نواب مسلمون في البرلمان البلجيكي يطالبون بالحقوق المدنية للأقليات المسلمة

TT

يوجد في بلجيكا أكثر من برلمان فهناك البرلمان الوالوني الذي يناقش قضايا ومشاكل الجزء الوالوني (الذي يتحدث الفرنسية) كذلك هناك البرلمان الفلامنكي الذي يهتم بقضايا الجزء الفلامنكي القريب من الحدود الهولندية وهناك برلمان ثالث وهو برلمان العاصمة بروكسل والبرلمان الرابع هو البرلمان الفيدرالي الذي يناقش القضايا التي تهم بلجيكا ككل.

وداخل برلمان بروكسل العاصمة هناك ثمانية من النواب المسلمين تم اختيارهم من قبل ابناء الجاليات المسلمة التي تعيش في بروكسل لخدمة قضاياهم ومن بين هذه القضايا والمشاكل التي يعاني منها ابناء الجاليات المسلمة على سبيل المثال قضية منع الحجاب في بعض المدارس وكذلك قضية منع الذبح في عيد الاضحى أو غيره من الأيام داخل البيوت وهناك ايضا قضية المساعدات المادية اللازمة لبعض الجمعيات الاسلامية لمساعدتها على القيام بدورها الديني لخدمة ابناء الجاليات الاسلامية وفي لقاء مع عدد من هؤلاء النواب اجابوا على اسئلة خاصة بالدور الذي قام به كل واحد منهم لخدمة قضايا ابناء الجاليات المسلمة وكان أول لقاء مع النائبة فتيحة السعيدي وهي مغربية الاصل وان كانت ولدت في الجزائر من أبوين مغربيين الا انها جاءت مع والديها الى بلجيكا وهي طفلة صغيرة والتحقت بالعمل الاجتماعي في بعض الجمعيات والمنظمات المختلفة داخل بروكسل وفي الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت في 1999 اختيرت فتيحة عضوا في البرلمان (بروكسل) وحصلت على أعلى الاصوات بالمقارنة بزملائها من النواب العرب والمسلمين الآخرين وتقول فتيحة من حزب الخضر: «ان اختياري في برلمان بروكسل كان بناء على اصوات العديد من ابناء الجاليات الاسلامية وكذلك اصوات الناخبين البلجيكيين ولهذا فإن اهتماماتي داخل برلمان بروكسل تصب في الناحية الشمولية أي الاهتمام بقضايا كل الاجناس دون تفريق وأن هدفي الاول هو خدمة المظلومين، خاصة الذين ليست لديهم أوراق اقامة، أو ليس لديهم عمل وكذلك مشاكل المدارس والتعليم ومشاكل الفقر وأشياء أخرى كثيرة وسوف اعطيك بعض الامثلة على مداخلات لي داخل البرلمان في الخامس عشر من شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي كانت هناك مشكلة الذبح بالنسبة لأبناء الجاليات الاسلامية سواء في أيام العيد بصفة خاصة أو في الأيام الأخرى وتقدمت بسؤال أو استجواب حول هذا الموضوع داخل البرلمان ووعدني المسؤول الحكومي بالنظر في هذا الأمر لايجاد الحل المناسب لارضاء الجميع، كذلك كان لي سؤال داخل البرلمان في شهر مارس (آذار) الماضي لوزير العمل البلجيكي حول العنصرية في سوق العمل البلجيكي والاضطهاد الذي يتعرض له ابناء الجاليات الاسلامية والتفرقة في مجال ايجاد فرصة عمل أو نوعية العمل وقد قمت باعداد دراسة أو تقرير حول هذا الموضوع وعرضتها على البرلمان كذلك تعرضت لموضوع الحجاب داخل المدارس إلا ان هذا الموضوع ما زال حتى الآن قيد المداولات والمناقشات فيه مستمرة حتى يومنا هذا. وفي النهاية تقول فتيحة: ان البلجيكيين الذين نعمل معهم لم يعيشوا أو يتعودوا على الظروف التي يعيش فيها ابناء الجاليات المسلمة في الخارج مثل الغربة، العنصرية الهجرة، ولهذا فإن دورنا ان نوضح للآخرين طبيعة هذه المشاكل وذلك بعدة طرق مختلفة مثل الندوات والمحاضرات سواء داخل الحزب الذي انتمي اليه أو داخل البرلمان أو في الجلسات وكذلك في المجلات والصحف الحزبية وغير الحزبية.

الضعيف محمد وهو من أوائل البرلمانيين المسلمين داخل برلمان بروكسل، حيث بدأ عمله داخل البرلمان بعد انتخابات عام 1995 واعيد انتخابه مرة أخرى عام 99 وهو مغربي الأصل يقول: الاسلام ديانة معترف بها هنا في بلجيكا وله هيئة تمثيلية معترف بها من جانب الحكومة البلجيكية على الرغم من المعارضة الشديدة من جانب كل الاحزاب البلجيكية للاعتراف بهذه الهيئة أو بالاسلام كديانة، وأنا كمواطن مسلم أرى انه لا بد ان يكون للهيئة التنفيذية للمسلمين الامكانيات اللازمة حتى تعمل وتحقق الاهداف التي جاءت من أجلها ولا بد من توفير الاموال اللازمة للهيئة التنفيذية للمسلمين لكي تتوفر لها الامكانيات ومن أجل ذلك كان دوري داخل الحزب الذي أنتمي اليه وهو الحزب الاشتراكي وكذلك داخل البرلمان وهو العمل على ان لا يكون هناك أي نوع من العنصرية في ما يتعلق بصرف الاموال للهيئات المختلفة وضمان وصول الدعم اللازم للهيئة لتحقيق أهدافها.

أما بالنسبة للذبح في العيد أو غيره من الأيام الأخرى أقول ان الأمر اذا كانت له علاقة بالناحية السياسية كنت سأتدخل بسرعة لإيجاد حل سريع ولكن اعتقد ان هذا الأمر ليست له علاقة بالديانة لأن الذبح ممنوع في البيوت على الجميع وليس المسلمين فقط وهذا راجع لدواعي بيئية وصحية ولكن بالتحديد بالنسبة للذبح في عيد الاضحى فقد اجريت اتصالاتي من قبل برئيس الحزب ووزير العدل وكذلك وزير الصحة لإيجاد حل يرضي جميع الاطراف ونحاول جاهدين البحث عن حل يتمثل في ايجاد أماكن خاصة (مسالخ) كافية ومناسبة للذبح فيها في العيد، أما بالنسبة للحجاب استطيع القول إن مشكلة الحجاب تقتصر على بعض المدارس وليس جميعها ونحن نحاول ان نجد لها حلاً بالتعاون مع مديري المدارس وذلك بصفتي شخصاً مسلماً واذا رفضوا التعاون ووصل الأمر الى حد ان يصبح مشكلة سياسية هنا اتدخل بصفتي عضواً في البرلمان ولهذا يجب التنويه بأن العمل في علاج بعض المشاكل الاجتماعية الخاصة بالجاليات المسلمة يمكن ان يتم بعيدا عن البرلمان، ولكن في حالة تطور الأمور الى حد جعلها مشكلة سياسية يتم ذلك داخل البرلمان.

رمضاني محفوظ: من الحزب الاشتراكي وهو من اصل تونسي وان كانت بداياته في العمل السياسي مع الحزب الشيوعي التونسي في أوائل السبعينات إلا انه تحول بعد ذلك الى الحزب الاشتراكي حبا في الرئيس السابق بورقيبة وقد أنهى رمضاني دراسته وحصل على بكالوريوس الهندسة في الفيزياء النووية وقد جاء الى بلجيكا وكانت بداياته في العمل داخل بلدية بروكسل في العمل الاجتماعي وعندما أجريت الانتخابات عام 95 أصبح عضوا في برلمان بروكسل وأعيد انتخابه مرة أخرى عام 99 يقول السيد رمضاني محفوظ: في الحقيقة ان المشاكل التي يعاني منها ابناء الجاليات الاسلامية هنا في بروكسل لا تتطلب فقط مناقشات ومداخلات داخل البرلمان ولكن تتطلب مساعدات بطرق أخرى وهي ما نسميه الخدمات الاجتماعية في مجالات مختلفة على سبيل المثال: البحث عن عمل ـ استخراج جواز سفر ومشاكل المدارس وغير ذلك وأنا عن نفسي أخصص يوما ثابتاً لحل هذه المشاكل لأبناء الجاليات الاسلامية وهو يوم الأحد من كل أسبوع، وعن مشكلة الحجاب يقول ان نظرتي للإسلام داخلية وليست خارجية وأنا متأثر بقول الامام الغزالي الذي قال عن الاسلام (هو نور قذفه الله في قلبي) ولذلك فأنا كنت وما زلت ضد الحجاب الظاهري دون أن يكون في داخل الفتاة. ويضيف الاسلام دين نقاش وحوار وليس التزمت والعداوة وقد تكون هناك حساسيات في النقاش ولكن نصل في النهاية الى شيء مفيد. وعن مساعدة المسلمين هنا في بروكسل استطيع ان أذكر لك بعض الامثلة لقد تدخلت وكنت أول من نادى بهذا الأمر منذ فترة طويلة وهو انشاء مرافق خاصة بالمسلمين وكذلك عملت على ازالة العقبات التي تعترض سرعة انهاء الاجراءات الخاصة بنقل الموتى للدفن في بلدهم. ويضيف النائب رمضاني: انا اعتبر نفسي مسؤولاً قومياً في هذا البلد لمساعدة الجميع وأنا أؤمن بالتأقلم مع المجتمع أكثر مما أكون منحازاً لفئة قليلة في المجتمع ولكني أنصر الضعفاء واساعدهم حتى لو كانوا هم الفئة القليلة، وأقرب مثال على ذلك ما حدث لشاب مسلم من سيراليون يُدعى ابراهيم صدر قرار بترحيله خارج البلاد والشاب يرفض العودة وقد ذهبت مع بعض زملائي من أعضاء البرلمان لمقابلة وزير الداخلية والتقينا بمدير مكتب الوزير لايجاد حل لمشكلة هذا الشاب واخذت المبادرة في هذا الامر مع الزميلة فتيحة السعيدي على الرغم من اختلاف الاحزاب واختلاف التوجهات السياسية. وفي النهاية يضيف انني البرلماني الوحيد الذي يحتفظ بعلاقة طيبة بنقابات العمال وهذا يساعدني كثيرا على ايجاد حلول لمشاكل العمال من ابناء الجاليات المسلمة على الرغم من الهجمة الشرسة التي تعرضت لها وقالوا عني انني تونسي يهودي ولكن ما يردده قلة من هؤلاء الحاقدين لا يضعف من عزمي في خدمة باقي ابناء الجالية الاسلامية.

وقالت فوزية طلحاوي: عند لقائي بالنواب البرلمانيين المسلمين داخل برلمان بروكسل وعندما عرضت عليهم بعض المشاكل التي يواجهها ابناء الجاليات الاسلامية ذكر بعضهم بأن مناقشة هذه القضايا داخل برلمان بروكسل يستغرق وقتا طويلا وذلك لأن البرلمان يختص بالجالية الموجودة داخل بروكسل فقط.

وفي اتصال مع فوزية قالت: حتى الآن لا توجد أي مشروعات لقوانين تخص الجاليات الاسلامية ومشاكلها معروضة على البرلمان وان كانت هناك بعض الافكار والملفات الخاصة بوضع الجاليات الاسلامية في بلجيكا وان البرلمان في انتظار التقارير التي سوف يتقدم بها وزير العدل المسؤول عن ملف الجاليات المسلمة في الحكومة، وتؤكد فوزية ان هذه التقارير هي مجرد مشروعات قوانين موجودة في (الثلاجة) أي يحتفظ بها الوزير في ادراج مكتبه على الرغم من مطالبتي أكثر من مرة بعرض تلك الملفات على المجلس لمناقشتها داخل البرلمان، ولكن يبدو ان هذا الامر سوف يستغرق فترة من الوقت حتى تتم مناقشة تلك الملفات نظراً لقرب بداية العطلات الرسمية في بلجيكا وفيها تتوقف المناقشات والجلسات داخل البرلمان. وأتمنى ان يستجيب الوزير لطلبي هذا بعد العودة من الاجازة الصيفية وسوف ابدأ الدورة المقبلة بعد العطلة باستجواب للوزير لسرعة عرض التقارير والملفات الخاصة بالقضايا التي تهم الجاليات المسلمة على البرلمان لمناقشتها واصدار قوانين بعد ذلك تنظم كل الأمور المعيشية للجاليات الاسلامية في بلجيكا وتخدم مصالحهم، والشيء الوحيد ـ تضيف فوزية ـ الذي عرض على المجلس منذ فترة قريبة ودارت حوله مناقشات داخل البرلمان كان عبارة عن طلب من وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية لدراسة المساعدات المادية التي سوف تقدم للهيئة التنفيذية التي تمثل المسلمين في بلجيكا وكذلك دراسة زيادة المبالغ المالية التي سوف تقدم للهيئة وبالفعل تمت الموافقة على منح الهيئة التنفيذية مبلغ ثلاثة ملايين من الفرنكات البلجيكية على سبيل الدعم المادي لتحقيق أهدافها وتنظيم الانشطة الخاصة بها لخدمة ابناء الجاليات الاسلامية التي تعيش في بلجيكا.