خلاف في الرأي بين علماء أزهريين حول فتوى بمنع الزوج من السفر بدون إذن الزوجة

TT

أثارت فتوى أصدرتها الدكتورة سعاد صالح، عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، بعدم جواز سفر الزوج بدون إذن زوجته، خلافا في الرأي بين عدد من العلماء، فمنهم من أيد الفتوى لاعتبارات المعاملة بالمثل ومنهم من اعتبر انها ستفتح أبواب المشاكل على الأسرة .

فمن جانبها قالت الدكتورة سعادة صالح لـ«الشرق الأوسط»: «عدم جواز سفر الزوج بدون إذن زوجته يستند ـ كما أرى ـ إلى عدة أسباب، أولها: القواعد العامة والحقوق المشتركة بين الزوجين التي نصت عليها شريعة الإسلام (ولهن مثل الذي عليهن) فالمثلية هنا تقتضي المساواة في الأحاسيس والشعور والحقوق والواجبات والإنسانية، فالمرأة لها غريزتها الإنسانية التي تحتاج إلى إفراغها مثل الرجل تماماً، فلا بد أن يستأذنها كما تستأذنه. ثانيهما: قول الله تعالى (وعاشروهن بالمعروف) يقتضي أن يكون هناك تفاهم وتشاور وتراض وتناصح، ولا بد أن يكون هذا في كل أمور الأسرة. ثالثها: الحديث النبوي الشريف «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. فالمرأة راعية في بيت زوجها، وبالتالي نجد أن هناك مساواة في المسؤولية بين الرجل والمرأة، كما أن سفر الزوج يترتب عليه إهمال وغياب دوره في إدارة شؤون الأسرة، وهذا يضاعف مسؤولية الزوجة تجاه أسرتها».

وفي تعليقه على الفتوى قال الدكتور مختار القاضي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عضو رابطة الجامعات الإسلامية، إن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يكون الرجل هو صاحب القوامة في الأسرة وهو الذي يتحمل تبعاتها فهو المكلف شرعاً بالإنفاق على أفراد أسرته، وبالتالي فإن الرجل مطالب شرعاً بتحسين أوضاع أسرته المادية، فإذا ما توافرت له فرصة عمل أفضل تدر عليه دخلا وفيرا يستطيع من خلاله تأمين مستقبل أسرته، وأن هذا العمل سيكلفه الابتعاد عن أسرته فترة من الزمن فله الحق في ذلك، مؤكدا أنه شرعاً وقانوناً وعقلاً لا يوجد مبرر مطلقاً لاستئذان الرجل زوجته عند السفر خاصة إذا كان للعمل، ولكن يجب أن يعلمها بسفره، وذلك لقوله الله تعالى «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض». هذا من الناحية الشرعية أما من الناحية القانونية فيرى الدكتور القاضي ان قانون الأحوال الشخصية المصري مأخوذ من الشريعة الإسلامية، وليس فقط من مذهب فقهي بعينه، لافتا إلى «إننا لو خرجنا عن إطار الشرع وطلبنا من الرجل الاستئذان من زوجته فإن الحياة سوف تتعقد، فمن البديهي أن سفر الرجل يتم دائماً بتوافق مع الأسرة، خاصة أن الأسرة تجد في السفر فرصة لها لتحسين أحوالها المعيشية فلا أحد يعترض على ذلك».

ويوضح القاضي أنه لو كانت هناك زوجة مستعدة لعرقلة سفر زوجها، وأن الزوج قد صمم على السفر، فمثل هذه الزوجة تستطيع أن تطلب الطلاق للضرر حيث تعليق سفر زوجها على إذنها لن يضيف إليها شيئاً بل من حيث العقل قد يفتح باباً للمشاكل والتعجيل بطلاقها وهدم البنيان الأسري، خاصة أن أعباء الحياة أصبحت تفرض على الزوج والزوجة أن يتحملا ظروفا صعبة، فأغلب الزوجات اللائي يتغيب عنهن أزواجهن للعمل بالخارج يتحملن ضرر سفر الزوج في مقابل تحمل الزوج لقسوة الغربة وبعده عن أسرته، مؤكدا أنه لا أحد من فقهاء المسلمين قال بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة فالمساواة إنما تكون في الحقوق الطبيعية.

بينما يرى الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن من الأفضل عندما يريد الزوج السفر أن يعلم ويستشير زوجته حتى تكون على بينة من الأمر، لأن الحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والسكينة والرحمة، بالإضافة لذلك فإن الزوجة لها حقوق شرعية على زوجها لا بد أن تؤدى، مؤكدا أنه يجب على الزوج ألا يطيل فترة سفره وإن استطاع أن يصطحب زوجته معه ليفعل لأن السفر ضرورة شرعية.

أما الشيخ أحمد علي سليمان، الباحث برابطة الجامعات الإسلامية، فيرى أن شريعة الإسلام أمرت كلا من الزوج والزوجة بإشاعة المحبة والتفاهم والتشاور بينهما في كل الأمور بغية بناء أسرة إسلامية على ركائز متينة، وبالتالي فقد أوجبت الشريعة الغراء للرجل على زوجته حقوقاً وواجبات، كذلك اوجبت للزوجة على زوجها حقوقاً، فمن الحقوق الواجبة للزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه وألا تصوم صيام تطوع إلا بإذنه، وفي ظل المساواة التي نادى بها الإسلام بين الرجل والمرأة، فإذا كان من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من بيته إلا بإذنه، فمن حقها أيضاً أن يتشاور معها الزوج إن أراد السفر لفترة أقل من ثلاثة أو أربعة أشهر، حسب نصوص الشريعة الإسلامية، إما إذا زاد السفر على ذلك فإنه يجب عليه أن يستأذنها.