الأزهر يحسم جدلاً واسعاً في مصر حول استئجار الأرحام بتحريمه

TT

حسم مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الجدل المثار حول قضية استئجار الأرحام، فبعد مناقشات مطولة انتهى المجمع الى تحريم استئجار الأرحام، وأكد تقرير أصدره المجمع قبل يومين انه «يحرم استخدام طرف ثالث في الحمل والانجاب، سواء كان المنقول حيواناً منوياً أو بويضة أو جنيناً عن طريق التبرع أو التأجير».

وكان الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو المجمع وعضو اللجنة الدينية في البرلمان قد أفتى بإباحة استئجار الأرحام وعارضه العديد من العلماء وأصدرت جبهة علماء الأزهر بياناً نددت فيه بالفتوى.

«الشرق الاوسط» استطلعت رأي علماء دين وأطباء وخبراء الهندسة الوراثية حول هذه القضية. وفي البداية كان الحديث مع الدكتور عبدالمعطي بيومي لنتعرف منه على الأدلة التي استند إليها في فتواه التي أثارت جدلا واسعاً، فقال: انني اجتهدت في ضوء ما توافر أمامي من أدلة شرعية وطبية، وأدلتي من الناحية الشرعية تتمثل في عدة نقاط: أولا عدم وجود الزنى أو شبهة الزنى لان مفهوم الزنى شرعاً يقوم على الوطء المحرم، أما شبهة الزنى في الفعل أو الملك غير موجودة أيضاً لان ما زرع في رحم الأم البديلة ليس منياً وحده حتى يكون هنا معنى لما يمكن ان يؤديه الزنى، ثانياً المسألة كلها أشبه بالرضاع فمثل ما يجوز تمليك منفعة الثدي وما يفرزه من لبن ينبت اللحم وينشز العظم لدى الوليد زمن الرضاعة فانه يجوز قياس الرحم على الثدي فيما يفرزه من أمشاج تنبت اللحم وتنشز العظم لدى الجنين زمن الحمل، لذلك فانه اذا جاز ذلك في الثدي فانه يجوز في الرحم، ثالثاً: صاحبة البويضة هي الأم الحقيقية ويجب ان ينص العقد على ذلك لانها هي الشريكة الأصلية للزوج في الصفات الوراثية، أما ما استفاده الجنين من أمه الحاضنة أو الحاملة لا يزيد عن كونه اضافات طارئة، لهذا انطلق على الحامل هنا الأم الحاضنة أو الحاملة قياساً على تسمية الأم المرضع بنص القرآن الكريم: «وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم».

رابعاً: الاستناد الى قوله تعالى: «إن امهاتهم إلا اللائي ولدنهم» وقوله: «يخلقكم في بطون أمهاتكم» وقوله: «ووصينا الإنسان بوالديه احساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً» فانها لا تتعارض مع ما ذهبت إليه ولا يوجد من الاطباء والثقات من يقول ان الرحم ينقل صفات وراثية أو يؤدي الى اختلاط الأنساب.

ومن أشد المعارضين لهذه الفتوى الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الاسلامية، حيث يقول ان استئجار الارحام حرام لعدة أسباب، اولاً: الرحم ليست قابلة للبذل والاباحة بمعنى ان الرحم ليست من الاشياء التي يصح ان يسمح بتمليكها للغير لينتفع بها مثل السيارات والمنازل والطعام والشراب وسائر الاشياء التي يصح ان يتنازل عنها صاحبها لغيره، وهناك اشياء لا تقبل البذل والاباحة اي لا يجوز شرعاً لمالكها ان يتنازل عنها لغيره، واوضح شيء لهذا النوع هو الاستمتاع بالمرأة فلا يجوز شرعاً إلا للزوج فقط واذا كانت المرأة محرم الاستمتاع بها بأي لون فان هذا يؤدي لعدم قابليتها للبذل والاباحة وما دام الاستمتاع بالمرأة غير قابل للبذل والاباحة فان رحمها يكون من باب أولى غير قابل للبذل والاباحة، لان الحكمة من اباحة الاستمتاع بالنساء وجعل ذلك غريزة عند الرجال هو ان يكون وسيلة وضع النطفة في رحم المرأة حتى يستمر النوع الانساني الى ما شاء الله ولا يتصور ان يكون الاستمتاع بالمرأة الأجنبية ثم يباح لرجل ان يضع حيوانه المنوي في رحم امرأة أجنبية لا تربطهما علاقة زوجية فان وصول حيوان منوي الى رحم امرأة اجنبية ليست زوجة له حرام شرعاً سواء كان هذا الحيوان المنوي منفرداً أو ملقحاً ببويضة.

ثانيا: كثرة النزعات والخلافات بين الناس ويظهر ذلك واضحاً في العقود والتصرفات وتأجير الارحام من أكبر المجالات التي سيحدث فيها النزاعات والخلافات وحدث فعلا في البلاد التي تمت فيها هذه العملية فقد اكتشف في إحدى الحالات ان الجنين به عيب خلقي ويمكن علاجه جراحياً وهو في رحم الأم البديلة والعملية الجراحية لا بد ان تخضع لها الأم البديلة التي رفضت الجراحة خوفاً على نفسها وان الاتفاق بينهما لم يتضمن هذا الأمر وكانت النتيجة ان استمر الحمل وولد الطفل بعيب خلقي ورفض الزوجان تسلمه وكذلك رفضت الام البديلة ثم اخذته احدى شركات التأمين وأودعته بإحدى دور اللقطاء.

ثالثاً: ان هذا النوع من الحمل يؤدي الى اختلاط الانساب، فقد يحدث بعد زرع البويضة المخصبة من الزوجين في الرحم المستأجرة اتصال جنسي بين الأم البديلة وزوجها فتكون النتيجة وجود حمل مكون من طفلين عند الولادة.

واشارت الدكتورة اكرام عبد السلام استاذ طب الاطفال ورئيس وحدة الوراثة في كلية الطب جامعة القاهرة الى ان الحمل عن طريق الأم البديلة يؤدي الى جرائم أخلاقية ودينية لان الصفات الوراثية يكون نصفها من الوالدين. وأضافت انه قد ثبت انه اثناء نمو البويضة الملقحة ممكن ان بعض الصفات الوراثية تضاف إليها من الأم التي تغذيها عن طريق المشيمة من الرحم حيث ان هناك حمضاً نووياً وراثياً (الذي يحمل الصفات الوراثية) ثبت ان وجوده في سيتوبلازم الخلية وليس فقط في نواة الخلية وان هذا الجزء من الحمض النووي ممكن ان يتأثر بالبيئة المحيطة به أثناء نمو الجنين في الرحم وبالتالي يمكن ان يكتسب الجنين صفات وراثية من الأم المؤجرة.