وزير الأوقاف المصري يفند أصول الحوار الإسلامي وفلسفته في كتاب جديد

الإسلام في مواجهة الآخر

غلاف الكتاب
TT

فلسفة الحوار وأهميته كقيمة من قيم التواصل والمعرفة الإنسانية لتحري الصواب والحقيقة، وأصوله وروافده في الإسلام يناقشها الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري في كتابه «لإسلام وقضايا الحوار» الصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

فعبر17 فصلا يتناول الكتاب موضوع الحوار وأهميته في القضاء على المشكلات التي تنشأ من سوء الفهم، وعدم المعرفة الصحيحة لدى كل طرف عن الآخر. كما يبين المؤلف من خلالها أن هذا الكتاب يتصدى للمحاولات التي جرت بعد أحداث 11 سبتمبر2001 لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، ومحاولات تشويه الدين الاسلامى انطلاقا من مفاهيم خاطئة، ومخاطبة العقل الغربي من خلال فصول هذا الكتاب، التي سبق تقديمها إلى المؤتمرات والندوات في البلاد الأوروبية، وتم نشرها باللغة الألمانية في كتاب بعنوان «مدخل إلى الإسلام»، يقدم المفاهيم الصحيحة للدين الاسلامي، ويؤكد دعوة الإسلام إلى حرية الفكر والعقيدة وحقوق الإنسان وتأكيد الحوار. ويرى المؤلف أن هناك وجوها عديدة للإسلام يختلف كل منها عن الآخر الأمر الذي شجع البعض في أوروبا إلى الدعوة إلى إسلام أوروبي، فقد كان من الضروري توضيح هذه القضية أولا قبل البدء في عرض قضايا الحوار الأخرى، ومن هنا جاء الفصل الأول بعنوان «إسلام واحد وتفسيرات متعددة» ويتضمن شرحا وافيا لمفهوم كلمة «الإسلام» كما يقصده القرآن الكريم بالمعنى العام، وهو الدين الذي دعا إليه جميع الأنبياء والرسل، والإسلام بالمعنى الخاص وهو الدين الذي دعا إليه نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي، بوصفه وحيا منزلا من عند الله، وبوصفه تصديقا للرسالات السماوية السابقة المنزلة من عن الله عز وجل، كما يؤكد أن الإسلام ربط بين الأخلاق والإيمان وجعل الأخلاق شرطا للإيمان وجعل الإيمان أساس الدين وأساس الأخلاق. ثم ينتقل المؤلف لبيان نشأة التفسيرات المختلفة للإسلام حيث يبين أن هناك اختلافات بين الأديان فيما يتعلق بالأحكام العملية، لا فيما يتعلق بتعاليم العقيدة والأخلاق، مؤكدا أن أصول العقيدة في الإسلام هي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأركان الإسلام خمسة والمسلمون جميعا في مختلف بلاد الدنيا متفقون على هذه الأصول والأركان التي ظلت كما هي دون تغيير أو تبديل، لافتا إلى أن الشريعة الإسلامية في جانب تعلقها بالأمور الفرعية والشؤون الدنيوية تنبع أصلا من الظروف التي أحاطت بزمن نشأتها وهي قائمة أساسا على أساس التطوير المستمر، والإسلام ليس هيكلا مجردا بل هو دين يعيشه الناس وهو يعطي الإنسان من التوجيهات والإرشادات ما يساعده على أن يطور حياته باستمرار. ويبين المؤلف انه نظرا لتغير البشر وتغير العصور التي يعيشون فيها وبالتالي تغير المتطلبات المفروضة عليهم، فان شكل حياتهم في الإسلام يختلف ويرتبط بتغير الزمان والمكان وتوالي التجديد في الفقه الإسلامي وفي التأويلات والتفسيرات للإسلام. ويخصص الفصل الثاني بعنوان «الحوار والاحترام المتبادل بين الحضارات» لبيان موقف الإسلام من الحوار بين الحضارات والثقافات والتأكيد على موقف الإسلام الداعي لاحترام التنوع والتعددية الثقافية والدينية ودعوته للتعايش والتعارف بين بني البشر على مختلف أديانهم وثقافاتهم وحضاراتهم وان الإسلام جعل التعرف على الآخرين شرطا أساسيا للدخول في أي تعاملات تتم بين الأمم والشعوب وألا يكون الاختلاف الحضاري منطلقا للنزاع والشقاق بين البشر. ويتناول الفصل الثالث بعنوان «الإسلام وأوروبا.. ضرورة الحوار وآفاق المستقبل» الوجود الاسلامى في أوروبا والذي أصبح حقيقة واقعية، بما يفرض معه ضرورة الحوار بين أوروبا والإسلام حيث لا غنى لأوروبا عن العالم الاسلامي ولا غنى للعالم الاسلامي عن أوروبا، فلا بد من الحوار الحضاري لتفعيل سبل التعاون المشترك والقضاء على الإرهاب والعمل على تنمية مساحة القواسم المشتركة. كما استعرض الكتاب مجموعة من العقبات التي تعترض سبيل الحوار بين الإسلام والغرب وأهمها، وصف الإسلام بالعدو، مشيرا إلى أن هذه العداوة تطورت عبر التاريخ فضلا عن تجاهل العالم الغربي وعدم اكتراثه بقضايا العالم الاسلامي لسوء فهم الغرب للإسلام. ويدلف بعد ذلك إلى مناقشة «العلاقة الثقافية بين العالم الاسلامى والغرب»، من حيث التأثير الثقافي للحضارة الإسلامية في أوروبا وانتقال التراث العلمي للمسلمين الأوائل إلى الغرب والتي ساعدت الغرب كثيرا في تحقيق النهضة العلمية والحضارية التي يعيشها الآن. وفي الفصل الخامس بعنوان «الجانب الروحي في الإسلام» يؤكد المؤلف أن العبادات التي شرعها الإسلام من صلاة وصيام وحج..الخ، من شانها أن تجعل المسلم أكثر تقوى ويستطيع أن يشجع جماعته للإقتداء به. ويتضمن الفصل السادس بعنوان «السلام والحوار بين الأديان» الحديث عن حوار الأديان وأهدافه ومجالاته ومنطلقاته، وكيفية استغلال النصوص التي جاءت بها الأديان في محاربة العنف والإرهاب في العالم. ويفرد الفصل السابع بعنوان «عيسى عليه السلام في القرآن»، للتعريف بسيرة السيد المسيح عليه السلام من خلال ما ورد في القرآن بشأن عيسى عليه السلام وما انعقد إيمان المسلمين عليه.

ويخصص المؤلف الفصل الثامن «الصراع والتعددية والتضامن فى التصور الاسلامي» للحديث عن وحدة البشرية وأنها من أب وأم واحدة وان الاختلاف سنة من سنن الحياة، لافتا إلى ضرورة استغلال هذا الاختلاف في التعاون والتكامل وليس النزاع والشقاق لأن الإسلام حرم الشقاق والنزاع وأمر أتباعه بالتحلي بالتسامح والعفو. ويستعرض في الفصل التاسع بعنوان «الإسلام وحقوق الإنسان» جميع الحقوق التي نصت عليها شريعة الإسلام مثل الحرية والمساواة والعدل بين المسلم وغير المسلم في كافة الحقوق الإنسانية. وفي الفصلين العاشر والحادي عشر ينصب الحديث حول الأسس العامة للمجتمع الاسلامي والحريات التي أكدتها شريعة الإسلام ودعت إلى احترامها، وعلى رأسها الحرية الدينية، فقد جعلت شريعة الإسلام الإنسان حرا في أن يعتقد ما يشاء، وهذا الحق جعل اعتناق الدين عملا قوامه الحرية لقول الله تعالى «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». أما الفصل الثاني عشر «مشكلات الانحرافات الدينية في التاريخ الاسلامي» فيسلط الضوء على كل مفاهيم الانحرافات الدينية في التاريخ الاسلامي كالبدعة والزندقة والغلو والتطرف والردة، وغيرها من المذاهب والجماعات المنحرفة عن الصواب. وفي الفصل الثالث عشر بعنوان «مفهوم العدل في التصور الاسلامي» يبين المؤلف أن العدل والرحمة والتسامح قيم أساسية في أي مجتمع إنساني ينشد الأمان والسلام. ويتواصل مع هذا ما يطرحه في الفصل التالي حول مفهوم السلام في التصور الإسلامي، مبينا أن المسلمين بدافع من دينهم يسعون إلى تحقيق السلام بوصفه هدفا رئيسيا يضعه الإسلام أمام أعينهم. ويتناول في الفصلين الخامس عشر والسادس عشر معاني ومفاهيم تتعلق بالتسامح الديني والتعايش بين أفراد المجتمع الواحد رغم اختلافهم في العقيدة، مؤكدا أن منهج الإسلام هو تحقيق المواطنة الكاملة. ويختتم الكتاب بفصل يحمل عنوان المسؤولية المعاصرة في التصور الاسلامي، يوضح فيه مفهوم المسؤولية في نظر الإسلام، والصورة القرآنية التي يرسمها الإسلام للعالم في ماضيه وحاضره ومستقبله.