مفتي مصر: يجب احترام المرجعية والتخلي عن شخصية «أبو العريف»

TT

* قال لـ«الشرق الأوسط» علي جمعة مفتي مصر، إن هناك فرقا بين الرأي والفتوى؛ فالرأي يصدر من غير المتخصصين، بينما الفتوى لا تصدر إلا من المتخصصين، لافتا إلى أن من شروط المفتي إدراك الواقع والنص، والربط بينهما. وأكد جمعة ضرورة أن تتوافر العملية العلمية في ذهن الفقيه من خلال 3 عناصر، هي: المصدر، إدارك المصادر الشرعية، ربط المصادر بالواقع. وقال عن العنصر الأول: الفقه موضعه فعل المكلف، وفعل المكلف أمر واسع، لأن المكلف يمارس في حياته كل الأنشطة، في كل مناحي الحياة، «وعلى ذلك فنحن بحاجة إلى بيان الممنوع والمشروع في هذه الأفعال، وهنا يأتي دور الفقه الذي يصف الأفعال البشرية بالحظر أو الإباحة».

وربط مفتي مصر مسألة إدراك المصادر الشرعية بإدراك الواقع بعوالمه الأربعة، والمتمثلة في: عالم الأشياء، عالم الأشخاص، عالم الأحداث، وعالم الأفكار.

وفيما يتعلق بثالث العناصر الواجب توافرها في العملية العلمية في ذهن الفقيه أكد جمعة، أن ربط المصادر بالواقع، يتم بعد أن يتم التصوير، «فينبغي أن يكيف ما صور بعد أن يعرف المشكلة، فالطبيب يلجأ إلى التشخيص، والتشخيص هو مرحلة التكييف عن المفتي، ثم بعد ذلك يظهر حكم الله في مثل هذا».

ورأى جمعة أن عملية التقنين والإلزام في الفتوى يصار إليها من خلال إصدار المجامع الكبيرة والمؤتمرات الحاشدة توصياتها وقراراتها، متضمنة أن الفتوى لا تجوز من كل أحد، بل من جهة الاختصاص التي يجب تحديدها بوضوح وبلا لبس للعامة، كما حصل في مصر من جعل مجمع البحوث الإسلامية دار الإفتاء المصرية هي المرجعية الوحيدة للإفتاء في الديار المصرية، وذلك تنظيما للفتوى، ولم الشتات.

وشدد مفتي الديار المصرية، على ضرورة محاربة الإصرار على اتباع التفكير المعوج الغثائي، والتدخل في التخصصات المختلفة، بصورة تجمع بين الجهل وبين الكبر، على أن تكون محاربة هذا الأمر بشكل منتظم ابتداء من مناهج التعليم، وانتهاء بالإعلام؛ حتى نعود إلى الأمل في تغيير حالنا.

وقال جمعة «إذا ما قارنا حالنا مع الفكر المستقيم والفكر المعوج مع حال أسلافنا؛ حيث بنيت الحضارة ونفعت الإنسان في كل مكان، ؛ لوجدنا أنهم قد تبنوا الفكر المستقيم، وحاربوا بكل قوة الفكر المعوج، وإذا ما قارنا حالنا في ذلك مع حال الحضارة الغربية، وجدناهم أيضا قد حاربوا الفكر المعوج ورفضوه، ومن مظاهر رفضه قضية التخصص والمرجعية».

وتابع مفتي مصر بقوله «إن أسلافنا والحضارة الغربية آمنوا بالتخصص، وآمنوا بالمرجعية، ولم تعد شخصية «أبو العريف»، التي شاعت في الثقافة الشعبية، شخصية محببة أو طريفة، بل هي شخصية غاية في التخلف والانحطاط، ويمثل الكذب عندهم ـ سواء عند السلف أو عند الغرب ـ، قيمة سلبية يحاسب عليها من يرتكبها، على جميع المستويات، ويكون الكذب جريمة إذا ما صدر عن مسؤول أو متصدر لخدمة الناس.

وأكد جمعة أهمية احترام المرجعية، والتفريق بين الحقائق والآراء. وقال «ليست هناك وجهات نظر في الأمور التي تحتاج إلى تجربة وحس، فوجهات النظر تكون في معالجة رعاية شؤون الأمة، وتكون في مجال يحتمل الآراء، سواء أكان من أهل التخصص، أم من عموم الناظرين والكاتبين»، مشددا على ضرورة تأسيس الرأي، حتى يكون محترما على الفكر المستقيم.