وزير الشؤون الإسلامية الموريتاني: التطرف في بلادي «سحابة صيف»

قال لـ «الشرق الأوسط» : إن هناك تيارات متشددة تسعى لاختراق «محاضر» التعليم الديني التقليدي والعمل

TT

كثر الحديث أخيرا عن محاولات اختراق تيارات دينية متشددة، كتاتيب تحفيظ القرآن والحديث والشعر التقليدية في موريتانيا، والبحث عن مكان آمن فيها للعمل من داخلها على غرس الأفكار المتطرفة في واحدة من أكثر الأماكن موثوقية في حياة الشعب الموريتاني. والكتاتيب التي تعرف في موريتانيا بـ (المحاضر) تعتبر نواة التعليم الأصلي التي يتعلم فيها الناشئة والكبار أصول الدين واللغة بالإضافة إلى علوم حياتية أخرى.

وتأتي أهميتها وقوة تأثيرها لكون هذا القطاع بعلمائه وفقهائه ودارسيه يشكل رقما صعبا في معادلة السياسة الموريتانية اليوم، وقوة رأي مهمة يمكن استثمارها في ترجيح الكفة عبر صناديق الانتخابات الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» التقت الوزير الموريتاني المسؤول عن الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، الشيخ أحمد فال ولد صالح، على هامش حضوره اجتماعات وزراء الحج والأوقاف في الدول الإسلامية لمناقشة خطط موسم حج هذا العام الذي عقد مطلع هذا الأسبوع في مدينة جدة وحاورته حول حقيقة المخاطر التي يعاني منها قطاع الكتاتيب (المحاضر) والتعليم الديني في موريتانيا وقضايا التطرف والإرهاب في منطقة شمال أفريقيا. وهنا نص الحوار:

* حذرت إحصاءات صادرة عن منظمات مهتمة بالتعليم من تنامي ظاهرة الأمية في موريتانيا، إلى أي مدى تنتشر الأمية في موريتانيا وكيف يتم التعامل معها رسمياً؟

ـ هناك وزارة الآن تسمى وزارة التهذيب هي المسؤولة عن التعليم، أما القطاع الذي أصبحت مسؤولاً عنه أخيرا فيتعاطى فقط مع الشأن الإسلامي والمؤسسات الدينية والتعليم الأصلي أو ما يسمى «المحاضر»، لكن الأمية موجودة في العالم كله، وموريتانيا حاولت في السنوات الأخيرة إيجاد مؤسسات لمعالجة هذه الظاهرة التي فاقم من وجودها ابتعاد الناس عن التعليم المحضري والتعليم الأصلي الذي كان المصدر الوحيد قبل قيام الدولة الحديثة للتعليم، إضافة إلى الهجرات من الريف إلى الحضر وضعف الوسائل التعليمية وانشغال المعلمين بلقمة العيش والبحث عنها عن التفرغ للتعليم. ومع هذا فإن المحاولات لم تكن ناجحة تماماً، ذلك لأن الظاهرة جديدة وتحتاج إلى دراسات معمقة بالإضافة إلى الغطاء المالي الكافي والآليات الفعالة التي تستطيع الدولة معالجة الظاهرة منها، والبنية هذه لم تكن ناجحة وكانت ضعيفة في الأداء.

* الجامعة الاسلامية واختطاف التعليم الديني في موريتانيا

* أنتم من خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ومعظم المتشددين الإسلاميين في موريتانيا درسوا بالجامعة نفسها، هل تعتقدون بأن هذا التعليم الوسطي تعرض للاختطاف في مرحلة من المراحل؟

ـ نعم أنا خريج الجامعة الإسلامية، وقبل ذلك أنا خريج المحاضر في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بلاد شنقيط سابقاً، أما قضية التطرف فهي قضية عالمية وهناك محاولات لبعض الدول التي تريد النفاذ إلى العالم الإسلامي والعربي عن هذا الطريق. ورغم أن النوافذ كانت مسدودة أمامها، نظراً للمتانة والقوة التي تتمتع بها هذه الدول من قناعات وتعليم أصيل ودفاع فكري، إلا أننا أحياناً نرى بعض النتوءات والمضايقات وهو ما حصل في جمهوريتنا الحبيبة، ولكن يمكننا القول بأنها سحابة صيف وانقشعت. وكان أكثر ما تقرأين وتسمعين وترين افتعالا يضخمه الإعلام، وبالتالي كان هناك نوع من هذه المضايقات وهي التي تسببت بتصرفات يمكن أن توصف بالتشدد، كذلك انعدام العدالة في المجتمعات العربية والإسلامية، وعدم إفساح المجال لحرية التعبير في المجتمعات، ولما فتح الباب في موريتانيا في أغسطس (آب) 2005 لم تعودي تسمعين إلا قليلاً من بقايا ما كان يكبر ويتناقله الإعلام.

* أفهم من حديثكم أنكم تنفون وجود تيارات متشددة وتفندون المخاوف من انتشار وتغلغل حركات متطرفة في موريتانيا، ما حقيقة الوضع إذاً؟! ـ الوضع في موريتانيا ليس خطيراً على الإطلاق، وما يحدث لا يعدو كونه مرضاً ظهر في عدة دول أخرى قبل موريتانيا، إلا أن المشكلة دائما كانت في معالجته بطريقة خاطئة، فبدلا من القضاء عليه ومعالجته كانت هناك قوى تريد نشره عبر العالم. وفي السنوات الأخيرة فإن بلدنا للأسف تعرض لمحاولات لجره وتصدير عدوى هذا المرض إليه، إلا أنه تعامل مع المشكلة كما يجب.

* من هي هذه القوى بالضبط، هل هي دول أجنبية لها مصالحها أم أنها تيارات متشددة؟

ـ سمّها ما شئت، سمّها قوة غربية، أو عولمة، أو استعمارا جديدا، لكنها موجودة وترعاها دول كبرى وتريد إيقاع دول العالم الإسلامي بكل ميزاتها تحت سيطرتها ولا أقول رحمتها.

* ما الخطوات التي ستتبعها وزارتكم لتحصين المدارس الدينية وما يعرف بالمحاضر من التيارات المتطرفة والإرهاب الديني؟

ـ هذا الداء علاجه يحتاج إلى توصيف لواقعه بداية، كما يحتاج إلى وقاية، وأخيراً إلى علاج. الإرهاب ظاهرة عالمية والملاحظ أنه كلما ضيق عليها في مكانٍ ما انتشرت، وكأنها قنبلة انشطارية، المهم فعلا برأيي هو إعطاء الظاهرة حجمها الحقيقي في كل بقعة، فأنا لا أستطيع أن أسقط ما هو في العالم على موريتانيا، ولكن يجب معالجة المشكلة بما تقتضيه تماما وبحسب حجمها في بلدنا.

مرحلة الوقاية هي الأهم بلا شك في المعالجة، يجب أن نعلم الناس لأن الجهل مصدر الشر كله، وأعتقد أنه من أكبر أسباب الظاهرة، كما أن من أسبابها التضييق وعدم إفساح المجال، وهو ما يجعلها أقل ظهوراً في بعض البلدان، وأقرب مثال على هذه الحقيقة هو موريتانيا نفسها، فعامي 2003 و2004 كانت البلاد كأنها في حالة حرب، فكان هناك سجناء ومتابعات أمنية وانقلابات عسكرية، لكن بمجرد أن زاد هامش الحرية في 2005 اختلف الوضع تماماً وأصبح الكثيرون ممن كانت الحكومة السابقة تطاردهم فاعلين سياسياً وحصلوا على نسب كبيرة في المجالس البلدية والبرلمان، وبالتالي حين أفسح المجال وزاد هامش حرية التعبير لم تعد هناك مبررات لتطرفهم.

* عدم فوز التيار الإسلامي المتشدد في الانتخابات الديمقراطية التي شهدتها البلاد أخيرا هل يعني عدم وجود قاعدة شعبية له في موريتانيا؟

ـ المهم بالنسبة لي أن يفسح المجال للجميع، لأنه بمجرد أن نفعل سنرى الحجم الحقيقي لشعبية كل تيار، وما أشرتِ إليه من أن الإسلاميين منوا بفشل في الانتخابات ربما يعود إلى عدم وجود إطار يستطيعون أن يكوّنوا من خلاله قاعدتهم الخاصة، فليس لديهم حزب سياسي حتى الآن. وما أود أن أشدد عليه أن لا حزب علمانيا في موريتانيا كلها، وبالتالي فكل الأحزاب تشترك في كونها إسلامية. أما المرشح الذي دعمه التيار الإسلامي فقد حصل على نسبة 47 بالمائة، وهو الآن يشغل منصب زعيم المعارضة الموريتانية ويتمتع بمكانة سياسية كبيرة في البلاد وبالتالي لا يمكن الحديث عن خسارة بالمعنى الذي قصدتِه.

* المذهب الديني السائد في موريتانيا طوال قرون طويلة كان المذهب المالكي الذي يميل إلى التصوف، كيف تقبل المجتمع والعلماء التقليديون دخول السلفية الحركية «الحديثة» التي يتبناها معظم المنتسبين إلى التيار الإسلامي المتشدد الجديد في موريتانيا؟

ـ لا أود الدخول في التيارات حتى لا تتجاذبني، وهي بالمناسبة تمرض، فهناك تيارات باردة، وأخرى حارة. لكن ما أود قوله هو أن موريتانيا كباقي الدول فيها تيارات مختلفة، والأسباب ربما أن المبتعثين والدارسين في الدول المختلفة يتأثرون بأفكار ويأتون بها معهم وهو شيء ليس بالجديد بالمناسبة. ففي السبعينات كان هناك وجود قوي للفكر الشيوعي، ثم القومي، ثم الناصري والبعثي، وغيرها من الثقافات والآيديولوجيات التي يعتنقها بعض المواطنين كخيارات شخصية ثم يدعون إليها ببساطة، والفكر السلفي مثلها تماماً.

السلفية والحرية والمنابر والقاعدة

* كيف تغير مفهوم كلمة «السلفية» إلى لازمة تطلق على التشدد والرأي الأوحد؟

ـ على الرغم من تغير معنى المصطلح، فالسلف كلمة تقال للنبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، وبالتالي فإن جميع المسلمين بهذا المعنى سلفيون، أما المفهوم الآخر الضيق الذي يحاول أن يباعد البعض بينه وبين المعنى الأول جاء من ردة فعل البعض على التيارات الفكرية المنحرفة، وخوفه على دينه مما يراه من أفكار انتشرت أواخر الستينات والسبعينات وبشكل خاص من الفكر الشيوعي البلشفي الذي غزا العالم الإسلامي، فكان غلق الأبواب أمام هذا المد في ذلك الوقت، واستمر غلق الباب حتى لا يتسرب الداء لبعض البلدان، فوصف هذا أحياناً بالأصولية والتزمت وبالسلفية، وبعد ذلك ظهرت ظاهرة الإرهاب التي أصبحت صفة تلصق بالمسلمين جميعاً، على أية حال رغم رفض البعض لهذه الحقيقة. فكل من يرى الآن له شعر على ذقنه، أو يداوم الصلاة في مسجده أو يتحفظ من المظاهر التي تخدش الكرامة، فيوصف بأي وصف من هذه الأوصاف، وأظن الأمر يكبر ويصغر أحيانا بحسب الحاجة.

* هل يمكن اعتبار التجربة الموريتانية وسياسة المعالجة التي اتبعتها بإفساح المجال وتوسيع هامش الحرية بدلا من الملاحقة وسياسة الاعتقالات ملهمة لبقية الدول التي تعاني من خطر إرهابي؟

ـ أرجو ذلك، لأننا وصلنا فعلا إلى نتائج مرضية وبوسع الجميع ملاحظتها، فموريتانيا عانت من كثير من القلق في السنوات الماضية، والآن لا يشعر أحد بشيء من ذلك، الحكومة الجديدة والرئيس المنتخب بإرادة الشعب قرروا فسح المجال أمام الجميع للمشاركة، ومضى ما يقارب الشهرين الآن ولم يحدث أي شي، بل أن الأيام القادمة ستشهد إنشاء حزب إسلامي لأول مرة، وأظن أن استلهام هذه التجربة في كثير من الدول سيسهم كثيراً في معالجة ظاهرة الإرهاب التي لا يمكن أن يتم حلها أمنياً فقط، وبمعزل عن جوانب أخرى لا تقل أهمية كالنواحي التربوية، وتشجيع حرية الرأي في إطار معين.

* هناك اتهامات لأئمة مساجد بإساءة استخدام المنابر والتحريض على الفكر الديني المتطرف من خلال المنابر، كيف تتابعون مثل هذه التجاوزات؟

ـ في زمن المطاردة والتضييق كان هناك من يريد فقط كلمة قد تكون متشنجة أو غير منضبطة غالباً بسبب التضييق، الآن المجال متاح وهناك رابطة للأئمة وأخرى للعلماء، والمنابر حرة، والخطب لا تخضع لأي رقابة مطلقاً والجميع ملتزم.

* عفواً، إذا لم تكن هناك رقابة كيف تعرفون بأن المحتوى بعيد عن التحريض والتطرف؟

ـ الرقابة موجودة، لكنها داخل كل إمام وكل خطيب، كما أنها موجودة بالتوجيه الدائم من القطاع المكلف بهذا، ومكفولة أيضاً بعدم وجود الداعي للخروج عن النظام طالما حرية التعبير متاحة.

* هل هناك مخالفات، وكيف تتعاملون معها؟

ـ لا أستطيع التبرئة مطلقاً لأن الإنسان بطبعه خطاء، وإذا حصل فهو غير مقصود ونتعامل معه بالتنبيه من خلال القطاع أو رابطة الأئمة بدلاً من إغلاق المساجد والاعتقال الذي كان يتم سابقاً.

* هناك حديث أميركي دائم عن مخاوف من استيطان «القاعدة» وحركات أصولية في الصحراء الغربية، هل تقلقكم هذه الأمور؟

ـ هذا الجانب أكثر لصوقاً بالجانب السياسي، وكل ما أستطيع قوله هو أن هناك قوة تريد جر العالم الإسلامي إلى ما تريد هي لا إلى ما تريده المجتمعات الإسلامية.

* حملة كبرى لمكافحة الأمية نفذتها حكومة ما قبل الانقلاب الأخير اتهمت حينها بأنها مسيسة وتقصد النيل من حظوة المحاضر والمساجد في الشارع الموريتاني، هل السيطرة على التعليم الديني في موريتانيا «المحاضر» أمر بهذه الأهمية ومن يوجهه يستطيع توجيه سياسة الدولة؟

ـ الإجابة باختصار نعم، فالحملة الكبرى لمحو الأمية التي ذكرتها استغلت القضية في وجهة غير تعليمية ولكن بشكل سياسي، وهو ما جعلها غير ذات فائدة، وظهر ذلك أولاً في فصل قطاع الثقافة عن وزارة التوجيه الإسلامي والتعليم الأصلي، وضم مكافحة الأمية إليها، وهو ما شوش على دور المحاضر. وتمت محاولة الاستفادة من المسألة سياسياً بالفعل، وأنا لا أرى ذلك عيباً في السياسة على أية حال، لكنه عيب في الممارسة انعكس بشكل سلبي على القطاع المحضري الذي أسيء استخدامه عمداً بعد أن ظهر في السنوات الأخيرة كرقم صعب في السياسة الموريتانية، لا يمكن تجاهله، فتم استغلاله بشكل سيئ بدلا من الاحتفاء به وتكريمه وإعطائه الاهتمام اللازم.

* هذا عن استغلال أهل السياسة للقطاع المحضري، ماذا عن محاولات التيار الإسلامي المتشدد، أو «الإسلاميين الجدد» لاستغلاله؟

ـ لا يمكن الفصل بين العلماء التقليديين والعلماء الجدد والمحاضر، فليس بالضرورة أن يختلف التيار الديني للعلماء لكن الاختلاف بحسب ما أعتقد في الممارسة، والأسلوب الذي تتبناه كل فئة في التعبير عن رأيها، وإذا كانت هناك ثنائية بهذا المعنى فعلاً فإننا نريد من الجميع أن يمارس ممارسة صحيحة لصالح البلد ولصالح القطاع المحضري وتاريخه خاصة.

* إغلاق المعهد السعودي

* ما هي الأسباب الحقيقية لإغلاق المعهد السعودي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود في نواكشوط، وهل هناك نية لإعادة فتحه؟

ـ كان بودي أن تطرحي السؤال على من أغلق المعهد في الأساس.

* لكنه الآن غير موجود في الحكم؟! ـ (ضاحكاً) من ينوب عنه؟ على أية حال المعهد أغلق في خضم الحملات التي شنت على الجامعات والمعاهد الدينية في العالم الإسلامي كله، نتيجة إسقاط أخطاء فردية قامت بها فئة محدودة على أمة بكاملها وعلى جميع مؤسساتها الدينية والعلمية. أما فيما يتعلق بإعادة فتحه فموريتانيا الآن تفتح أبوابها ليس لمعهد فقط بل لجامعات، وتريد أن تعود المياه إلى مجاريها، وتود التصالح مع ذاتها ومع أبنائها ومع العالم بأكمله، والعمل على أشده للاتصال مع جميع الدول الصديقة ومن بينها المملكة العربية السعودية وتطوير التبادل الثقافي والعلمي والاقتصادي كذلك.

* المرأة الموريتانية موجودة بشكل طبيعي وتلقائي في المشهد السياسي والاجتماعي، ولا تعاني من عقدة الاضطهاد، إلى من يرجع الفضل في هذا؟

ـ المرأة الموريتانية معروفة بأنها قائدة وفاعلة حتى قبل التحضر، وكانت لديها صلاحيات واسعة يكفلها لها العرف والتقاليد الموروثة. والحقيقة أن الباب كان مفتوحاً للمرأة منذ البداية في مجال العمل ولم تعان ما عانت منه النساء في كثير من البلدان العربية بل والغربية أيضاً، حتى من قبل الستينات وبداية الدولة الحديثة، والمرأة تتساوى تماماً مع الرجل في موريتانيا.

* يحسب لموريتانيا تصالحها مع تجربة الاستعمار ومحاولة الإفادة منها من ناحية الانفتاح السياسي وفي الوقت نفسه الإصرار على الهوية الوطنية، كيف استطاع الموريتانيون فعل ذلك؟

ـ المجتمع الموريتاني كانت لديه حماية قوية جداً اكتسبها من التعليم التقليدي المحاضر والتي كانت تحميه من الاختراق، وما حدث من اختراق لاحقا كان نتيجة ضعف المنظومة التربوية السابقة. وأول مسمار دق فيها كان المدرسة العصرية التي افتتحها المستعمر وجاء بها، وشجع دارسيها مادياً، وهي لا تمنح من التعليم الأصلي القدر الذي يكفي لحماية النشء وتحصينه، ومع ذلك ظلت التركيبة الاجتماعية متماسكة ومتمسكة بتقاليدها وشخصيتها بشكل واضح على الرغم من أمواج العولمة العاتية.