وزير الأوقاف الأردني: على المؤسسات الدعوية التسلح بخطط وبرامج حديثة تلائم إيقاع العصر

عبد الفتاح صلاح لـ«الشرق الأوسط»: الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية يكسر الحلقة المفرغة بين الإسلام والعروبة

TT

أكد عبد الفتاح صلاح، وزير الأوقاف وشؤون المقدسات في الأردن، أهمية تبنى مؤسسات الدعوة في العالم الإسلامي لخطط وبرامج حديثة لإعداد الدعاة والأئمة وتدريبهم على فنون الدعوة لتمكينهم من مواجهة الشبهات التي تثار حول الإسلام، لافتا إلى أهمية التكوين الفكري والمعرفي للداعية الإسلامي بعصر العولمة، وتزويده بالمعلومات العصرية والثقافات المختلف. وقال صلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته أخيرا للقاهرة للمشاركة في اجتماعات الهيئة التأسيسية للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة: يجب أن تركز برامج إعداد الدعاة وتأهيلهم على مهمة الدعاة في مواجهة التحديات الداخلية والتوعية بخطورة التطرف الفكري لدى بعض الشباب، مؤكدا أن احتكار بعض الجماعات الدينية لتفسير بعض النصوص الشرعية حسب أهوائها وتطويعها لخدمة أغراض معينة يمثل خطراً كبيراً على خطط التنمية والاستقرار في مجتمعاتنا الإسلامية يجب التصدي له بإعداد حملات للتوعية الدينية وتحصين الشباب ضد الانغلاق والتطرف الفكري. كما تطرق وزير الأوقاف الأردني في حديثه إلى عدد من القضايا المثارة على الساحة الآن مثل قضية حوار الأديان والحضارات، وما تتعرض له مدينة القدس من مخططات إسرائيلية لاستلابها من محيطها العربي والإسلامي، مؤكدا أن هناك عدة احتفالات ستقام بمناسبة الاحتفال بالقدس كعاصمة للثقافة العربية عام 2009.

* تتابع عن قرب ما تتعرض له مدينة القدس من مخططات إسرائيلية لاستلابها من محيطها العربي والإسلامي، من وجهة نظرك، ما هو الدور العربي والإسلامي الذي يجب القيام به في مواجهة هذه المخططات؟

ـ نعم القدس مدينة عزيزة على الجميع، وبالتالي فإن المحافظة عليها تمثل جزءاً من عقيدة المسلم، ونحن لا نريد الإسهاب في الحديث عن عروبة القدس وقدسيتها لدى المسلمين لأن ذلك ثابت بأدلة قطعية تدحض أية أقوال أخرى، والمهم أن يتكاتف الجميع في الحفاظ على الطابع العربي والتاريخي والإسلامي لتلك المدينة المقدسة، أيضا يجب الاهتمام بالقدس في برامج التعليم في العالم الإسلامي لتظل القدس في وجدان المسلمين إلى يوم القيامة، فضلا عن تنظيم المؤتمرات والملتقيات والمعارض التي تحتفي بتلك المدينة الغالية علينا جميعا، وتكسر في الوقت نفسه الحلقة المفرغة بين الإسلام والعروبة، فمثلا تم في المملكة الأردنية الهاشمية تشكيل لجنة عليا لتنظيم عدة احتفالات بالقدس كعاصمة للثقافة العربية عام 2009.

*حدثنا عن الدور الذي تقوم به وزارة الأوقاف الأردنية من خلال لجنة إعمار المقدسات والمهمة المسندة إلى الوزارة بالإشراف على إعمار المسجد الأقصى المبارك؟

ـ وزارة الأوقاف الأردنية تأخذ على عاتقها مهمة رعاية المقدسات الإسلامية في القدس كجزء من رسالتها، فمثلا نجد أن الوزارة أشرفت على ثلاث عمليات للإعمار تمت للمقدسات الإسلامية في القدس بداية من عام 1924 حيث كان الإعمار الأول في عهد الشريف حسين، وفي عام 1964 كان الإعمار الثاني وبدأ في عهد الملك حسين رحمه الله، وهذا الإعمار ظل متواصلا وشمل كل أعمال الرعاية وأعمال الصيانة للمقدسات الإسلامية في القدس وتعيين الموظفين والإداريين والحراس للمسجد الأقصى. تكلفة هذه الأعمال تتحملها وزارة الأوقاف الأردنية، وبدأ الإعمار الثالث عام 1994 وشمل إعادة طلاء قبة الصخرة المشرفة، وتكلفت عملية الإعمار تلك حوالي عشرة ملايين دولار، وهي ثمن لبيت باعه الملك حسين كان قد ورثه عن جده في لندن واستمر هذا الإعمار حتى اليوم، وشمل أيضا صيانة كل شيء بما فيها صيانة الآبار الموجودة في الساحات، وتوجت هذه الأعمال بإعادة بناء منبر صلاح الدين، وإعادة صنعه من جديد وليس مجرد ترميمه، كما تبرع الملك عبد الله بن الحسين بتكاليف صنع سجاد من نوع خاص لمسجد قبة الصخرة على نفقته الخاصة، بالإضافة إلى الدعم المتواصل الذي توليه الوزارة لدعم المدارس الشرعية الموجودة في القدس وتحملها دفع رواتب المدرسين والعاملين في هذه المؤسسات من خزينة المملكة.

* لكن ما هو الدور الذي تقوم به الوزارة في مواجهة ما تتعرض له المقدسات الإسلامية؛ وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك من أعمال من شأنها الإضرار بتلك المقدسات كأعمال الحفر التي تجريها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أسفل المسجد الأقصى؟

ـ نحن نتابعُ هذا الأمر من خلال جهاز التنسيق الموجود بمدينة القدس، وهناك أعمال حفر لكن لا نعرف ما هو حجمها، وعندما تم إجراء أعمال حفر عند باب المغاربة واستطعنا إثباتها تمكنا من العمل على إيقافها.

* ما هي طبيعة الدور الدعوي الذي تقوم به وزارة الأوقاف الأردنية في مواجهة التحديات الراهنة، خاصة في مجال التوعية؟

ـ لدينا في هذا المجال عدة برامج كلها تركز على العمل على نشر التوعية الدينية الصحيحة وكيفية توظيف تعاليم الدين لخدمة المجتمع والتنمية ومحاربة التطرف والانغلاق، لأن الفهم الخاطئ للإسلام من أخطر التحديات التي تواجه أمتنا الإسلامية، خاصة أن هذا الفهم المغلوط يشيع لدى الشباب أكثر من غيرهم، ومعروفٌ عن الشباب أنهم حاضر ومستقبل هذه الأمة، وبالتالي فإنني أدعُو مؤسسات الدعوة في العالم الإسلامي لتبني برامج حديثة لإعداد الدعاة والأئمة، وتدريبهم على فنون هذا المجال، فيجب أن تركز هذه البرامج على مهمة الدعاة في مواجهة التحديات الداخلية والتوعية بخطورة التطرف الفكري لدى بعض الشباب والتوعية بخطورة احتكار بعض الجماعات الدينية لتفسير بعض النصوص الشرعية حسب أهوائها وتطويعها لخدمة أغراض معينة، وهذا يمثل خطرا كبيرا على خطط التنمية والاستقرار في مجتمعاتنا الإسلامية يجب التصدي له بإعداد حملات للتوعية الدينية وتحصين الشباب ضد الانغلاق والتطرف الفكري.

* موضوع الحوار بين أتباع الأديان والحضارات من أهم الموضوعات المطروحة على الساحة الآن، خاصة أن الدعوة للحوار تأتي في وقت انتشرت فيه دعاوى الصدام بين الحضارات والهجوم على الإسلام وحضارته.. كيف ترى شكل الحوار بين الأديان وجدواه؟

ـ نعم الحوار قيمة حضارية بالغة الأهمية في حياة الأمم والشعوب. وديننا الإسلامي أمرنا بالحوار مع الآخر بغرض التعارف والتعايش.