عضو المجلس الإسلامي بهولندا: مراعاة الخصوصيات الثقافية شرط للحوار بين الغرب والمسلمين

د.أرسلان قرجل لـ «الشرق الأوسط» : بعض الهولنديين يقولون «نسمع عن الإسلام شيئا ونرى من المسلمين شيئا آخر»

د. أرسلان قرجل
TT

أكد الدكتور أرسلان قرجل عضو المجلس الإسلامي الهولندي وأستاذ التعليم الإسلامي بالجامعة الحرة في أمستردام، أن الخوف من الإسلام مازال موجودا في هولندا وبلدان أوروبية أخرى. وقال إنه لا بد من مراعاة الخصوصيات الثقافية والدينية للحوار بين الغرب والعالم الإسلامي.

وقال «قرجل» إن الخلط بين تعاليم الإسلام والعادات والتقاليد التي لا علاقة لها بالإسلام، أدى إلى فهم مغلوط لحقيقة الإسلام في أوروبا، وبالتالي تعددت أنواع الإساءة إلى الإسلام، لافتا إلى أهمية تواصل الحوار الحضاري والثقافي بين العالم الإسلامي والغرب لأجل بناء نظام عالمي إنساني، يؤكد جوانب الاتفاق ويحترم الاختلافات والخصوصيات الدينية والثقافية.

كما تطرق الدكتور قرجل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، خلال زيارته للقاهرة مؤخرا، إلى بعض القضايا التي تتعلق بالوجود الإسلامي في أوربا، وفي ما يلي نص الحوار:

> بداية نريد منكم إعطاء فكرة موجزة عن الوجود الإسلامي في هولندا؟

ـ المسلمون في هولندا يبلغ تعدادهم حوالي مليون نسمة تقريبا، جاءوا من بلدان مختلفة، ويمثلون حوالي 15 جنسية، وهم يتمتعون بحقوق المواطنة، حيث يسمح لهم بإقامة شعائرهم الدينية بحرية، وكذلك تكوين الجمعيات الإسلامية والمؤسسات الخيرية والدعوية التي تخدم المسلمين في هولندا.. وقد أسَّس المسلمون أيضا المجلس الإسلامي الهولندي الذي تم الاعتراف به مؤخرا من قبل الحكومة الهولندية، والذي يعد همزة الوصل بين المسلمين والسلطات. هذا فضلا عن أن المجلس يقوم على رعاية المسلمين في هولندا. كما أنه يوجد حوالي 500 مسجد يقيم فيه المسلمون عباداتهم وشعائرهم الدينية. ولا يواجه المسلمون مشكلة فيما يتعلق بالحرية الدينية، لأن هولندا ـ مع كونها دولة علمانية ـ تعترف بحرية الأديان.. لذلك تسمح للمسلمين العاملين في الجهاز الحكومي بالحصول على إجازة في المناسبات الدينية كعيدي الفطر والأضحى. وتسمح لنا الحكومة الهولندية بإرسال الأئمة والدعاة للمسلمين المحبوسين في السجون الهولندية وكذلك المرضى في المستشفيات، بل سمحوا لنا بإقامة مساجد في السجون والمستشفيات.. ويوجد أيضا أربعة أعضاء في البرلمان الهولندي من المسلمين.

> رغم ما يتمتع به المسلمون من حريات معترف بها من قبل الحكومة الهولندية، فإن الواقع يؤكد تعرض المسلمين للتمييز والتضييق، خاصة فيما يتعلق بحقوق المواطنة، مثل منع النساء العاملات في الجهاز الحكومي من ارتداء الحجاب، وغير ذلك، فما تعليقكم؟

ـ وزارة العدل في هولندا فقط هي التي تحظر على المسلمات ارتداء الحجاب. كذلك فإن هولندا، كما قلت، دولة علمانية لكنها تعترف بحرية ممارسة الشعائر الدينية، وهى تسمح للمسلمين بممارسة هذه الشعائر، وإن كانت لا تعترف بالإسلام اعترافا رسميا.

> هناك ظاهرة تسود معظم البلدان الأوروبية ومن ضمنها هولندا، وهي تعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، أي الخوف من الإسلام.. في رأيكم، ما هي أسباب انتشار هذه الظاهرة، وكيف يمكن التغلب عليها؟

ـ أعتقد أن السبب الأساسي لوجود هذه الظاهرة «الإسلاموفوبيا» يرجع إلى الخلط بين تعاليم الإسلام والعادات والتقاليد التي لا علاقة لها بالإسلام من قبل الأوروبيين.. وهم يظنون أنها الإسلام، فضلا عن وقوع بعض السلبيات من بعض المسلمين، خاصة ارتكاب بعض الجهلاء منهم، الذين لا يعلمون عن حقيقة الإسلام شيئا، جرائم إرهابية.. ويتعمد الإعلام تصوير تلك الجرائم على أساس أن الدافع من ورائها هو «تعاليم الإسلام». وهذا بالطبع أدى إلى إثارة الشبهات ضد الإسلام، وإلى فهم مغلوط لحقيقة الإسلام في أوروبا ولدى كثير من غير المسلمين.. وبالتالي، وللتغلب على هذه الظاهرة، لا بد من توجيه حملات إعلامية للتوعية، وإقامة حوارات عبر وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والتعليمية في أوروبا للتعريف بالإسلام الصحيح، ودحض الكثير من الشبهات والأكاذيب التي يتم إلصاقها بالإسلام. كما أنه يجب تواصل الحوار الحضاري والثقافي بين العالم الإسلامي والغرب لأجل بناء نظام عالمي إنساني يؤكد جوانب الاتفاق ويحترم الاختلافات والخصوصيات الدينية والثقافية أكثر من تأكيده على جوانب الاختلاف.. أيضا لا بد للحوار الحضاري أن يولي الاحترام الواجب لما بين الحضارات من اختلافات في نفس الوقت الذي تُبنى فيه على الجوهر الأخلاقي المشترك، والذي يمثل الجانب الأهم والأوفر في بنية الحضارة الإنسانية.

> لكن ما هي المواقف التي تأتي كرد فعل لوجود ظاهرة «الإسلاموفوبيا» ضد المسلمين في هولندا؟

ـ عموما هذه الظاهرة موجودة في هولندا، لكننا نحاول أن نقدم للهولنديين المثال والنموذج الطيب الذي يغير هذه الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين، حتى أن بعضهم يقول لنا إننا نسمع عن الإسلام شيئا ونرى من المسلمين شيئا آخر.