دراسة تناقش مسائل المواريث في الشريعة الإسلامية

TT

يقدم كتاب «مسائل في المواريث» للدكتور عبد العزيز محمد الزيد، الصادر عن دار الفيصل الثقافية، توضيحاً لمراحل تشريع الميراث في القرآن الكريم، التي ختمت بنزول آيات المواريث الثلاث. وتبع ذلك بيان الإرث على قاعدة «للذكر مثل حظ الأنثيين» الواردة في آيات المواريث، تلك القاعدة التي يبدو في ظاهرها أنها تقر ظلم المرأة عند من لا معرفة له بالأحكام، مع ما تمتعت به المرأة من تكريم وحظيت به من حقوق في ظل الإسلام لم تحظ به مثيلاتها ولقرون عديدة في ظل أي ديانة وتحت أي تشريع. اذ توحي القاعدة لمن لا معرفة له بقواعد الأحكام أن الإسلام يقر ظلم الأنثى بجعلها ترث أقل من الذكر عند اجتماعهما، وهذا أسوأ الظن. فالإسلام أكرم المرأة وأعطاها كامل الحقوق منذ أربعة عشر قرناً، فقد كانت المرأة مهيضة الجناح مهضومة الحقوق، يشك حتى في إنسانيتها في ظل ما يسمى بالحضارة اليونانية. وتنتقل المرأة من العز في بيت أبيها الى بيت الزوج عند الرومان فلا تعود إلى أهلها، إذ أن الزوج في عرفهم يستمتع بالمرأة ما شاء فاذا طابت نفسه منها باعها الى رجل آخر وهكذا، فالمرأة عندهم تعامل كالارقاء والسوائم تنتقل من يد الى يد دون أن يكون لها رأي أو تؤخذ لها رغبة وما تغيير اسم الزوجة الى أسرة الزوج بعد الزواج عند ورثة الحضارة الرومانية في العالم الغربي ومن حذا حذوهم الا تأثر بذلك.

وعند اليهود الإرث للذكر سواء من نكاح أو سفاح، وإذا وجد أكثر من ابن فيرث الابن البكر ضعف غيره، أما الأنثى فلا ترث عند اليهود سواء كانت زوجة أم أماً أم بنتاً أم أختاً، ثم استثنيت البنت بأن جعل لها مع الأبناء حق النفقة في التركة حتى تتزوج أو تبلغ، أو إذا لم يوجد فروع من الذكور فينتقل الإرث إلى الفرع المؤنث، البنات ثم أولادهن.

وفي ظل القانون الانجليزي ـ مثلاً ـ ما كان للمرأة شخصية مالية مستقلة إلا في نهاية القرن التاسع عشر بصدور نظام أموال المرأة المتزوجة عام 1882، الذي أجاز للمرأة أن تملك وتكسب وتتصرف في أموالها الشخصية بوصية أو غير ذلك. وفي بعض تشريعات الغرب ـ إلى وقت قريب من منتصف القرن الماضي ـ عُمل بتوريث الابن الأكبر وحرمان غيره من أولاد المتوفى الذكور والإناث.

واما العرب في جاهليتهم فعلى سوء حال المرأة عند بعضهم إلا أن وضعها بشكل عام ما كان بأسوأ من وضعها عند غيرهم. ورغم هذا لم يرض الإسلام به فعمل على تغييره بما يمنع الحيف عن المرأة ويكفل حقها، فالقاعدة الفقهية أن «الغرم بالغنم»، وبناءً عليه فكل له من الحقوق بقدر ما عليه من الالتزامات، فالرجل من الناحية المالية ألزمته الشريعة الإسلامية بما لم تلزم به المرأة فعليه عندما تتوق نفسه إلى الزواج يدفع مهراً إلى المرأة التي يريد الاقتران بها، فالمرأة بهذا تقبض والرجل غارم; والرجل عليه النفقة على زوجته واولادها منه، وكذا على من يخدمها إن كانت ممن يخدم، وتأمين كل ما يلزم من مسكن وملبس ومطعم ومركب، هذا بالاضافة إلى إلزام الرجل بالإنفاق على المحتاج من أقاربه وهم عموم نسبه وكل من بينه وبينهم ميراث; في القتل الخطأ يتحمل عاقلة القاتل وهم الرجال الدية دون النساء; كما أن ضيافة الضيف على الرجل لا على المرأة.

كما جرى الحديث عن الإرث بجهتين عند العلماء وأنواعه وطريقة حل المسائل التي يرد فيها ذلك. وعرج المؤلف في كتابه الى الحديث عن إرث الجدات، وأن الجدة وإن كانت أماً إلا أن نيابتها عن الأم غير كاملة، لأن الأم المذكورة في آيات المواريث هي الأم المساوية للأب، وعلية فإرث الجدة إنما ثبت بالسنة والإجماع، ولم يرد لها في السنة غير السدس. وتضمن ذلك ترتيب شجرة تبين درجات الجدودة مرقمة، ومن لا يرث معلم عليه بعلامة «*»، مع التنويه على أن الإرث من عدمه يتلازم مع تلك الاتجاهات المذكورة في الشجرة مهما علت درجة الجدودة. كما جرى توضيح سبب عدم توريث أم الجد وأمهاتها في مذهب الامام أحمد مع تفصيل لحالات إرث الجدة أو الجدات.