حج وبيع «سبح»

TT

كثير من الحجاج من يأتي الى الديار المقدسة خالصا لله لأداء نسكه، وقد اهدر الكثير من جهده واعصابه في اجراءات رسمية وروتينية، قاطعا مسافات طوال سواء كان جوا ام بحرا او حتى عن طريق البر، ليشهد يوم التروية ويصعد الى عرفات ملبيا، وينفر منها الى مزدلفة ثم الى منى التي يقضي فيها ثلاث ليال يرجم فيهم الشيطان، يعود بعدها الى وطنه او مدينته محلقا ومقصرا ونظيفا من الذنوب كيوم ولدته امه. بيد ان البعض منهم يأتي لاداء الفريضة حاملاً معه سلعاً وبضائع ومنتجات يبيعونها لتغطية تكاليف رحلتهم الطويلة، لتكون تلك التجارة عونا لهم في تخفيف اعباء مصاريف الرحلة الطويلة، او لشراء بضائع وسلع من المنتجات السعودية مستغلين انفتاح اسواقها على كل الاسواق العالمية ما جعل السوق السعودية مزدهرة دائما «الشرق الاوسط» رصدت الكثير من هؤلاء الحجاج التجار في ساحات منى وشوارع مكة المكرمة، وشاهدت مجموعات من بعض الجنسيات وهي يعرضون بضائعهم وتجاراتهم من منسوجات وسجاجيد وتحفا فنية واسلامية، واجهزة كهربائية والكترونية، ومصنوعات فضية ونحاسية، وآلات تصوير ومناظير مكبرة، بل وحتى مواد غذائية او طيور زينة، وعن هذه التجارة يقول احمد القرشي صاحب احدى حملات الحج الداخلية لـ «الشرق الاوسط»: ان هذه الظاهرة ليست جديدة بل قديمة قدم الحج نفسه منذ شرعه الخالق سبحانه وتعالى وامضاه رسوله الكريم، ويضيف القرشي الذي يعرض بعض هؤلاء التجار بضائعهم امام مقر حملته: ان تعاطي بعض الحجاج للتجارة الى جانب اداءهم لنسك الحج دعى اهل مكة المكرمة الظرفاء على التعليق على هذا النوع من التجارة مستغلين موسم الحج بأنها: «حج وبيع سبح» حتى اصبحت هذه المفردة مثلا يضرب عندهم خاصة عندما يستغل البعض مناسبة ما ويعرض ما عنده.

وهناك تجارة اخرى ـ ولو ان السلطات تحاربها بكل ما استطاعت من وسائل ـ الا وهو التسول، وعرض البعض من المتسولين ما لديهم من بضائع مقززة ومنفرة، كأن يحضر احدهم ابنته او ابنه الذي ولد بلا اطراف، او يبرز اكتعاً يده المجبوبة من اعلى الكتف، او ساقيه المقطوعين من عند مفصل الركبة، او يعرض احدهم ورماً كبيراً يخيف حتى راجمي الشيطان نفسه.

وتوجد ايضا تجارة لا تخلوا من طرافة، حيث يعرض البعض خاصة الافارقة او من بعض الجنسيات الشرق آسيوية ادوية واعشاب خاصة بالباءة، او من يعرض تمائم واحجبة تمنع من شر العين والحسد، وهؤلاء لا يعرضون بضائعهم مباشرة بل يتخيرون زبائنهم ممن يتوسمون فيهم الرغبة في التجاوب، كأن يختارون رجلا عجوزا لعرض دوائهم الجنسي، او يختارون امرأة طارفة لاخبارها انها محسودة، والقليل من الحجاج من يتجاوب مع هذا النوع، وهذان المثالان الثاني والاخير تحاربهم سلطات الحج الامنية ولا ترعوي في انزال اقصى العقوبة لحقهم، اما المثال الاول فيجد منها التسامح والتعاطف والتغاضي.