علماء أزهريون: الأعياد فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية والإنسانية بين المسلمين

حملات أطلقتها جمعيات خيرية تدعو إلى تحقيق المقاصد الاجتماعية والإنسانية للأعياد في الإسلام

أفغانيان يهنئان بعضهما بعضا بمناسبة عيد الأضحى المبارك أمس (أ.ب)
TT

دعا علماء أزهريون إلى فقه المعاني والمقاصد النبيلة التي شرعت من أجلها الأعياد في الإسلام لتعزيز الروابط الاجتماعية والإنسانية بين المسلمين والتذكر بأنهم أمة واحدة. وشدد العلماء على أن أهم المقاصد العظيمة التي شرعت لأجلها الأعياد في الإسلام، تعميق التلاحم والتكافل بين أفراد الأمة الواحدة، وتوثيق عرى الإخوة الدينية والإنسانية بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، داعين إلى ضرورة استثمار تلك المعاني في إظهار قيم ومبادئ الإخوة الإيمانية التي جاء بها الإسلام. وتأكيدا لتلك الدعوات فقد اتخذت احتفالات المصريين بعيد الأضحى هذا العام بعدا إنسانيا من خلال الحملات التي أطلقتها العديد من الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني بمساندة المؤسسة الدينية الرسمية، وذلك بتكثيف الحملات الإعلانية في مختلف وسائل الإعلام، وفي المساجد مدعومة بفتاوى لنخبة من كبار علماء الأزهر والتي تدعو لتحقيق المقاصد الاجتماعية والإنسانية للأعياد في الإسلام. وفى هذا الإطار لاقت الحملة التي أطلقتها لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب بالقاهرة تحت شعار «غزة أولى بالأضحية» للتبرع بثمن الأضحية كي تذبح وتوزع في غزة أو لتذبح في مصر وتنقل إلى غزة، ترحيبا من علماء الأزهر وعلى رأسهم مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة ومفتي مصر الأسبق الدكتور نصر فريد واصل. واستعانت لجنة الإغاثة والطوارئ بفتوى الدكتور جمعة، حيث قامت بطبعها على هيئة ملصقات متضمنة نص الفتوى وتعليقها في المساجد والمصالح الحكومية والمكاتب والشركات والشوارع.

من جانبه، أفتى الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية بجواز نقل الأضاحي والتبرع بثمن الأضحية لأهل غزة عن طريق الجمعيات الخيرية التي تتولى جمع التبرعات وشراء لحوم الأضاحي وذبحها وتوصيلها لأهل غزة. وأكد المفتي أن ذلك العمل يسقط شعيرة الذبح عن المتبرع ويعتبر ثوابه مضاعفاً ودليلاً على التعاون بين المسلمين علي البر والتقوى، داعيا الأفراد خاصة الأثرياء الذين يقصدون ذبح الأضاحي التوجه بأثمانها إلى تلك الجمعيات الخيرية والمؤسسات الموثوق فيها من دون خوف أو تردد، مؤكدا ان ذلك يعد خطوة من خطوات الوحدة الإسلامية والشعور المتبادل في الأزمات والكوارث.

وقال إن الوضع السيئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يؤكد أن ذبح الأضاحي هناك «أولى من ذبحها بمصر»، وإنه يجوز للمضحي في مصر دفع ثمن أضحيته للهيئات الإغاثة لتقوم هي بشرائها وذبحها نيابة عنه في غزة. من جانبه، يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: من مقاصد العيد الأساسية التي يجب على المسلمين العمل بها تقوية الروابط الإنسانية والاجتماعية والأسرية فضلا عن التذكير بحق الضعفاء والعاجزين علينا، ومواساة أهل الفاقة والمحتاجين، وإغنائهم عن ذل السؤال في هذه الأيام المباركة، حتى تعم الفرحةُ كلَّ بيتٍ، ومن أجل ذلك شُرِعت الأضحية وصدقة الفطر. وأضاف الشيخ عاشور إن العيد فرصة لتتصافى النفوس، وتتآلف القلوب، وتتصافح الأيدي وتتوطد عرى المحبة والصلات بين المسلمين، فتوصل الأرحام بعد القطيعة، ويجتمع الأصدقاء والأحباب على مائدة المحبة والتراحم، وتتصافح الأفئدة والقلوب قبل الأيدي. وعن رأيه في مدى مشروعية التبرع بثمن بعض الأضاحي وشرائها لتذبح ويطعم بها أهل غزة المحاصرين، قال الشيخ عاشور: هذا جائز شرعا سواء لأهل غزة أو لغيرهم من المسلمين الذين يعانون من الفقر في شتى بلدان العالم بشرط أن يقوم المتبرعون على كفاية أهل بلدانهم أولا ثم ما يفيض بعد ذلك يتم إرساله إلى أي بلد آخر تحقيقا لفريضة التكافل والتراحم بين المسلمين التي أمرنا بها الإسلام.

من جانبه، قال الدكتور عمر مختار القاضي الأستاذ في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: لقد جعل الإسلام الاحتفال بالعيد مرتبطا بمعان ذات قيمة في حياة المسلمين، ومتعلقا بعبادة ترفع من شأن الإنسان، وبالتالي يعد العيد مظهرًا لتحقيق المودة والرحمة وتعميق الروابط الإنسانية، مؤكدا أهمية تطبيق الحكمة التي شرعت من أجلها الأعياد عمليا. وأضاف الدكتور القاضي: إن الدعوة بالتبرع بثمن بعض الأضحيات لأهل غزة الذين يعانون من الحصار الإسرائيلي الخانق وغيرهم من المسلمين الذين يعيشون في البلاد المنكوبة أمر جائز بل واجب شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».