مسجد الملك عبد الله بن عبد العزيز في توزلا: دوح للتربية والثقافة ورعاية النشء

مفتي توزلا لـ «الشرق الأوسط» : المسجد ساعدنا كثيرا في أدء مهمتنا كمربين

مسجد الملك عبد الله بن عبد العزيز في توزلا («الشرق الأوسط»)
TT

لم تعرف توزلا (120 كيلومترا شمال سراييفو) في تاريخها أجمل ولا أرحب من مسجد الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تم افتتاحه في سنة 2001 أثناء زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ورئيس الهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة والهرسك، للبوسنة لافتتاح عدد من المشاريع الإنمائية بالبلاد. ومنذ ذلك الحين والمعلم الثقافي الفريد المقام على مساحة 780 مترا مربعا ويتسع لأكثر من 4 آلاف مصل، يقوم بدور تنويري كبير، كما تأتي أهميته إلى جانب الدور المحوري في الحياة الروحية للمسلمين، كونه وسط كتلة بشرية ضخمة يصل تعدادها إلى أكثر من 800 ألف نسمة، وهو رقم يزيد عن عديد سكان جمهورية الجبل الأسود (700 ألف نسمة). وإلى جانب إقامة صلاة التراويح والعيدين والجمعة والصلوات الخمس في راحة تامة، يقوم المسجد الذي تديره المشيخة الاسلامية في البوسنة برعاية مئات الأطفال الذي يتلقون المبادئ الساسية للاسلام داخل المسجد، إلى جانب تعلم كتابة الحرف العربي وقراءة القرآن قراءة صحيحة وفق مخارج الحروف، وكذلك حفظ القرآن والحديث النبوي. ويمتلئ المسجد بالأطفال الراغبين في حفظ القرآن، فإلى جانب الأطفال الذين هم في سن الروضة، يؤم أطفال المدارس يومي السبت والاحد وفي العطل الرسمية المسجد لتعلم شؤون دينهم وحفظ القرآن والاستزادة من مناهل المعرفة الحقة التي ترفع أقواما وتترك آخرين، على حد قول مفتي توزلا الشيخ حسين كفازوفيتش. وقد أشار المفتي في لقائه مع «الشرق الأوسط» إلى أن «المسجد ملأ فراغا كبيرا كان يسود المنطقة، حيث لا يوجد أي مسجد آخر مماثل له في سعته وكانت حركة بناء المساجد داخل المدن قد توقفت بضغوط من السلطات التي سيطرت على البوسنة بعد خروج العثمانيين من منطقة البلقان.. وفي السنوات التي حكم فيها الشيوعيون كانت توزلا لديهم بمثابة موسكو الصغرى» وعن عملية الاحياء التي تقوم بها المشيخة الاسلامية أشار المفتي إلى أن «نشاطات المشيخة تتعلق بالاشراف على المساجد وتوفير الكوادر من خلال العناية بالنشء سواء عن طريق التعليم الأكاديمي الذي تمهد له المدرسة الثانوية الاسلامية في توزلا أو الطرق التقليدية وهي التعليم والتثقيف عبر المساجد ولا سيما أطفال المدارس الابتدائية، وفي هذا الاطار يؤدي مسجد الملك عبد الله دورا كبيرا في هذا المجال فهو ساعدنا كثيرا في أدء مهمتنا كمربين». ومما لا شك فيه أن الاهداف التي وضعت للمسجد قد تحققت أو تحقق الكثير منها، فهو إلى جانب كونه دارا من دور العبادة وملتقى للمسلمين وإقامة الصلاة، قد حقق الاهداف الأخرى، وهي تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه وتجويده، وهذا حاصل. وكذلك نشر العلم والثقافة من خلال الدروس والمحاضرات التي تشرف عليها المشيخة الاسلامية وهذا يتم داخل المسجد وإن لم يكن بالوتيرة المطلوبة. والهدف الثالث، وهو الاستفادة منه في شهر رمضان في الافطارات الجماعية، وهذا قد تم تحقيقه وأصبخ تقليدا موسميا في شهر الخير من كل عام. وبالمسجد مصلى خاص بالنساء، ويحتوي على 40 ميضأة للجنسين وهما منفصلتان. وتحيط بالمسجد حديقة خاصة تعد ضمن حرم المسجد، بينما تمتد المسحات الخضراء العامة بين جنباته، فيبدو كجوهرة ثمينة وسط مهرجان كوني للذكر والتسبيح وحياة الفطرة. ومسجد الملك عبد الله بن عبد العزيز في توزلا ليس من تلك المساجد التي لا تفتح إلا عند التصوير في المناسبات الدينية، فهو مفتوح للمسلمين على مدار العام وتؤدى فيه الصلوت الخمس بانتظام، رغم كونه تحفة فنية روعي في بنائها الطابع العثماني السائد في البلقان مع سمات واضحة من فن المعمار الحديث. وإلى جانب كل ذلك أقيم المسجد في مكان استراتيجي في منطقة استوبيا، وسط المدينة على مقربة من فندق توزلا وهو من فئة 5 نجوم، كما يتماس مع 4 شوارع منها استوبيني وتوبلي 2. وتشبه منارتاه المرتفعتان في سماء المدينة كيدين مبسوطتين في الهواء ورافعتين إصبعي الشهادة في شموخ. وتتوسط المنارتين قبة مطلية بالنحاس الأحمر تعكس ضوء الشمس في النهار كما لو أنها جزء من المسجد، وتعكس ضوء القمر في ليالي الصيف كما لو أن القمر قد حط رحاله بين ذراعين ممدوتين إلى السماء وإصبعي الشهادة يرنوان إلى أفق قدسي تراه القلوب وتخر له العقول وتشخص له الأبصار.