الفلسطينيون على خط التماس محرومون من أداء شعائرهم في رمضان

TT

للعام الرابع على التوالي يحرم عبد المالك ، 44 عاما، من حلاوة العبادة في شهر رمضان. فبالنسبة لهذا المدرس فقد حرم من أهم الشعائر التعبدية التي ينفرد بها رمضان دون غيرها، الا وهي صلاة التراويح جماعة في المسجد، فضلا عن صلاة الفجر، وهما الصلاتان اللتان تشهدان عادة حضور اكبر عدد من المصلين. فبالنسبة لعبد المالك، والمئات من جيرانه الذين يقطنون في حي «ابو عريف» شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فان التحرك خارج البيت بعد حلول الليل يعني العودة الى البيت جثة هامدة. فهذا الحي يقع قبالة مستوطنة «كفار دروم» وجنود الاحتلال الذين يتمركزون في محيط المستوطنة لا يترددون في اطلاق النار على كل فلسطيني يتحرك في الاحياء المحيطة بالمستوطنة بعد حلول الليل.

التعليمات الصادرة لهؤلاء الجنود تقضي بان يتم التعامل مع كل فلسطيني يتحرك في هذه المناطق على اعتبار انه مقاوم يتوجب الاجهاز عليه حالاً. الخوف من رصاص جنود الاحتلال يلزم هؤلاء الناس بالصلاة في منازلهم. فعبد المالك يقيم صلاة التراويح جماعة آماً زوجته، وطفله. بعض الجيران الذين تلتصق بيوتهم ببعضها البعض يقومون باداء صلاة التراويح جماعة مع بعضهم البعض، الرجال مع الرجال والنساء مع النساء. ما يحدث لعبد المالك وجيرانه يحدث في الواقع لكل سكان التجمعات السكانية الفلسطينية التي تقع في محيط المستوطنات في قطاع غزة، فالتحرك ليلا بالنسبة لهؤلاء مغامرة غير محسوبة النتائج.

الى جانب هؤلاء، فان كل الذين يقطنون في مناطق التماس بالقرب من الشريط الحدودي مع مصر، او بجوار الجدار الفاصل بين القطاع واسرائيل، يجبرون على الصلاة في منازلهم لنفس الاسباب. لكن اشد ايام هؤلاء الناس صعوبة في رمضان هو عندما يبزغ الفجر وقد غطى الضباب المنطقة، فجنود الاحتلال الذين يتولون الحراسة في محيط المستوطنات او مواقع جيش الاحتلال لا ينفكون يطلقون النار العشوائي على كل الشوارع والازقة والبساتين المنتشرة في الاحياء الفلسطينية من اجل ردع أي مقاوم عن الاقتراب من المستوطنة او الموقع العسكري مستغلين انتشار الضباب الكثيف في محاولة تسلل الى داخل المستوطنات ومواقع جيش الاحتلال.

فجيش الاحتلال يفترض ان المقاومين الفلسطينيين سيستغلون وجود الضباب من اجل تنفيذ عمليات تسلل الى داخل المستوطنات. المساجد في محيط المستوطنات وفي مناطق التماس تشهد اقبالا ضعيفا ويقتصر روادها على جيران المسجد القريبين جدا. بعض العائلات في هذه المناطق تقضي ليالي رمضان محجوزة في غرف صغيرة. فعناصر الوحدات الخاصة في جيش الاحتلال الذين يتسللون الى داخل التجمعات السكانية الفلسطينية في هذه المناطق من اجل نصب الكمائن لرجال المقاومة الذين يقومون باطلاق الصواريخ والقذائف يقومون بالسيطرة على منزل ما وارغام افراد العائلة على التجمع في غرف صغيرة، في حين يقوم الجنود باعتلاء السطح لمراقبة تحركات المقاومين. عائلة خليل بشير للشرق من دير البلح خاضت هذه التجربة في رمضان.

ان كان شهر رمضان قد حل هذا العام وظروف الفلسطينيين صعبة، فانه مما لا شك فيه ان سكان التجمعات السكانية في محيط المستوطنات يعيشون ظروف اكثر صعوبة ومأساوية.