احياء الجدل حول تولي المرأة المناصب العامة

مع وصول المرأة المسلمة إلى منصب رئاسة الوزراء وتولي عدد منهن للقضاء

TT

لا تخطئ عين المراقب، وجود خلافات واختلافات في قضية حدود ولاية المرأة السياسية، وادارتها للشأن العام، بين التيارات الاسلامية والاجتهادات الفقهية، خصوصا مع تنامي دور المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، بعد طفرة التعليم والخبرات المكتسبة، التي جعلت من المرأة العربية والمسلمة وزيرة بل ورئيسة وزراء.

الخلاف الفقهي حول قضية «الولاية العامة» للمرأة والتي تعني تقلدها مناصب سياسية وقضائية، ازداد ويزداد مع كل موقع جديد تحوزه المرأة، ويطرح السؤال دوما حول مسألة: ولاية المرأة، فما مشهد الخلاف، وما هي معطيات الواقع؟

* ولاية المرأة من منظور فقهي عالج الفقهاء المسلمون قديما مسألة ولاية المرأة فاختلفوا ما بين مؤيد ومعارض وتجاذبتها فيما بعد التيارات الإسلامية السياسية المعاصرة على مختلف مرجعياتها، منها من شجع وأيد، بل ورشح، انتخاب ممثلات في البرلمانات السياسية باعتبار انتقال سلطان الفرد إلى سلطان المؤسسة، وإسلاميون آخرون عارضوا واعتبروا فلاح القوم مرهون بولاية المرأة من عدمه.

وتبقى صلاحية المرأة لولاية «القضاء» الأكثر جدلا ما بين كافة التيارات الإسلامية منهم محرم أو مجيز على الإطلاق وتيار ثالث مبعدها عن قضايا الجنيات والحدود.

الدكتورة سعاد صالح عميدة سابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر واستاذ الفقه المقارن أكدت عدم إجماع الفقهاء والعلماء على مسألة «الولاية العامة» للمرأة حيث أن منهم من ذهب إلى المنع بالشكل المطلق وهم (المالكية والشافعية والحنابلة) ومنهم من ذهب إلى الجواز على الإطلاق (ابن حزم ، والطبري ، وابن القاسم) وقسم ثالث فرق في الولاية حيث أن كل ما تصح شهادة المرأة فيه يصح ولايتها فيه وهم (الحنفية) ويقصد فيه عدم توليها قضايا الجنايات والحدود. ووقفت الدكتورة سعاد عند مسألة «شهادة» المرأة والتي قيدها جمهور الفقهاء مشيرة إلى أن استدلال المانعين في ذلك كان من خلال أدلة خارج عن صلب قضية «ولاية المرأة» والتي منها آية القوامة في القرآن والحديث المشير إلى عدم فلاح قوم ولوا أمرهم امرأة إلى جانب اعتبار شهادة المرأة نصف شهادة الرجل. ودافعت صالح بقولها إن «القوامة لا تشمل سوى الزوج بقوامته داخل الأسرة وليس الرجل بشكل عام» إلى جانب تأويلها القصد من الحديث الشريف بمنع المرأة من الولاية «العظمى» وهي «خليفة المسلمين» مشيرة إلى أن الدول الإسلامية أصبحت أقطارا ودويلات ولم يعد نظام الخلافة قائما وكل دولة تحكم من خلال دستور ومجالس تشريعية وقضائية وتولي المرأة للقضاء منظم من خلال عدد من المؤسسات، كما أن جواز «فتيا» المرأة وهو ما استندت عليه الآراء الفقهية المجيزة لولاية المرأة القضاء كان البرهان الأشد بالنسبة للصالح إذ لم يقيد الرأي الفقهي في ذلك صحة الفتوى بشرط «الذكورة».

وأكدت عميدة الدراسات العليا في جامعة الأزهر أن لا فرق بين المرأة والرجل ممن يتوفر فيهما الكفاءة والقدرة والترشيح في تولي مختلف الولايات ما عدا العظمى منها.

وحول الشهادة طالبت صالح بضرورة التمييز ما بين مرحلتين من الشهادة الأولى وتحمل مشاهدة ما وقع وهو ما تشترك فيه المرأة والرجل، مؤكدة خطاب الآيات الكريمة جلها المرأة والرجل بشكل عام على السواء، وثانيا أن أداء الشهادة خاضع لما يتيقن له القاضي من خلال الوقائع المثبتة والتي استنادا عليها يكون حكمه، مبينة أن شهادة المرأة لا تكون في جميع الأحوال على النصف من الرجل.

* عوارض صحية... وحمل ودورة شهرية وحول تبرير المعارضون تولي المرأة القضاء لما يصيبها من عوارض صحية شهرية إلى جانب الحمل والولادة والتي يحتمل أن تؤثر جميعها على اتزانها وتفكيرها ردت الدكتورة سعاد الصالح على ذلك بسؤالها «ماذا في حال انقطاع حيض المرأة وفي حال إصابة القاضي بأعراض مرضية قد يحدث له ذات الخلل النفسي فهل يسقط عنه الأهلية القضائية».

ودعت د سعاد صالح إلى عدم الاستتار بعباءة الدين لما في ذلك من ظلم لسماحة وعدالة الشريعة الإسلامية حيث لم يتوفر أي دليل صريح وقطعي في القرآن الكريم أو السنة النبوية يمنع مشاركة المرأة في الولاية العامة مستشهدة بتولية الخليفة عمر بن الخطاب الشفاء بنت عبد الله مراقبة الأسواق. وحول الجهود المحلية في مصر لإعطاء المرأة حقوقها في تولي مناصب قضائية استبشرت الفقيهة المصرية بصدور قرار أخير يقر بالموافقة على تعيين قاضيات في نيابة الأموال العامة من خريجات شعبة الشريعة والقانون من جامعة الأزهر أو كليات القانون، معتبرة أن ذلك أ يفتح الباب أمام النظر في كافة القضايا حتى الجنائية منها وما تستوجب الحدود والقصاص، وحول بت القاضية في مثل هذه القضايا قالت صالح إن القضاء لم يعد نظاما فرديا وإنما استشاريا من لجنة مكونة من 3 قضاة يحكمون من خلال أوراق مصدقة أمامهم.

* الثوابت الدينية لن تخضع للمتغيرات لكن هناك من يرى من أن اعتماد الآراء الفقهية «المعتدلة» تماشيا مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية يعد أمرا غير مبرر، حسبما يرى الدكتور علي الشبل أستاذ العقيدة في جامعة الإمام بن سعود الإسلامية في الرياض، والذي أكد عدم تبدل التشريعات المستندة على القرآن والسنة بتغير الزمان والمكان مبينا أن قضية الاعتدال والتشدد في الآراء لا ترد إلى ظروف الأفراد وأحوالهم وإنما بمواءمة الأدلة الشريعة ومقاصدها فمسائل الخلاف لا تخضع للتشدد والتساهل وإنما إلى مدى موافقة الشريعة في أدلتها ومقاصدها وما اجمع عليه العلماء.

ونوه أستاذ العقيد أنه وفي ظل المتغيرات الاجتماعية الحالية لا يتطلب الخضوع لرغبات الأفراد باعتبار بعض الآراء متشددة فسنة الخلاف قائمة بين العلماء في مسائل متعددة ولا يعتمد فيه ما يوائم أحوال الناس وإنما الالتزام والتعبد لله بما شرعه الله تعالى.

وحول النظر في قضية «الولاية العامة» للمرأة بما فيه من عمق شرعي وأبعاد سياسية واجتماعية ونفسية، يعتقد الشبل أن ذلك يتطلب البحث فيه التركيز بشكل أساس على الناحية الشرعية مشيرا إلى اختلاف العلماء والفقهاء في هذه القضية تماما كما في غيرها من القضايا مؤكدا أن الأصل في حالة اختلاف العلماء والمذاهب في أي من القضايا أن يكون المرد فيها إلى «الكتاب والسنة لحسم الخلاف القائم».

* لا لرئاسة المرأة للدولة أو ولايتها للقضاء وأفاد الشبل أن الحديث النبوي المحذر من تولية المرأة شئون العامة هو حديث صريح في عدم شرعية الولاية العامة للمرأة كرئاسة دولة أو ولاية القضاء أو وزارة أو إمارة، مستدركا انه لا شيء في تولية المرأة الولاية الخاصة والتي منها الإفتاء، أو قيادة بني جنسها من خلال أحد المناصب الإدارية. ويعتقد استاذ العقيدة الاسلامية أن ما ذهبت إليه بعض الآراء الفقهية بمنع الولاية العظمى فقط عن المرأة والتي يقصد بها «الخلافة الإسلامية» وإجازة ما تبقى من تولي كافة المناصب السياسية والقضائية، قال إن الحديث الشريف بعدم فلاح من تولى أمرهم امرأة هو حديث صريح يشمل كل ما هو مندرج ضمن الولاية العامة، منوها أن منصب الشفاء بنت عبد الله (حسب بعض روايات تاريخية فإنها تولت حسبة السوق في عهد الخليفة عمر بن الخطاب) اقتصر على الدور الاستشاري. ونفى الشبل وجود أي تشابه ما بين مسألة تولي المرأة للافتاء او القضاء، معتبرا ان هناك أوجه خلاف بين الأمرين، في أكثر من 20 وجها، ابرزها إلزامية القضاء على عكس «الفتيا» التي تعد مجرد «استشارة».

* إقصاء المرأة هو خلل عميق من جهتها قالت سهيلة زين العابدين الباحثة الإسلامية السعودية، وعضو لجنة حقوق الإنسان السعودية، إن إقصاء المرأة عن المجتمع يتسبب في خلل عميق حيث أن النظام الكوني قائم على الزوجية ولا يمكن فصل المرأة عن المجتمعات العربية والإسلامية، مشيرة أن تحقيق مكانة رفيعة ومتقدمة بين الأمم لن يكون سوى بمشاركة المرأة وإعطائها كافة حقوقه. وحول المشاركة السياسية أكدت العابدين انه من خلال القصص التاريخية القديمة أثبتت تولي نساء الحكم في دول إسلامية مختلفة كاليمن (بلقيس) وفي العصر الحالي لدينا نموذج اندونيسيا، مؤيدة أيضا في حديثها ايضا جواز المشاركة النسوية في السلك القضائي حيث لم تتوفر نصوص قرآنية، كما ذكرت، تحرم تولي المرأة للقضاء، وما قيل من تحريم لا يتعدى كونه اجتهادات فقهية.

ونفت سهيلة زين العابدين وجود أي أبعاد سياسية في تعمد عزل المرأة عن الشأن السياسي والقضائي مؤكدة تحكم العادات والتقاليد والتعامل مع المرأة بموجبها رغم تنافيها مع الإسلام عقب تأويلها تأويلا إسلاميا وإعطائها الغطاء الشرعي.

* غياب تيار إسلامي سياسي معتدل وفيما يتعلق بأسباب الخلاف ما بين الأحزاب الإسلامية السياسية قالت البرلمانية الأردنية حياة المسيمي في حزب جبهة العمل الإسلامي ممثلة الإخوان المسلمين في الأردن، ان ذلك يعود إلى تنوع الآراء الفقهية في مسألة ولاية المرأة فهناك من يعتمد الآراء الفقهية المحرمة وأخرى تتبنى الفتاوى المجيزة فالأحزاب السياسية الإسلامية تختلف عن بعضها البعض في تبني الآراء الفقهية مؤكدة حق كل حزب في اختيار الرأي الفقهي الذي تميل إليه وهو ما لا يقذع في الأحزاب الإسلامية السياسية بحسبها.

وأضافت المسيمي أن طبيعة التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية واختلافها من قطر إلى آخر تحتم على الأحزاب الإسلامية تبني آراء فقهية محددة دون الأخرى، ورغم عدم استنكارها لهذا الخلاف القائم وتجاذب التيارات الإسلامية السياسية مسألة «ولاية المرأة» من مشاركة سياسية أو قضائية وعدلية إلا أنها تدعو أن لا يكون الخلاف بينيا ما بين تحريم قطعي وإباحة مطلقة وإنما التزام التوجه الوسطي فيما يتعلق بـ«ولاية المرأة».

وعبرت ممثلة الاخوان المسلمين في البرلمان الأردني، حياة المسيمي عن رأيها بإجازة «ولاية المرأة» باستثناء الولاية العظمى «خليفة للمسلمين» مؤكدة انه من خلال التجربة الراهنة فقد أثبتت المرأة العربية والمسلمة تمكنها وإجادتها تولي المناصب السياسية المختلفة.

* الشخصية القضائية ليست للرجال فقط من جهة أخرى اعتبرت آراء لدى تيارات إسلامية سياسية انخراط المرأة في السلك القضائي ودون أية قيود في عدد من المجتمعات الإسلامية والعربية، خطوة هامة للتطور وإعادة الاجتهاد في بعض القضايا الشرعية الأكثر جدلا و«غير المحسومة».

فهناك القاضية منى الكواري في مملكة البحرين وعشرات القاضيات في المغرب.

وتشكل نسبة القاضيات في لبنان 40 في المائة من إجمالي عدد القضاة في السلك القضائي اللبناني والذي يبلغ 450 قاضيا ومن مختلف الديانات والطوائف الإسلامية، إضافة إلى القاضية الأردنية تغريد حكمت والتي تميزت ضمن فريق القضاة في المحكمة الجنائية الدولية في راوندا لمحاكمة مجرمي الحرب والإبادات الجماعية والجرائم ضد الإنسانية تكون بذلك أول قاضية عربية تعمل في القضاء الجنائي الدولي.

وفيما يتعلق بتبرير المعارضين عدم كفاءة المرأة في السلك القضائي لطبيعتها العاطفية وما يعتريها من اضطرابات صحية شهرية وغيرها قالت قاضية لبنانية رغبت عدم ذكر اسمها خلال حديثها مع « الشرق الأوسط» أن إشكالية وتضارب الرؤى في مسألة «ولاية المرأة» عن الشارع اللبناني مؤكدة بعدم وجود أي تحفظات على تولي المرأة للولايات وبمختلف أفرعها السياسية والقضائية والاجتماعية والمهنية. وحول اقتصار مهام المرأة القضائية على بعض القضايا دون الحدود والقصاص أفادت أنها شخصيا بتت في مجمل القضايا المتنوعة والتي من بينها قضايا جزائية ومدنية وتجارية وأحوال شخصية مشيرة إلى أن مهنة القاضي تعد قاسية على كلا الجنسين والشروط التي لا بد من توفرها على الشخصية القضائية هي ذاتها في كل من الرجل والمرأة من حيث التوازن فكريا وعاطفيا وكفاءة علمية وشرعية.

وحول حجة المعارضين بتأثير التغييرات الفسيولوجية الشهرية للمرأة أو نتيجة الحمل والولادة على كفاءة عمل المرأة «القاضية» أوضحت أن التجربة التي تعايشها المرأة هي ذاتها للرجل فذات الإشكاليات والهموم اليومية التي قد تتعرض لها المرأة لا بد وان يتعرض أيضا لذات الشيء الرجل من إشكاليات أسرية ومهنية وصحية. وقالت القاضية اللبنانية التي مضى على ممارستها للمهنة القضائية 15 عاما أن على المجتمعات الشرقية عدم النظرة إلى القاضي كونه رجلا أو امرأة فهناك رجل انفعالي وعاطفي وهذا لا يصلح أن يكون قاضيا تماما كما المرأة فهناك نساء لا يصلح أن يكن قاضيات حيث أن التوازن النفسي والفكري والأخلاقي متطلبات أساسية.

* الولاية العامة قضية فرعية خاضعة للاجتهاد وعودة إلى الخلاف المحتدم ما بين التيارات الإسلامية السياسية حول مسالة «الولاية العامة» واعتبار المشاركة السياسية للمرأة هي احد فروع الولاية العامة، فحين سألت «الشرق الاوسط» الدكتورة رجاء مكاوي، وهي استاذة في كلية الحقوق في المغرب، حول استناد الرافضين لولاية المرأة السياسية على حديث «لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة»، استنكرت الدكتورة مكاوي استناد المانعين على دليل حظر واحد ورد في سياق حادثة مخصوصة يتم إشهاره، كما ذكرت، «بمناسبة ودون مناسبة» وهو الحديث النبوي الذي استبعد فيه الرسول الكريم فلاح قوم ولوا أمرهم امرأة، «عندما بَلَغَ النبيَّ أنّ فارسًا مَلّكُوا ابنةَ كسرى، مشيرة انه وأيا كانت صحّة الحديث فإشهاره وحيدا إنكار لما جاء في ذات الصدد من آيات قرآنية ومن سنة قولية وتقريرية أولت المرأة مكانة متميزة؛ وإنكار لكلّيات الشريعة ورمي لها بالتناقض، إلى جانب ما فيه من «إخلال بمنهاج العلوم الشرعية الذي يقتضي التعامل مع الشريعة في كليتها ويحدد ضوابط التعامل مع أحاديث الآحاد (ظنية الثبوت) وتفضيل الأحاديث الصحيحة على الظنية الثبوت (الآحاد)»، محذرة من أن «اختلالا منهجيا مثل هذا لا يسمح بصياغة منظور إسلامي صحيح ولا يخدم الإسلام». واعتبرت مسألة الولاية العامة للمرأة مندرجة في فقه الفروع التي تخضع للاجتهاد المفتوح ولا تندرج ضمن الأصول التي حسمها الشرع ولم تختلف حولها المذاهب الفقهية، كما أن ادعاء الإجماع واتفاق الفقهاء من قبل المعارضين بحسبها لتولي المرأة بعض المناصب الحساسة لم يكن متوفرا في القضية المطروحة مؤكدة انه «لم يكن هناك أي إجماع في أي عصر من العصور، ولا حتى داخل المذهب الواحد.

ومفهوم «الولاية العامة» كما قالت مكاوي تغير كثيرا في الآونة الأخيرة، حيث أن العالم يسير باتجاه تثبيت المؤسسات، والانتقال من السلطان المطلق للفرد إلى سلطان المؤسسة الشورية الديمقراطية؛ والانتقال من القرار الفردي إلى القرار الجماعي، سواء أكان في القضاء (الجماعي) أو في التشريع والتقنين (الذي انتقل من اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات ليس لها من وظيفة سوى صياغة التشريعات)، أو في إدارة مؤسسات الحكومة (ذات الشكل الهرمي) وإصدار القرارات التنفيذية. وردت مكاوي على تقييد ممارسة المرأة القضاء دون قضايا الجنايات والحدود والتعزير وذلك لعاطفتها الشديدة، في استشهادها على أن «انخراط المرأة (سيما المغربية) مبكرا في العمل القضائي أثبت عكس ذلك تماما» على حد قولها، مشيرة إلى أن القضية لا تتعدى كونها ممارسة وتأهيلا وتمرسا، كما أن العمل القضائي يقتصر على «البحث والتمحيص في القضايا وملابساتها ولا شأن له بتنفيذ العقوبة أو معاينة توقيع العقوبة».

وأضافت مكاوي أن نساء كثيرات تقلدن مهام لا تقل خطورة ولا إثارة للعواطف والمشاعر عن القضاء ولم يلاحظ أحد تأثرهن أو تأثير أنوثتهن على عطائهن وجديتهن، ومن ذلك العمل الطبي الذي يحتاج إلى إجراء جروح وبتر أجزاء من الجسد ومعاينة يومية للموت والدم والتشوهات، مضيفة انه لم يثبت وحتى الوقت الراهن أن الرجل أكثر حكمة واعتدالا أو أقل انسياقا مع الهوى وليس العاطفة فقط. فتاريخ الدولة الإسلامية خير دليل على ذلك على حد قولها أدلة ناصعة عن ذلك. كما أن الأوضاع الراهنة في جل البلاد الإسلامية تدعو للقلق أمنيا وسياسيا وعلميا واقتصاديا واجتماعيا.

مكاوي اعتبرت أن تنحية المرأة عن إدارة شؤون الدولة، هو السبب الحقيقي في « التراجع الشامل وتعثر النهضة».

هكذا تحدثت النساء، وهكذا تحدث الرجال، وتظل القضية مفتوحة والملف مشرعا.