أصولي مصري: أهرامات الجيزة هي «الاوتا الثلاثة» في القرآن

السيد نصير يرسل بحثا علميا لـ«الشرق الأوسط» من داخل سجنه الأميركي

TT

كل شيء مباح في الحرب، وكل شيء مباح في السياسة، ولكن تبقى هناك محظورات يجب على كل محارب او سياسي عدم الاقتراب منها لانها تمثل ببساطة احلام الناس البسطاء وتاريخهم وذكرياتهم، ومناسبة هذا الكلام ليس ما حدث في افغانستان من تحطيم جماعة طالبان لتماثيل بوذا الشهيرة التي يرجع تاريخها الى اكثر من 1500عام، ولكن السبب المباشر هو قيام اصولي مصري من داخل سجنه الاميركي بكتابة بحث علمي خص به «الشرق الأوسط» قرأ فيه العشرات من الكتب عن اهرامات الجيزة، ويربط في تفسيراته بين بناء الاهرامات الثلاثة، وآيات من القرآن الكريم، باعتبار ان الكتاب المنزل شرح في آياته احوال من سبقوه من اقوام وشعوب. والاصولي المصري هو السيد نصير، وهو اصولي بورسعيدي، متهم بالتورط في قتل الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة «كاخ» المتعصبة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1990، ويعيش في سجون الولايات المتحده منذ عشر سنوات، ولاتسألوا عن المدة الباقية لان الحكم الصادر ضده بالسجن مدى الحياة، (وهي نفس العقوبة الصادرة ضد عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية المصرية المحتجز في سجن روشستر مينسوتا الاميركي بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك). وعلى الطرف الآخر مما اثارته جماعة طالبان من ضجة عالمية، يقف نصير عند آخر النفق، وهو يمسك في يده بشمعة ضوؤها شاحب، لكنها ومضة امل في طريق لا تتضح له نهاية اسمه العلم والمعرفة والبحث الدؤوب، قد لا نتفق معه، ولكنها محاولة لقراءة تاريخ ابرز عجائب الدنيا السبع من خلال استنباط ايات القرآن الكريم.. ويضع نصير عنوانا لبحثه هو «اوتاد مصر الثلاثة» واطلق لفظ «ابن الجنية» على المصمم العبقري المصري الذي صمم الهرم. ويقول نصير، وهو فنان مرهف الحس متخصص في النحت وخريج كلية الفنون التطبيقية جامعة القاهرة، ورقمه 054 ـ 35074 بالدور الثالث بسجن لومبوك بولاية كاليفورنيا الاميركية في بحث علمي ان هناك آيات قرآنية تكشف ان الاهرامات بنيت اساسا بسبب حدوث زلازل في الزمن القديم، مما استدعى تشييد هذه الاهرامات لتقف ضد ثورات الزلازل». ويستشهد نصير بالآية القرآنية الواردة في سورة النبأ «ألم نجعل الارض مهادا والجبال اوتادا»، ويقول نفهم من هذه الآية ان الله البديع المصور جعل الارض مستوية كالفِراش او البساط، وخلق لنا الجبال لتكون لنا كالاوتاد المخترقة لسطح الارض. واكتشف العلماء حديثا ان الجبال تقوم بمهام عدة، منها تثبيت الارض وتسكينها، وتقوم ايضا بمهمة امتصاص الهزات الارضية، التي تأتي من اعماق باطن الارض. ويتطرق نصير من خلال تفسيره لآيات سورة ص «كذبت قبلهم قوم نوح وعاد، وفرعون ذو الاوتاد» وآيات سورة الفجر «وفرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلاد». والاوتاد حسب رأي نصير كما نقلها عن العلماء، ومنهم ابو الاعلى المودودي، تعني القوة والعنف او جيوش الفرعون، أو اهرامات مصر المتبقية من عظمة وأبهة الملوك المصريين الاوائل، ولكن عند مقارنة لفظ «وفرعون ذي الاوتاد» وطابقناها مع المعنى الموجود في سورة الفجر «والجبال اوتادا»، فسيكون معناها ان الله تعالى لقب ملك مصر القديمة بفرعون ذي الجبال، فما هي تلك الجبال التي لقب بها الله هذا الفرعون المصري القديم؟

يقول نصير من خلال دراسة التاريخ المصري القديم نجد ان قدامى المصريين وصفوا بلغتهم الهيروغليفية القديمة اهرامات الجيزة بانها «الجبال المقدسة»، اذن فقد كانت بالنسبة لهم «اوتادا» مقدسة حامية وحافظة تحميهم من اشياء خطيرة، كانوا يخافون منها. وسألت نصير عبر الهاتف عن الوقت المخصص له داخل زنزانة السجن الاميركي للدراسة والبحث، فقال هناك على الاقل ست ساعات يوميا، خصصتها خلال الشهور الماضية لكتابة هذا البحث، ولم تبخل ادارة السجن في توفير اي من الكتب التي طلبتها سواء بالعربية او الانجليزية. واضاف انني لا اعتبر احتجازي في السجن الاميركي امتحانا وابتلاء من الله لعباده الصابرين، ولكنه فرصة لالتقاط الانفاس وقراءة كتب عن التاريخ المصري القديم بالاضافة الى التفسيرات القرآنية، واستكمال ما كنت ابحث عنه من معرفة بعد تخرجي من كلية الفنون التطبيقية عام .1987 من جهته، يقول الدكتور زاهي حواس مدير آثار الجيزة في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط» ان جبّانة الجيزة بكل ما عليها هي اشهر مدينة للموتى في تاريخ العالم القديم وحتى يومنا هذا، وبناء الاهرامات كان الغرض منه استخدامه كجبانة للملك في حياته بعد الوفاة. واضاف: في رأيي ان هذه القصص والروايات تزيد من عظمة الفراعنة وتجعلنا ننظر اليهم برهبة خاصة لبراعتهم في العمارة والعلوم والفنون، وان هؤلاء الناس لم يقرأوا ليعرفوا السطور التي تركها الفنان المصري مصورة ومكتوبة على جدران المعابد والمقابر لتحكي لنا حكاية هؤلاء الاجداد الذين حكموا العالم القديم بالفكر والعلم وليس بالقوة مثل الحضارات الاخرى. ويتطرق الاصولي المصري الى النظريات المفروضة في علم المصريات منذ القرن التاسع عشر، وهي ان الاهرامات بما فيها اهرامات الجيزة الثلاثة انشئت بواسطة ملوك الفراعنة لتكون مقابر عظيمة لهم بعد موتهم. ويعارض نصير هذه النظرية، ويقول لم يعثر على اي جثة داخل اهرامات مصر.

وقال نصير: تبين لنا المنقوشات والآثار المصرية القديمة ان المصريين القدامى برعوا في علوم مختلفة متنوعة. كان منها علم المقاييس والحساب والتخطيط المساحي الارضي (اي الهندسة المدنية). وبما ان المهندس المصمم المصري القديم كان يدرك اهمية وجود الجبال وعملها، كان عليه ان يصمم ويشيد وتدا عملاقا متينا، يقوم بنفس عمل الجبال الطبيعية، لان منطقة القاهرة والجيزة هي منطقة مسطحة وخالية من جبال فوقها. وبسبب كثرة الزلازل الشديدة في مصر التي يبدو ان مركز انطلاقها كان هو منطقة الجيزة بالذات، فكان عليه ان يشيد هذه الاوتاد (الجبال المصنعة) في تلك المنطقة بالذات، لكي يتغلب على تلك الزلازل التي تصارعه وتقلق معيشته، هو وسائر الشعب المصري. ولعل الاكتشاف الحديث لتلك المدينة القديمة التي غمرتها مياه البحر بالاسكندرية، بمنطقة ابو قير، تعضد نظريتي، حيث اكد علماء الآثار ان سبب غرق هذه المدينة هو نتيجة حدوث زلزال عظيم اغرق تلك المدينة، فغمرتها المياه.

واضاف: كان يعلم هذا المصمم العبقري ان مجرد نقل حجارة من منطقة بعيدة عن الجيزة واحضارها الى الجيزة، ثم نصبها وتكويمها على هيئة كومة جبلية عالية لن تؤدي بالكامل الوظيفة التي يسعى لأجلها، لان هذه الكومة الجبلية ليست كالوتد المخترق للارض. فقام بعمل بحث مساحي ارضي واسع في كل هذه الارض المحيطة بالمناطق الآهلة بالسكان آنذاك، الى ان اكتشف في منطقة الجيزة وجود هضبة صخرية جرانيتية مسطحة فوق الارض.

فقام اولا بتصميم الهرم بناء على طبيعة الارض بالجيزة، ثم عمل على تشييد ثلاثة نماذج صغيرة لجهازه العجيب «الهرم»، الذي هو على هيئة مجسم قاعدته مربعة وجوانبه مثلثة، هذه النماذج هي تلك الاهرامات فوق هضبة الجيزة.

واشار نصير الى انه اذا اعتبرنا الهرم ماكينة ضخمة عملاقة، فان الحركة الميكانيكية لها، ستكون كالآتي:

1 ـ تقوم القاعدة الارضية الجرانيتية بالعمل بصفة دائمة مستمرة بالتصنت لما يدور في اعماق الارض.

2 ـ عند حدوث زلزال مفاجئ، تقوم القاعدة الارضية الجرانيتية بامتصاص اكبر كمية ممكنة من هذه الهزة الارضية للزلزال.

3 ـ ترسل القاعدة الارضية الجرانيتية للهرم هذه الرجات الارضية الى منطقتين بالهرم، المنطقة الاولى هي الجهات الخارجية الاربع، المثلثة الشكل، والتي تصطف عليها حجارة جرانيتية ايضا، مرصوصة على هيئة طبقات مستوية الخطوط فوق بعضها. يصل عدد الحجارة في هرم خوفو وحده الى مليونين وثلاثمائة الف حجر، زنة كل حجر حوالي 2.5 طن. والمنطقة الثانية هي مجموعة القنوات والممرات الداخلية للهرم، حيث تبدأ من القاعدة، عند فجوة قاع الهرم، ثم خلال الممر السفلي والممر العلوي ونفق البئر (خلال مجموعة اجزائه)، ثم الى ممر البهو العلوي ثم الى كل من القاعتين المعروفتين بقاعة الملك وقاعة الملكة.

4 ـ تقوم الاجهزة الداخلية للهرم بارسال جزء من الكميات الهائلة للذبذبات الناتجة عن الزلزال، الى قاعتي الملك والملكة، اللتين تقومان ببث تلك الذبذبات الموحية الهائلة، الى جو السماء خارج الهرم، عن طريق القنوات الهوائية الخارجة من جوانب القاعتين.

5 ـ عندما يصل الجزء الآخر، من الكميات الهائلة من الذبذبات الناتجة عن الهزة الارضية، الى الحجارة المرصوصة على جوانب الهرم الاربعة الخارجية تمتص هذه الحجارة الهزة الارضية ويحدث لها ارتجاج سريع جدا يتم بمقتضاه لفظ هذه الموجات الهائلة من جسم الحجارة نفسها، على هيئة «قشعريرة» او «انتفاضة» سريعة، فتخرج هذه الذبذبات منها الى جو السماء. كل هذا يتم في ثوان او دقائق معدودة.

6 ـ وهكذا يكون قد اتمت الاوتاد الثلاثة (او الجبال المقدسة) العمل الموكل اليها، وادت واجبها في حماية اهل مصر من الزلازل.

من اجل ما ذكرته سالفا، تم تصميم وانشاء اهرامات الجيزة الثلاثة، او بمعنى ادق «اوتاد مصر الثلاثة». لتحمي اهل مصر النبلاء وتحفظهم من الهلاك الذي كان يجر عليهم الزلازل، وليس كما يعتقد الناس بأنها بنيت كمدافن للملوك الفراعنة. وحتى لو وجدت مومياوات فيها، فلم يكن هذا هو السبب الاساسي لبنائها.