دراسة جديدة عن وثائق النبي محمد والخلفاء الراشدين السياسية

TT

الوثائق التاريخية التي تعود الى العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، وقيمتها التاريخية، وما يمكن ان يستنتج منها لفهم الأحوال السياسية في ذلك العصر، بالاضافة الى الأحوال الجغرافية وما وصلت إليه حدود الدولة الاسلامية الوليدة وقتها هي موضوع الكتاب الذي صدر حديثاً عن مكتبة مدبولي للدكتور محمد حميد الله الحيدري آبادي استاذ الحقوق الدولية في الجامعة العثمانية بحيدر آباد دكن تحت عنوان «مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة».

ويقع الكتاب في قسمين، الأول يتركز حول العهد النبوي ويضم 287 وثيقة جاء بها المؤلف من طبقات ابن سعد والذي اجتهد في جمع أكثر ما يمكن من المواد، ولم يعتن حسب رأيه بنقدها وتنقيحها، وكتاب «الأموال» لأبي عبيد القاسم بن سلام وقال عنه انه خير المصادر، وكتاب «الخراج» و«سيرة رسول الله» لابن هشام، وقد وصفهما بأنهما أقدم المصادر وأحوطها وأوثقها.

وحاول صاحب الكتاب ايراد كل وثيقة في المجموعة حسب رواية أقدم المصادر لها وضبط جميع الاختلافات اللفظية والترتيبية ولاحظ ان اكثرها ينتج عن الرواية بالمعنى أو من الاستبدال بحرف ربط حرفاً آخر كالفاء والواو، كما وجد تقديماً وتأخيراً في رواية بعض الكلمات، وان بعض الوثائق لا تذكرها كاملة إلا في بعض المصادر، كما ان بعضها يكتفي بذكر بعضها أو الاشارة الى الاحكام المندرجة فيها، وقد قدم الباحث كل وثيقة وذكر المصادر التي جاء بها منها، واخضعها جميعاً للاختبار ورأى ان كتب الأمان التي كتبها الرسول الى القبائل وتضمنت مطالبتهم بأداء الفرائض الدينية واعطائهم الأمان صحيحة، أما الوثائق التي تشتمل على الحقوق دون الواجبات، أو تذكر اشياء لم تكن موجودة أيام الرسول، فجميعها موضوعة، ومنها كتب العهود التي زعم اليهود والنصارى والمجوس ان الرسول كتبها لهم، بالاضافة الى الوثيقتين اللتين زعم المؤرخون ان الرسول كتبهما الى النجاشي لتزويجه من أم حبيبة لانهما لا توجدان إلا في كتب المؤرخين غير المحتاطين، هناك ايضاً الكثير من الوثائق الطويلة ورأها المؤلف أكثر عرضة للتحريف حيث اعتمدت روايتها على السماع.

ويشتمل القسم الثاني من الكتاب على وثائق الخلافة الراشدة وتحتوي على 84 وثيقة سياسية بعضها من الخليفة ابي بكر الصديق الى خالد بن الوليد وكتب خالد الى أهل الحيرة، وصاحب ثغر فارس وأهل بانقيا وباروسما وأليس وبسما وبلاد عانات وأهل النقيب والكواثل وأهل قرقيسيا وأهل البهقباذ وكتب الخليفة عمر بن الخطاب الى سعد بن ابي وقاص قبل حرب القادسية، وأبي موسى الاشعري بعد تعيينه عاملا على البصرة، ومعاوية بن ابي سفيان في القضاء والنعمان بن مقرن.

كما تشتمل الوثائق عدداً من المعاهدات التي كتبت في عهد عمر بن الخطاب، صالح بها اهل بيت المقدس، واهل بعلبك، واهل ولد وأهل الرقة وأهل الرها، كما يكشف بعضها عن معاملة المسلمين لأهل المدن المفتوحة، وكيف امنوهم على دمائهم وأموالهم وكنائسهم من ذلك كتاب خالد لأهل دمشق الذي حرم على المسلمين هدم أسوار المدينة، وسكنى دور أهلها وألا يتعرض لهم أحد إلا بالخير.