقات بالدول والجمعيات في أوروبا وأميركا وقد عقدنا مؤخرا مؤتمرا بعنوان «أوروبا والعالم الاسلامي» بمبادرة من سفراء الدول الاوروبية في ماليزيا حضره ممثلون من دول الاتحاد الأوروبي.

* أمنيات

* هل من الممكن قيام سوق إسلامية مشتركة لمواجهة التحديات التي تحيط بالعالم الاسلامي؟

ـ في الحقيقة السوق الاسلامية المشتركة لا تزال في مرحلة الأمنيات والأحلام لكنها لم تخرج إلى النور ولا توجد خطط أو مراحل لتنفيذها حتى نصل الى شكل من أشكال التعاون الإقتصادي بين الدول الإسلامية. نحن نريد أن تكون هناك مشروعات مشتركة بين الدول الاسلامية وان نعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بينها وأن توضع الدول الاسلامية في أولويات بعضها البعض بالنسبة للاستيراد والتصدير، بحيث لا يتم الاستيراد من الدول غير الاسلامية إلا السلع والمنتجات التى لا توجد في العالم الاسلامي، أيضا نحن في حاجة الى رؤية مستقبلية لتوجيه التعاون بين الدول الاسلامية بما يؤدي في النهاية الى ايجاد سوق إسلامية مشتركة.

* ما أهم الجهود التي تبذلها ماليزيا للتوسع في التعليم الاسلامي ونشر اللغة العربية؟

ـ لقد أنشأت الحكومة الماليزية عدة مراكز إسلامية تتولى شؤون الدعوة أهمها مركز «فركيم» ومركز «رسييف»، وهى تنهض بالدعوة الإسلامية في منطقة جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادي وتعمل على حل المشاكل التي تواجهها الأقليات المسلمة في الدول غير الاسلامية. على سبيل المثال أرسلت هذه المراكز وفدا إلى الحكومة الصينية لإقناعها بالسماح للمسلمين بأداء شعائرهم الدينية في حرية وأيضا تهتم الحكومة بإنشاء المدارس الدينية وتعديل المناهج في المدارس الحكومية وزيادة عدد الحصص الدينية فيها، فهناك نوعان من المدارس : مدارس حكومية يتم تدريس الدين فيها بجانب المواد الآخرى ومدارس دينية تشبه المعاهد الأزهرية فى مصر وتشرف عليها حكومات الولايات، لكن لابد لطلبة هذه المدارس من الحصول على الشهادات الحكومية بجانب الشهادة الدينية. فالشهادة الحكومية تساوي الشهادة الثانوية في الدول العربية وهي التي تؤهل الطالب للالتحاق بالجامعات على عكس الشهادة الدينية، ومناهج المدارس الدينية تشتمل على المناهج الدينية والعربية وبعض المواد الآخرى.

من ناحية آخرى توجد ثلاثة معاهد رسمية لتحفيظ القرآن الكريم بالاضافة الى الكثير من المعاهد الأهلية أيضا عملت الحكومة على إيجاد التعليم الديني على مستوى الجامعة فأنشأت أقساما لدارسة الإسلام في كل الجامعات الوطنية والاقليمية مثل جامعة الملايو وجامعة التكنولوجيا بالاضافة إلى الجامعة الإسلامية العالمية فى العاصمة كوالالمبور التي تقوم بدور كبير إلى جانب مراكز الدعوة الإسلامية فى نشر الإسلام، وبجانب ذلك تقوم الحكومة الماليزية بايفاد بعض الطلبة للدراسة في الجامعات الاسلامية خاصة في مصر والسعودية.

* صندوق الحج

* أنشأت ماليزيا «صندوق الحج»، فما فكرة هذا الصندوق؟ وما الأسس والقواعد التى يباشر مهمته وفقا لها؟

ـ تم إنشاء هذا الصندوق منذ اكثر من ثلاثين عاما وهو يتولى الإشراف على الحجاج قبل سفرهم وحتى عودتهم من الديار المقدسة ولدينا وزارة خاصة يشرف عليها وزير مفوض وتتبع رئاسة الوزراء مباشرة للإشراف على صندوق الحج ويتم الانفاق على الحجاج من الصندوق وتوفير أساتذة وعلماء لإلقاء محاضرات للحجاج عن كيفية أداء شعائر الحج وإعداد مساكن للحجيج وإرسال بعثة طبية لمرافقتهم، وتقوم فكرة صندوق الحج على ان من يرغب في أداء الفريضة يخصص جزءا من راتبه لهذا الصندوق بحيث يتم استثمار هذه الأموال فإذا بلغ ما أودعه الشخص حدا يكفي اداء الفريضة فعندئذ يسمح له بادائها وقد اتخذت الحكومة قرارا بان يكون أداء الحج من خلال هذا الصندوق منعا للمشاكل التي قد تحدث للحجاج عندما تتولى الشركات السياحية وغيرها شؤون فريضة الحج والحجاج .

* ما أهم التحديات التى تواجهها المرأة الماليزية المسلمة؟

ـ لا توجد مشكلات كبيرة بالنسبة للمرأة المسلمة، فالتقاليد الماليزية تسمح للمرأة بمشاركة الرجال فى العمل، ففى القرى تذهب المرأة إلى الحقول وتعمل مع زوجها، وفي المدن تعمل المرأة في الدوائر الحكومية وفي الشركات وهناك سيدات ماليزيات تولين مناصب مرموقة كمديرات للشركات والمؤسسات وتحصل المرأة العاملة على راتب يساوي راتب الرجل في نفس المجال وهكذا لا توجد فى مجتمعنا تفرقة بين الرجل والمرأة فكل يحصل على حقوقه وكل يؤدى واجباته.