خطيب المسجد الأقصى: الاحتلال الإسرائيلي استغل انشغال العالم بأحداث غزة لتكثيف إجراءات تهويد القدس

عكرمة صبري لـ «الشرق الأوسط» : مساندة الفلسطينيين المحاصرين في غزة واجب شرعي

TT

أكد الشيخ الدكتور عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى ورئيس هيئة علماء المسلمين في فلسطين أن مساندة العالم الإسلامي للفلسطينيين المحاصرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واجب شرعي على كل مسلم، سواء كان حاكماً أو محكوماً، مطالبًا العالَمَيْن العربي والإسلامي بالتكاتف والوقوف صفًّا واحدًا ضد محاولات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى المساس بحرمة المسجد الأقصى. داعيًا المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي أن تضع مدينة القدس وتاريخها العربي والإسلامي ضمن مقرراتها الدراسية، لتظل هذه القضية حية في وجدان الأجيال القادمة. وحذر الشيخ صبري، في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في المؤتمر الذي نظمته الرابطة العالمية لخريجي الأزهر في القاهرة تحت شعار (الأزهر والغرب.. حوار وتواصل) أخيراً، من خطورة انشغال العالمين العربي والإسلامي إزاء ما يرتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية في قطاع غزة، ومما تتخذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات خطيرة، تستهدف استكمال تهويد مدينة القدس بأكملها.

> في اعتقادكم.. ماذا يهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي من وراء استمراره في ارتكابه المجازر البشرية وعدوانه الوحشي في قطاع غزة رغم ضخامة حجم التنديد والإدانة الدولية؟. ـ الهدف واضح، هو تركيع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته، لكن هذا لن يحدث مطلقاً، لأن الفلسطينيين لم ولن يتخلوا عن حقهم في تحرير أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس، وهذه الأعمال اللاإنسانية والمجازر الوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وهو لا يعبأ بالمناشدات الدولية، سوف تزيدهم إصراراً وصموداً في مقاومة العدوان، وفي التمسك بحقهم وعدم التفريط فيه، فقد يكون من السهل أن يوهم قادة إسرائيل أنفسهم بأنهم قد حققوا مكاسب سياسية أمامهم شعبهم في عدوانهم البشع على غزة، لكنهم أيقظوا في كل شعبنا الفلسطيني روح المقاومة والتمسك بالحق، مهما كانت فداحة الثمن الذي دفعوه وسيدفعونه في سبيل استرداد حقوقهم المسلوبة.

> لا شك أن ما يجري بين الفصائل الفلسطينية من خلافات كان له تأثيره على مصير القضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال، فما رؤيتكم لهذا الموقف الفلسطيني المتأزم إزاء الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال في الأراضي المحتلة؟.

ـ الصراع بين فتح وحماس يعد كارثة أضرت بالقضية الفلسطينية، وقدمت للاحتلال هدية لم يحلم بها، وللأسف فإن الصراعات الدائرة بين فتح وحماس أدت إلى شق الصف الفلسطيني، ولكن في وقت الأزمات.. الجميع يقف صفًّا واحدًا، لأن الجميع لديه هدف واحد معلن، وهو العمل على تحرير الأراضي المحتلة، وكل يعمل حسب طريقته، وبالتالي فإنني أناشد الجميع توحيد جهودهم في المقاومة تجاه العدو المحتل الذي يرتكب أبشع الجرائم الإنسانية تحت بصر وسمع العالم، سواء فيما يفرضه من حصار قاتل على الفلسطينيين في غزة أو ما يقوم به من عمليات قتل وسفك للدماء ليل نهار.

ونحن نطالب العالم الإسلامي والعربي بتحمل مسؤولياته تجاه إخوانهم، والعمل على تخفيف العبء عنهم، والتضامن معهم فيما يعانونه من حصار في قطاع غزة، فإن مساندة العالم الإسلامي للفلسطينيين المحاصرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة واجب شرعي على كل مسلم، سواء كان حاكما أو محكوما.

> ماذا عن الوضع الآن في القدس، خاصة أن هناك تهديدات باقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على حرمته؟.

ـ نعم الخطر قائم، بل مستحكم الآن، خاصة فيما يتعلق بالسياسات التي ينفذها الاحتلال لتهويد القدس بالكامل أو للاعتداء على حرمة المسجد الأقصى والسعي لإزالته من الوجود نهائياً، والإسرائيليون يعملون على إلهاء الناس في خضم الأحداث، ويحاولون تنفيذ مآربهم ومخططاتهم، ولاشك أن انشغال العالمين العربي والإسلامي بما يرتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي من أعمال عدوانية في قطاع غزة، عما تتخذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات خطيرة، تستهدف استكمال تهويد مدينة القدس بأكملها وانتزاعها من محيطها العربي والإسلامي، لفرض سياسة الأمر الواقع بصدد أي مفاوضات تجري مستقبلا حول وضع هذه المدينة المقدسة، والإسرائيليون لديهم قدرة على استغلال الأحداث بشكل رهيب، فمثلا في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة ولفت الأنظار إلى ما يجري من مجازر بشرية وأعمال عدوانية في قطاع غزة، في المقابل نجد أن هناك إجراءات تهويد تجري الآن لمدينة القدس، لا يدري بها العالم العربي والإسلامي.

> ما هي طبيعة تلك الإجراءات؟.

ـ هذه الإجراءات منها ما هو ظاهر على الأرض، ومنها ما هو خفي، لا ندري عنه شيئا، فالظاهر لنا مثلا عدم إعطاء سلطات الاحتلال تراخيص بناء للعرب، ثم هدم عشرات المنازل الخاصة بالعرب، بحجة أنها بنيت بدون ترخيص، أيضاً فرض قيود وتكلفة باهظة لمن يريد الحصول على هذه التراخيص، بالإضافة إلى قيام سلطات الاحتلال بسحب هوايات المقدسيين العرب من الذين يسكنون خارج القدس، وإحكام الحصار حول المدينة من خلال بناء الجدار العازل وتحديد أعمار الذين يريدون دخول القدس والمسجد الأقصى من الفلسطينيين بأربعين سنة، أما الإجراءات الأخرى التي تتم في الخفاء، وهي الأخطر، منها مثلا ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من عمليات حفر للأنفاق أسفل المسجد، والتهديدات باقتحامه أو هدمه، وهذا بات حقيقة واقعة، فالمسجد الأقصى الآن في خطر بالغ، حتى إن الجميع في القدس يخشون أن يستيقظوا يوماً ليجدوا الأقصى متهدما، بفعل الممارسات العدوانية والخداع واللجوء إلى الحيل للتمويه.. فيجب ألا ينخدع المسلمون في العالم بالأخبار التي ينشرها الإعلام الإسرائيلي عن قيام الشرطة الإسرائيلية المكلفة بحماية المسجد الأقصى بالقبض على خلية تضم متطرفين إسرائيليين خططوا لاقتحام الأقصى، فالحقيقة أن سلطات الأمن الإسرائيلية لديها خطط جاهزة لاقتحام الأقصى، فهم يحاولون تنفيذ مآربهم تدريجياً خطوة بخطوة، وأبرز مثال على ذلك.. الشروع في بناء كُنَيِّس يهودي أسفل المسجد الأقصى.

> ما تعليقك على الاتهامات التي ترددها حكومة إسرائيل بأن المقاومة في فلسطين إرهاب ويجب القضاء عليها بقوة حتى يتحقق السلام؟.

> لا شك أن كل الشعوب المعتدى عليها لها حق المقاومة والدفاع عن نفسها بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وهذا حق مشروع كفلته كل الشرائع السماوية والوضعية، والعدوان الإسرائيلي يتبع طريقة الأرض المحروقة، وهو يعد من أبشع أنواع العدوان والإرهاب الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، فالذي يريد السلام لا يتبع مثل هذه الإجراءات العدوانية التي تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية، فالعالم كله شاهد على مجازر إسرائيل في غزة، فالجيش الإسرائيلي يخوض معركة تفتقد للشرف الإنساني، وسيظل هذا العدوان وصمة عار في جبين إسرائيل.