المسلمون في بنيالوكا يحصلون على التصريح الخاص بإعادة بناء الفرهادية

TT

اخيرا وبعد انتظار دام ثماني سنوات حصل المسلمون في بنيالوكا بالبوسنة والهرسك على تصريح لاعادة بناء جامع الفرهادية التاريخي الذي هدمه الصرب عام 1993. وقال مفتي بنيالوكا الشيخ ادهم تشامجيتش لـ«الشرق الأوسط»: «سنضع حجر الاساس بإذن الله تعالى في السابع من مايو (أيار) المقبل بعد الحصول على تصريح بهذا الغرض». وفي اجابته عن سؤال بخصوص الشروط الصربية لاعادة بناء الفرهادية، قال المفتي الشيخ ادهم تشامجيتش: لقد تخلى الصرب تحت ضغوط الجهات الدولية والاسلامية في البوسنة والهرسك عن شروطهم السابقة والمتمثلة في اعادة بناء الجامع على نصف المساحة، كما تخلوا تحت تلك الضغوط عن شرطهم عدم اقامة منارة للجامع الذي تطور بعد ذلك الى المطالبة بأن لا يتجاوز طولها ثلاثين مترا. وعن مطالبة المشيخة الاسلامية باعادة الاحجار التي جرفت ونقلت الى مكان آخر قال الشيخ ادهم تشامجيتش: «لقد نقلت احجار الجامع بعد هدمه الى مكان آخر، وقد استخدم الصرب بعض الاحجار في بنايات قريبة من اكداس حجارة الجامع. ونحن الآن نطالب باعادة تلك الاحجار بما فيها تلك التي استخدمت في البنايات المذكورة».

وحول مطالبتهم السلطة الصربية في بنيالوكا بدفع تعويض لاعادة بناء الجامع، قال مفتي بنيالوكا: نحن نطالب بذلك، لكن لا اظن ان الجهات الدولية سوف تؤازرنا في هذا الامر، او تقدم لنا الدعم المادي في هذا الشأن، وقد سئل السفير الاميركي توماس ميلر في مؤتمر صحافي حول هذا فقال: «لن نقوم بتمويل اعادة بناء الجامع». ونحن نتجه دوما الى اخواننا في العالم الاسلامي لمساعدتنا في اعادة بناء الجامع، خاصة اخواننا في السعودية والكويت والامارات وقطر وبقية الاقطار الاسلامية العزيزة علينا.

واضاف الشيخ تشامجيتش: اريد ان اجدد شكري عبر «الشرق الأوسط» لسفارة المملكة العربية السعودية في سراييفو ولسفراء الدول الاسلامية لدى البوسنة والهرسك الذين ساهموا الى جانب السفير الاميركي توماس ميلر ورئيس بعثة منظمة الامن والتعاون الاوروبي وممثل الامم المتحدة في البوسنة والهرسك جون بول كلاين بارسال برسالة قوية الى الجانب الصربي مطالبين رئيس الكيان الصربي ومحافظ بنيالوكا ورئيس بلديتها باعطائنا التصريح فورا، وهو ما تم بعون الله وليس امامنا الآن سوى البدء في البناء.

وعن الدور البوسنوي قال مفتي بنيالوكا: ما كان للجهات الاسلامية والدولية ان تقف ذلك الموقف لولا حرصنا واصرارنا على حقنا في المحافظة على ديننا ومقدساتنا، وكان لرئيس العلماء في البوسنة والهرسك الدكتور مصطفى تسيريتش دور كبير في ذلك لعلاقاته الواسعة مع الاطراف الاسلامية والدولية. كما كان للسياسيين البوسنويين دور في ذلك ونحن لا نزال نطالب بتصاريح لاعادة بناء 16 جامعا هدمها الصرب في بنيالوكا، فجامع الفرهادية ليس الوحيد الذي تعرض للعدوان.

تجدر الاشارة الى ان الصرب هدموا في عام 1993 الكثير من المساجد في بنيالوكا وغيرها من المدن والقرى البوسنية، وصلت الى اكثر من 1400 جامع منها ثمانية مساجد تاريخية ولم يقم المجتمع الدولي بادانة تلك الاعمال في حينه، والتي تزامنت مع موجة من المذابح التي تعرض لها المسلمون البوشناق في البوسنة والهرسك آنذاك، ولا يخلو موعد وضع حجر الاساس يوم 7 مايو من رمز، ففي 6 مايو (أيار) 1993 قام الصرب بهدم جامع الفرهادية باستعمال المتفجرات، وبذلك يكون يوم وضع حجر الاساس رمزاً للتحدي ولقيام المسجد وكأنه لم يفصل ساعة الهدم عن ساعة البناء سوى يوم واحد.

وتقع مدينة بنيالوكا على ضفاف نهر فرساس الذي يصب في نهر السافا الشهير وتعد ثاني مدن البوسنة والهرسك منذ القرن السادس عشر وحتى ايامنا هذه، وكان بها 45 جامعا ومسجدا اثريا اشهرها جامع فرهاد باشا وكانت بها مدارس منها مدرسة فرهاد باشا وكانت الجامع والمدرسة شبيهين بجامع ومدرسة الغازي خسرف بك في سراييفو.

وكانت في بنيالوكا 11 مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وعدة حمامات بخارية (شبيهة بالسونا) وعين ماء استشفائية وسوق مغطى وسوق عام يحتوي على 300 دكان، وهذه الآثار هدمها الصرب واصبحت اثرا بعد عين. وقد بدأ المهجرون يعودون الى بنيالوكا وان كان ذلك بوتيرة بطيئة للغاية فمن اصل 45 ألف مسلم كانوا يسكنون بنيالوكا لم يعد سوى 6 آلاف بوشناقي حسب افادة مفتي بنيالوكا الشيخ تشامجيتش. وقد بدأ بعضهم في محاولة للتأقلم من جديد من خلال فتح ورشات لتصليح السيارات او بيع المواد الغذائية باستخدام العربات المدفوعة باليد او المجرورة بالخيل، اما الاطباء المسلمون والبالغ عددهم 109 اطباء فلا يزالون محرومين من العودة للمستشفيات التي كانوا يعملون بها قبل الحرب ومنهم مشاهير مثل الدكتور حاجي كاريتش الذي يعمل الآن في السعودية ويتهيأ للعودة كما يقول مفتي بنيالوكا الذي يشرف على تسعين جامعاً ومسجداً في منطقة شاسعة منها ما هو داخل الفيدرالية مثل منطقة ومدينة كليوتش ومنها اقليم بنيالوكا (المحافظة) ويبلغ عدد المسلمين التابعين لادارة المفتي 200 ألف نسمة من المسلمين.