مكة المكرمة: 3000 غرفة و7 مستشفيات وتموين يكفي لـ 3 أشهر وآثار ومتاحف للزيارة

TT

مليون حاج تقريبا حسب الاحصاءات الرسمية السعودية حطوا رحالهم في مدينة مكة المكرمة واستمر وصولهم نحو ما يزيد على ثلاثة أسابيع. ويمكن القول، ان العاصمة المقدسة، رفعت درجة استعداداتها منذ نهاية حج العام الماضي، فقد تعود السعوديون على أن يبدأوا استعدادهم للحج بنهاية حج العام.

المشهد الحالي في مدينة مكة المكرمة، هو امتلاء ساحات الحرم المكي والشوارع بالحجاج وهم يسيرون في تجمعات منظمة، يؤدون فروض الصلوات الخمس ثم يذهبون إلى مقار سكنهم فيما يفضل البعض الذهاب لشراء الاغراض والحاجيات والهدايا والتسوق أيضا.

لكن رحلة وصول الحجاج إلى مكة المكرمة يسبقها وصولهم إلى المنافذ البرية والجوية والبحرية، حيث يتولى مكتب الوكلاء الموحد المكلف وإنهاء كافة اجراءات استقبالهم، ومن ثم تسجيل معلوماتهم الشخصية آليا، واستيفاء اجور الخدمات المستحقة لكافة ارباب الطوائف، وصرف تذاكر ركاب الحافلات، وتحميل الأمتعة الشخصية، وتسيير رحلاتهم إلى مكة المكرمة، ومن ثم استقبالهم في منافذ القدوم بعد فروغهم من أداء الفريضة، وانهاء إجراءات عودتهم بنفس السرعة التي تمت خلال استقبالهم. وحينما يصل الحجاج إلى مدينة مكة المكرمة يبرز دور مؤسسات الطوافة البالغ عددها ست مؤسسات، والتي تقوم بأدوار التوجيه والارشاد وتزويدهم بالمعلومات الوافية، ومساعدتهم في البحث عن السكن المناسب لهم، ومن ثم نقلهم إلى المكان المعد لإقامتهم، وكذلك نقل أمتعتهم من واسطة النقل التي قدموا فيها إلى مقر سكنهم، بالإضافة إلى الإشراف على راحة الحجاج وتفقد أحوالهم طيلة اقامتهم في مكة المكرمة. كما تم تخصيص عدد من العاملين الذين يتولون مسؤولية طوافة وارشاد الحجاج إلى أمور دينهم، ومساعدتهم على ممارسة واجباتهم، مع إرسال مندوبين بصفة مستمرة إلى مكاتب ارشاد الحجاج التائهين التابعة لوزارة الحج والموجودة حول الحرم المكي الشريف لتسلم الحجاج واصطحابهم إلى مقر سكناهم، وكذلك احضار وسائط النقل المقررة للحجاج في الأوقات المناسبة لصعودهم إلى عرفات ونفرتهم منها إلى مزدلفة ومنى، حيث مقر خيامهم المعدة لنزولهم فيها، وتوفير احتياجات المؤسسة من مخصصات الحجاج في مشعر منى وعرفات من لجنة توزيع الأراضي بالمشاعر، وايصال التيار الكهربائي لها، وتوفير وسائل السلامة الخاصة بذلك، والقيام بنظافة الخيام المعدة للسكن، وتوفير المياه النظيفة والباردة للشرب، والاضاءة المناسبة، مع تأمين العمال اللازمين للنظافة، ودورات المياه والحراسة الكافية. وتعد مسؤولية تسلم جوازات ووثائق الحجاج تذاكر عودتهم إلى بلادهم والمحافظة عليها من أهم مسؤوليات هذه المؤسسات، ولذلك تحرص هذه المؤسسات على تزويد كل حاج ببطاقة مطبوعة عليها المعلومات الأساسية له، بالإضافة إلى وضع إسورة حول معصمه تحتوي على معلومات عن المجموعة التي تتولى خدمته.

وفي الجانب الآخر، رفع القطاع الفندقي والشقق المفروشة في مكة المكرمة استعداداته لاستقبال ما يزيد على مليون ونصف مليون حاج، وتقدر طاقة الفنادق بنحو 3000 غرفة، أما الشقق المفروشة فيزيد عددها عن 2500 شقة وجناح مفروش. وعلاوة على ذلك، هناك نحو ما يزيد على 4 آلاف مبنى سكني حصل ملاكه على تصريح من الجهات المختصة باسكان الحجاج فيه.

وتقول المصادر إن نسب الاشغال المرتفعة تركزت في فنادق الدرجة الممتازة والأولى بسبب اعتمادها التشغيلي على توقيع عقود مبكرة مع مجموعات بعثات الحجاج الرسمية والشخصيات المهمة VIP. أما فنادق الدرجة الثانية فقد بلغت نسب الإشغال فيها نحو 50 في المائة تقريبا ويمكنها الارتفاع إلى أكثر من ذلك مع زيادة تدفق حجاج الداخل من السعوديين. واستبعد مسؤولان في فندقي أوبروي المدينة المنورة وأجياد في مكة المكرمة أن يواجه القطاع الفندقي ضغطا بسبب قلة المعروض من الغرف، إذ شهدت المدينتان أخيرا دخول العديد من المشاريع مرحلة التشغيل بما يلبي الطلب المتزايد في مثل هذه الفترة. بيد أن مسؤولا في أحد الفنادق لمح إلى أن فنادق الدرجة الثانية قد تواجه ضغطا إثر التغيرات التي لحقت بقطاع الشقق المفروشة بعد صدور تنظيم هذا القطاع نتج عنه خروج الكثير منها من السوق لعدم تلبيتها الشروط المطلوبة. وفي ما يخض الأسعار فإن الفنادق في مكة المكرمة والمدينة المنورة تتبع نظام الأسعار الموسمية، الذي يتيح لها زيادة أسعارها بنسبة 75 في المائة بالنسبة للأولى والممتازة و125 في المائة بالنسبة لفنادق الدرجة الثانية و150 في المائة بالنسبة للدرجة الثالثة. يشار في هذا السياق إلى أن نظام الأسعار الموسمي ينحصر سريانه فقط في مواسم الحج والعمرة والإجازات.

وبشكل عام تعتبر الأسعار مستقرة، إذ يمكن الحصول على غرفة مزودجة في فندق من الدرجة الممتازة بمتوسط سعر 550 ريالا فيما تبلغ في الأولى 480 ريالا. وفي ما يخص العمائر السكنية التي عمد العديد من ملاكها إلى تأجيرها في موسم الحج، فإن دخولها سوق المنافسة محكوم بنظام صارم ودقيق تشرف عليه وزارة الحج يمنع التلاعب بالأسعار على حساب جودة الخدمات، مما يعني أن تأثيرها على الفنادق قد يعد محدودا بعض الشيء. وترتفع الحركة التجارية في مدينة مكة المكرمة وتنشط مراكز التسوق ويزيد الطلب على المواد التموينية والاغذية. وأكد وكيل وزارة التجارة محمد قاروب ان السلع متوفرة حاليا في مدينة مكة المكرمة، مبينا ان حجم الطلب يقدر على أساس النظرة لمعدلات استهلاك الفرد من الفواكه والخضراوات والارز والخبز والمياه المعبأة في عبوات بلاستيكية مختلفة الاحجام والعصائر والمرطبات والمياه الغازية واللحوم والدواجن والاسماك والبيض والحليب ومشتقاته والفواكه المعلبة، والمعلبات من الخضراوات واللحوم المجهزة والسكر والزيوت من السلع والمواد الغذائية والتموينية المستوردة والمنتجة محليا. وفي ذات الشأن، أنهت وزارة التجارة السعودية، المسؤولة عن ملف مراقبة الأسواق والتموين الغذائي في الحج، اعتماد خطتها لموسم حج هذا العام. وتعتمد الخطة على تكليف عدد من المراقبين والمفتشين تكثيف الرقابة على الأسواق والقيام بجولات ميدانية، وتبعا لذلك تم تشكيل فرق عمل وأسندت إلى كل فرقة مهام محددة، وهي: تفيتش الفنادق والشقق المفروشة والمحلات التجارية للتأكد من التزامها بالضوابط. أما الفرقة الثانية فتختص بالقيام بزيارات ميدانية مستمرة على مصانع الثلج والتفتيش عليها وتحديد حجم الانتاج اليومي والمخزون، إضافة إلى زيارة الشركات وتجار المواشي للوقوف على إمكانياتهم، والتأكد من مستويات الأسعار وتواريخ صلاحيتها. في حين تختص الفرقة الثالثة بالتفتيش على محلات ومشاغل المعادن الثمينة والأحجار الكريمة للتأكد من تطبيق أحكام المعادن، كما تشمل مهام هذه الفرقة التفتيش على محلات تجهيز الوجبات الجاهزة والمخابز ومحطات بيع الوقود. ومن جهتها تختص الفرقة الخامسة بالقيام بجولات ميدانية في الأسواق لمعرفة ومراقبة أسعار السلع التموينية وإعداد تقارير يومية ومراقبة الوضع التمويني بشكل عام. وشكلت وزارة التجارة مجموعة عمل تتكون من مراقبين يعملون بصفة دائمة للتأكد من عدم مستويات الاسعار وصلاحية البضائع المتوافرة فيها.

من جهتها، أنهت أمانة العاصمة المقدسة، ذراع وزارة الشؤون البلدية والقروية في أعمال الحج، ترتيب أوراقها الداخلية في ما يخص أعمالها خلال موسم حج هذا العام. وحسب أرقام تقديرية فإنه من المقرر أن يبلغ عدد عمال النظافة نحو 13.5 ألف عامل إضافة إلى تجهيز ما يزيد على مائة مخزن أرضي للنفايات وما يزيد على 250 صندوقا للنفايات الضاغطة بطاقة تتجاوز 2500 طن. كما أنهت وزارة الشـؤون البلدية والقروية تجهيز غرف النفايات في منى وتجهيز دورات المياه.

ويبدو الموقف الصحي واستعداد المستشفيات في مدينة مكة المكرمة لاستقبال الحالات المرضية للحجاج مطمئنا، حيث أكد الدكتور أسامة شبكشي وزير الصحة السعودي، انه ستكون هناك 7 مستشفيات و30 مركزا صحيا في مكة المكرمة تعمل على مدار الأربع والعشرين ساعة، وتبلغ طاقتها السريرية أكثر من ثلاثة آلاف سرير.

وفي الجانب الآخر، تحتضن مكة المكرمة عدداً من المواقع والمساجد التاريخية، منها مسجد الجعرانة، ومسجد التنعيم، وغار حراء، وغار ثور، وجميعها ضمن الاماكن والآثار الإسلامية التي يحرص الحجاج على زيارتها في موسم الحج، منها على سبيل المثال: غار حراء وهو أحد أهم معالم مكة المكرمة، لما له من خصوصية عظمى، تتمثل في احتضانه الرسول صلى الله عليه وسلم لسنوات طويلة قبل تلقيه الأمر الرباني بالرسالة. ومما زاد في هذه الخصوصية كونه يعد الموضع الذي استقبل فيه الرسول أول تكليف إلهي بالنبوة، عندما بلغه بذلك جبريل عليه السلام. كما يمكن للحجاج أيضا زيارة غار ثور وهو أحد المحطات المهمة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتتجلى هذه الأهمية في كونه جمع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعيدا عن أعين مشركي مكة أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.

وهناك أيضا متحف مكة المكرمة الذي أنشأته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف وهو يشتمل على سبع قاعات، تضم مجسما حديثا للمسجد الحرام، اضافة الى صور حديثة وقديمة للحرمين الشريفين، توضح مدى التطور والتوسعة اللذين شهدهما الحرمان الشريفان في العهد السعودي. ويضم المتحف مجموعة من القطع الاثرية الثمينة والنقوش الكتابية، من أبرزها سلم الكعبة المشرفة المصنوع قبل 180 عاما والمصنوع من الخشب الساج والمرصع بالنحاس المذهب، ومقصورة مقام سيدنا ابراهيم عليه السلام، وأهلة المنارات القديمة للحرمين الشريفين، بالاضافة الى مجموعة من الصور الفوتوغرافية القديمة لعدة جوانب من الحرم المكي الشريف قديما وحديثا. وهناك أيضا مجموعة من القطع الاثرية القديمة من أبرزها أحد أعمدة الكعبة المشرفة الذي يرجع تاريخه لعمارة عبد الله بن الزبير في القرن الاول الهجري، وباب الكعبة المشرفة المصنوع في عهد الملك عبد العزيز، والمرصع بالذهب والفضة والذي صنع عام 1363 للهجرة، بالاضافة الى احتواء القاعة على مجموعة من قطع كسوة الكعبة المشرفة القديمة والحديثة الداخلية والخارجية، وعدد من الصور والرسومات الخاصة بالكعبة المشرفة.