طنطاوي: مكتبي مفتوح لكل من يعترض على فتاواي

جبهة علماء الأزهر تتبنى محاكمة فقهية لفتاوى شيخ الأزهر المثيرة للجدل

الشيخ سيد محمد طنطاوي في مؤتمر عن دور العلماء المسلمين في بوتراجايا بماليزيا عام 2003 (أ.ب)
TT

أعلنت جبهة علماء الأزهر عن تبنيها محاكمة فقهية لشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي عن العديد من فتاواه المثيرة للجدل خاصة بعد أن قامت الجبهة بجمع هذه الفتاوى التي أصدرها الشيخ طنطاوي وقت أن كان مفتيا ثم شيخا للأزهر لبيان التناقض في هذه الفتاوى ولتصحيح الأخطاء والنصيحة التي يراد بها وجه الله والحفاظ على سمعة الأزهر.

وحول هذه المحاكمة الفقهية يقول الدكتور محمد عبد المنعم البري عضو جبهة علماء الأزهر والرئيس السابق لها: نحن لا نعادي شيخ الأزهر حتى وإن اختلفنا معه، وأن ما تقوم به الجبهة بعد صدور حكم من المحكمة الإدارية المصرية مؤخرا بالتصريح لها بممارسة أنشطتها هو بمثابة التنبيه من علماء أفاضل غيورين على الأزهر لعالم على رأس هذه المؤسسة الأزهرية التي ننتمي إليها جميعا. وانطلاقا من غيرتنا على ديننا ومؤسستنا العريقة تسعى الجبهة للتنبيه إلى أهمية الحفاظ على سمعة الأزهر وعدم تطويع الدين لتوجهات سياسية أو شخصية من أي عالم أزهري حتى ولو كان عضوا في الجبهة، لأن العلماء ورثة الأنبياء وهم أمناء على ما شرفهم الله بحمله من تعاليم الدين وضرورة تبليغها بأمانة وصدق والابتعاد عن أية أهواء شخصية أو توجهات سياسية حتى لا يؤثر ذلك سلبا على صورة الإسلام وعلمائه.

ونفى الدكتور البري أن يكون هدف علماء الجبهة مصلحة شخصية أو ثأرا قديما كما يدعي البعض ويروج الخبثاء، وإنما هدفنا الأساسي الدفاع عن سمعة الأزهر منارة العلم وتاريخه المشرق، حتى لا تهتز ثقة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فيه، خاصة أن الأزهر مؤسسة عالمية وليست مصرية فقط. لافتا إلى أن اختلافنا مع شيخ الأزهر لا يعني كراهيتنا الشخصية له ولكننا نعارضه ونرفض بعض فتاواه نصحا له واختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية بين العلماء.

وصرح مصدر بجبهة علماء الأزهر رفض نشر اسمه لـ «الشرق الأوسط» أن الجبهة قد رصدت أهم الفتاوى التي أصدرها شيخ الأزهر والتي أثارت جدلا، مثل فتوى إباحة أخذ فوائد البنوك الربوية تحت مسمى عائد الاستثمار، وكذلك فتوى عدم جواز العمليات الاستشهادية ضد المدنيين في إسرائيل، وفتوى جواز تولي المرأة منصب رئاسة الجمهورية، فضلا عن فتوى عدم التزام المسلمات اللاتي يعشن في فرنسا بارتداء الحجاب واحترام قوانين الدولة التي ترفض ارتداء الحجاب للمرأة المسلمة وغيرها من الفتاوى الأخرى. وسوف تتولى الجبهة التعليق على هذه الفتاوى الأربع في شكل كتيبات ومناقشة ما استند إليه شيخ الأزهر من أدلة فقهية.

من جانبه قال شيخ الأزهر في تصريحات صحافية سابقة انه «على أتم الاستعداد لمناقشة أي معترض على فتاواي وأن مكتبي مفتوح لكل إنسان يريد مناقشة أي فتوى». وأضاف «أنا مستعد لمن يرسل لي اعتراضا على فتاواي أن أرد عليه بالرد العلمي بخط يدي، أو أصرح لأي عالم بالجلوس في جلسة مجمع البحوث الإسلامية لمناقشة العلماء فيما أفتيت. وحسب ما يخرجون به فأنا متفق معهم جميعاً، ولا أجد حرجاً على الإطلاق أن أعلن عن أي خطأ فيما أفتيت متى تيقنت من صحة المعترض من العلماء».

وأضاف طنطاوي: «أرحب بالحوار مع الجميع وعلى وجه الخصوص مع العلماء ولكن يجب علينا جميعاً أن نلتزم بأدب الحوار، بعيداً عن السب والقذف والإهانة، والالتزام بالموضوعية». وتساءل شيخ الأزهر: «لماذا يتجه العلماء إلى الفضائيات لعرض اعتراضهم وبابي مفتوح للجميع؟ كان الأولى بأي عالم معترض على الفتاوى التي أصدرتها أن يحضر إلي ويناقشني».

وفى تعليقه على فتوى شيخ الأزهر بجواز التعامل مع البنوك التي تحدد الفائدة مقدما وتغيير لفظ الفائدة إلى ربح يقول الدكتور محمد دسوقي أستاذ الفقه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة إن تحديد نسبة مستحقة مقدما (الفوائد البنكية) على الأموال المودعة في البنوك حرام، لأن ذلك ربا صريح ولا يختلف عن ربا الجاهلية، لافتا إلى أن تغيير لفظ عائد أو ربح أو أي مسمى آخر غير كلمة فائدة لا ينفي عن هذه البنوك شبهة تعاملها بالربا المحرم لأن المسألة هنا مسألة لفظية، لأنني لا أدري الجهات التي يستثمر فيها البنك هذه الأموال. فالبنك يقرض جهات عديدة، فمثلا يقوم بإقراض الأموال المودعة لديه بفائدة 10 بالمائة ويعطي العميل أو صاحب الأموال المودعة نسبة منها، فهنا تحدث عملية اقتسام للربا. وفيما يتعلق بفتوى شيخ الأزهر بتحريم العمليات الاستشهادية ضد المدنيين فى إسرائيل، يقول الدكتور دسوقى: إن هذه العمليات ضد العسكريين والمدنيين فى إسرائيل كلها جهاد في سبيل الله، لأن إسرائيل دولة قامت على احتلال أراضي الغير بالقوة وتشريد أهلها منها، والذين يخاطرون بأنفسهم من أجل استرداد أرضهم وحقوقهم المسلوبة، هم مجاهدون في سبيل الله وشهداء، والذي يقول بغير ذلك يريد للباطل أن يستأسد وتكون له الكلمة العليا، ويريد لأهل الحق أن يفرِّطوا في حقهم ويتنازلوا عن الجهاد بالنفس والمال. فالمحتلون للأراضي الفلسطينية في الحقيقة هم المدنيون الذين يقيمون على هذه الأرض ويعلمون أنها ليست لهم والجيش يحميهم. فضلا عن ذلك فإن جيش الاحتلال لا يفرق بين مقاتل أو مدني فلسطيني فهم يقتلون الأطفال والشيوخ والنساء. أما فيما يتعلق بفتوى شيخ الأزهر، التي أجاز فيها تولي المرأة رئاسة الدولة قال الدكتور دسوقي: أنه يجوز أن تتولى المرأة رئاسة الدولة طالما توافرت لها الكفاءة لتولي هذا المنصب والقدرة على القيام بأعبائه.

وعلى العكس من ذلك يرى الدكتور عبد الفتاح إدريس، رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر والخبير الفقهي بمجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة، عدم جواز ذلك شرعا لأن هذا المنصب من الولايات العامة التي لا تجوز للمرأة أن تتولاها في الشريعة الإسلامية. أما فيما يخص فتوى عدم فرضية الحجاب على المرأة المسلمة في البلاد غير الإسلامية وضرورة انصياع المرأة المسلمة لقوانين تلك البلاد فيرى الدكتور إدريس أن الحجاب فرض على المرأة المسلمة كالصلاة والزكاة والصوم، مصداقا لقول الله تعالى «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين..». ولا يجوز للمرأة أن تخلع الحجاب فى أي بلد لأنه فرض ديني عليها.