أصداء رافعات ومطارق عمال الصيانة تبدد هدوء المشاعر المقدسة بعد رحيل الحجاج

TT

بدت بالأمس «منى» ذلك الوادي المطعم ببعض التلال والنجود والمحدود بجبال شاهقة من ناحيتى الشمال والجنوب، خاوية كعادتها في فترات طويلة من كل عام، بعد أن غادرها أكثر من 1.8 مليون حاج قدموا من اصقاع الأرض.

ولم يعكر سكون ذلك الجزء المهم من العالم، سوى أصداء رافعات ومطارق جاويد ومشتاق وعبد الحق ـ عمال الصيانة ـ الذين بدأت للتو مهمتهم، تمهيدا لإعادة المخيمات والمرافق لسابق عهدها، وتجهيزها لاستقبال ضيوف الرحمن الذين اعتادوا على زيارتها في كل عام في حين واحد.

ويكاد يختلط الأمر على الغريب المار بهذه المشاعر، وهو يتابع سباق هؤلاء العمال على إنجاز مهمتهم التي بدأت فور مغادرة آخر حاج وأوشكت على الانتهاء، وكأنما موسم الحج على الأبواب، وضيوف الرحمن تنتظر إذن الدخول عبر المطارات.

فهذه الخيام المقاومة للحريق والمنشورة على مساحة 2.5 مليون متر مربع، والتي تجاوزت تكلفتها مليار دولار، والمتسعة لأكثر من 1.6 مليون حاج، فقد بدأت بالفعل الخطوات الأولية اللازمة لصيانتها وتجهيزها لاستقبال ضيوف الرحمن في العام المقبل، من خلال استبدال التالف من قطع القماش الجانبية للخيام، والتأكد من الهياكل الحديدية لكل خيمة، وضمان سلامة فتحات الضوء وتجديد الهواء التي تعلو كل خيمة، وإعادة تأهيل أجهزة التكييف ومكائن ومراوح شفط الغازات والابخرة السامة واجهزة استشعار مكافحة الحرائق، اضافة إلى التدقيق في تواصيل شبكة مواسير المياه والكهرباء.

ويلحظ المار بشوارع منى انتشار اللون البرتقالي ورجالا وحاويات في المكان، فهؤلاء عمال النظافة ومركباتهم تنقل ما خلفه الحجاج من نفايات، سواء كانت داخل مخيماتهم في منى أو أثناء مرورهم بمزدلفة وعرفات أو بالقرب من جسر الجمرات.

على الطرف الآخر من منى تبدأ فرق أخرى من الصيانة أعمالها في صيانة مجازر وحظائر وثلاجات المعيصم الحديثة، والمقدرة مساحتها الاجمالية بنحو 48.3 ألف متر مربع، وتقديم أفضل عصارة دراسات الاختصاصيين الكفيلة بتنظيم أساليب الذبح سواء من قبل الحجاج أو من جزاري المذبح.

ولا يختلف الحال كثيرا في عرفات ومزدلفة الامتداد الطبيعي لوادى منى، حيث السكون والهدوء بعيدا عن صخب المدينة، باستثناء أصوات بعض فنيي الدهان العاكفين على طلاء شاهد جبل الرحمة، وإزالة ماعلق به من كتابات وعبارات خطتها أيدي بعض الحجاج، إضافة إلى اعادة تخطيط الطرق المؤدية اليه، مع اعادة نشر الحصى المنقول من منى حيث جسر الجمرات، بعد أن أدى مهمته في رجم موسوس إبراهيم إلى مواقعه السابقة في المزدلفة.