الشيخ صالح السدلان لـ الشرق الاوسط : بعض رموز الصحوة ليس من علماء الشرع.. وهناك دعاة متناقضون

قال: نعم يوجد لدينا تعصب فكري في السعودية .. وأوافق المنيع على أهمية الحوار بين الفرق الإسلامية بشرط موافقة هيئة علمية

TT

أكد الشيخ الدكتور صالح السدلان, عضو هيئة التدريس في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض والمفتي السعودي المعروف, وجود سلبيات في الخطاب الديني الحالي، وأنه بحاجة إلى إعادة النظر والتقويم، مضيفا أنه وبالرغم من وجود الجهات المعنية بمعالجة الخطباء وتدريبهم إلا أن التطبيق العملي والمتابعة الدقيقة هما ما يُفتقدان حاليا.

وأوضح الشيخ السدلان في حواره مع «الشرق الأوسط» أن ازدواجية الخطاب الديني من قبل بعض العلماء موجودة، وإن كانوا قلة، جراء انتفاء المصداقية. ويتفق السدلان مع المطالبين بإجراء حوار ديني يتسع لكافة الفرق الإسلامية بالسعودية، شريطة أن يكون ذلك عبر هيئة علمية متخصصة بمدى ضرورة مثل هذا الأمر.

> هناك دعاوى بتجديد الخطاب الديني، سواء من خلال وسائل الإعلام أو المؤسسات والدوائر الحكومية، ما رأيكم في ذلك؟

ـ تجديد الخطاب الديني بما يناسب الحال دون تغيير الثوابت والأصول أمر مطلوب ولا بد منه، فالخطاب الديني يتبدل من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل ومن قضية إلى قضية أخرى، والخطاب الديني سابقا كان له أسلوب، وفي وقتنا هذا بحاجة إلى أسلوب آخر يواكب التطور وحاجات الناس، ويتلاءم مع ثقافتهم ومفاهيمهم وحالاتهم النفسية والاجتماعية، مع الحفاظ على الثوابت والأصول وألا يمس أصل التشريع.

> ما تقييمكم للخطاب الحالي، وهل هناك سلبيات؟

ـ لاشك أن الخطاب الديني الآن فيه سلبيات ولا يمكن القول بسلامته مائة في المائة، وقيامه بالواجب أو انه لا يحتاج إلى إعادة نظر وتقويم، والخطاب الحالي يختلف تبعا للشخص الذي يلقيه، فقد يكون على مناسبا أو اقل أو معدما لا يحقق أي هدف. > ما الجهة المسؤولة عن معالجة سلبيات هذا الخطاب؟

ـ جهة الاختصاص هي المسؤولة عن تقويم الخطاب الديني، وهي التي ترشح من يكون أهلا لذلك، وفي الواقع أن الأشخاص في الوقت الحالي يتوجهون للعامة وبالأخص في اللقاءات الحاسمة دون تهيئة أو تحضير أو مراجعة لأسلوب الطرح، فانتقاء الكلمات له دوره وأثره، وعلى جهة الاختصاص أن تعلم ما سيتم طرحه والكيفية، من قبل من ترشحهم. > هل جهة الاختصاص التي تقصدها بحديثك لدعوة الدعاة أنفسهم موجودة حاليا؟

ـ نعم هي موجودة، لدينا بداية كليات تقوم بهذا الأمر، وعلى سبيل المثال كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي تحضر الدعاة. > ماذا بشأن العمل الميداني من الجهة المسؤولة على محاسبة الدعاة؟

ـ وزارة الشؤون الإسلامية هي من تقوم بمحاسبة ومراقبة الدعاة، كما أنها تراقب خطب الجمعة. > وجهت انتقادات عدة لخطب الجمعة، فهل ترون ملامستها للظروف والإشكالات التي يمر بها المجتمع؟ ـ نعم بالفعل هناك خطب لا تعبر عن هموم الواقع، ومهمة وزارة الشؤون الإسلامية مراقبة ما يطرح في الخطب وتحكيمها ومتابعة الخطباء، وهو من ابرز ما تقوم به في الوقت الحالي، حيث هناك لجنة متخصصة تسمى لجنة العناية بالمساجد. > انتقد البعض أيضا سوء إلقاء الخطباء للخطب، فهل هناك معالجة وتدريب على الخطابة في المساجد؟

ـ لدينا معهد الأئمة والخطباء في مكة، وآخر في كلية الدعوة والإعلام، وهما الجهتان المعنيتان بذلك، ولكن المشكلة تكمن في التطبيق العملي والمتابعة الدقيقة التي قد نفتقد بعض جوانبها. > يقسم البعض علماء الدين ما بين علماء سلطة وآخرين تكفيريين ومتشددين وقسم ثالث دعاة «الإسلام الأميركي»، فما سبب هذه التقسيمات واختفاء الثقة بالعلماء لدى البعض؟

ـ التقسيمات في الأصل أمر خاطئ، فجميع العلماء يد واحدة، فمن يقف إلى جانب ولي الأمر ويؤيده على الحق ويناصحه في الأخطاء لا يجب تسميته بشيخ السلطة، ومن يشدد في التحريم والإنكار فهو ليس من دين الإسلام، وإنما عليه أن يكون حليما ورفيقا بظروف الناس وأحوالهم. > حسنا، ما سبب ظهور مثل هذه التسميات؟

ـ الأهداف المختلفة هي سبب ظهور مثل هذه التقسيمات غير الصائبة. > ما هي تلك الأهداف؟

ـ هي إما أن تكون أهدافا سياسية أو اقتصادية أو حقوقية، وكل من أصحاب هذه الأهداف يبحث عن تحقيق أغراضه الشخصية من خلال ذلك. > عرف لدينا ما يسمى بمشايخ عصر الصحوة، وقد لامس البعض تغيرات فكرية في عدد منهم وتعرضوا للنقد والهجاء من الآخرين، فكيف ترون ذلك؟

ـ مشايخ وعلماء الصحوة انقسموا إلى قسمين صنف ليس لديهم علم سوى في أمور محددة من خلال فهمهم لفقه الواقع وتجردهم وتبرؤهم من المسائل الفقهية المؤصلة التي هي من صميم الدين والتكاليف الشرعية، فهؤلاء ليسوا من العلماء أو أهل العلم، فرفض الماضي أمر خاطئ ومناف للإسلام، والقسم الثاني من علماء الصحوة علماء الفقه، والواجب عليهم أن يمتزجوا بالواقع ويعرفوا حاجة الأمة، فالعالم الحقيقي هو من يعرف حاجة الأمة ومشكلاتها وكيفية علاجها من خلال ربط الحديث بالقديم، فنحن إذا نرفض التبرؤ من القديم والبدء من جديد فالدين كتلة واحدة، وينبغي إلى جانب ذلك التعايش مع واقع الحياة دون المساس بثوابت الشريعة. > كثيرا ما يصف العلماء أنفسهم بأنهم أصحاب منهج وسطي كيف يمكن تمييز ذلك؟

ـ أهل الاختصاص والشرع من العلماء الراسخين ممن عرفوا هذا وذاك هم من يحكمون ما إذا كان هذا العالم صاحب مذهب وسطي أو متشددا أو متساهلا. > شهد معرض الكتاب الدولي أخيرا في الرياض عددا من المشادات بين التيارات الفكرية المختلفة في السعودية،وشهد المعرض بعض المداخلات الحادة من قبل أشخاص محسوبين على التدين، كيف لنا أن نواجه ونقيد مثل هذا التعصب الفكري؟

ـ لدينا في المجتمع السعودي تعصب فكري، وهو موجود وبشدة، وإما أن يكون فكرا تكفيريا وبدعيا أو فكرا آخر بسبب اختلاف وجهات النظر ترتبت عليه آثار سلبية عديدة، ونحاول محاربته وتخطيه من خلال عرضه علىالهيئات العلمية والشرعية.

> يتهم البعض بعض المشايخ والدعاة بأنهم أصحاب خطاب مزدوج، فما يطرح عبر وسائل الإعلام يختلف عنه في مواقعهم ومنتدياتهم عبر الإنترنت، فهل توافقون على وجود مثل هذا الأمر؟

ـ نعم.. توجد مثل تلك الازدواجية وإنما قلة، ويعود ذلك لعدم المصداقية، حيث يكون له خطابان مختلفان أحدهما لسد باب الذريعة عبر وسائل الإعلام الرسمية وآخر متشدد يبث من خلال الشبكة العنكبوتية أو مجلس خاص. > ما رأيكم فيمن يصم المفكرين والإعلاميين وبعض الكتاب وغيرهم عبر وسائل الإعلام بالعلمانية والليبرالية وغير ذلك من أوصاف؟

ـ هذا أمر مستنكر ولا نوافق عليه، وهو من ظلم الآخرين، فقد يكون للبعض توجه لا يحيط به الداعية تبعا للاختصاص، لنستند من خلاله في إصدار الأحكام على الآخرين، لذا علينا أن نسمع الرأي الآخر، فما به من صواب نأخذه وإن كان على عكس ذلك نتجنبه.

> دعا الشيخ عبد الله المنيع في حواره مع «الشرق الأوسط» إلى ضرورة توسيع دائرة الحوار الديني لتشمل كل الفرق الإسلامية في السعودية فما رأيكم في ذلك؟

ـ إذا صدر هذا الأمر عن هيئة علمية ترى فائدة قيام مثل هذا الحوار بغية جمع الكلمة وتوحيد للصف فمطلوب ولا مانع من ذلك، وأنا أؤيده. وكان قد لاقى الحوار الوطني استنكارا من قبل البعض بداية إلا انه سرعان ما ظهرت آثاره الايجابية بعد ذلك.

> اقترح البعض تعديل المناهج الدينية هل ترون ضرورة لذلك؟

ـ إذا وجد أهل الاختصاص أهمية ذلك فلا نعارضه، فمسؤولو التعليم أمناء وقد تخرجوا في الجامعات الشرعية، ونحن على ثقة بقراراتهم التي لن تبتعد عن عقيدة السعوديين، وقد لوحظت صعوبة بعض المقررات وعدم ملاءمتها للمرحلة العمرية المخصصة لها. > ما رأيك في اقتراح البعض دمج كافة الآراء الفقهية للمذاهب الأربعة المختلفة في مناهج التربية الإسلامية والمتعلقة بكافة القضايا والعبادات؟

ـ هذا الأمر موجود حاليا في الدراسات العليا وما فوقها، أما أن نضع طالب الصفوف المدرسية في بلبلة الاختلاف فسيشق الأمر عليه تبعا لذلك. > ألا ترون أن في ذلك تعويدا للطلاب منذ الصغر على مبدأ الاختلاف؟

ـ ما كان السلف يعودون أنفسهم على الخلاف وإنما على الاجتماع، فان كبر الإنسان وأدرك فلا مانع من ذلك. > صدر قرار سابق بعدم إعلان الصلاة عبر مكبرات الصوت الخارجية والاكتفاء بالأذان والإقامة إلا أن القرار لم يطبق من الأئمة فما السبب؟

ـ لا اعلم أن هيئة علمية أصدرت مثل هذا القرار، أما فيما يتعلق بارتفاع صوت المكبرات فوزارة الشؤون الإسلامية قائمة على تخفيف صوت المآذن وإزالة الصدى المتردد.