جدل في أوساط علماء الدين المسلمين في الهند حول اعتناق الهندوس للإسلام

بهدف الالتفاف على القوانين والتمكن من الزواج مرة أخرى

فايزة وزوجها تشاند محمد.. وجدل في الهند بسبب زواجهما بعد اعتناقهما الاسلام («الشرق الأوسط»)
TT

يدور جدل في أوساط رجال الدين المسلمين في الهند حول مسألة اعتناق غير المسلمين للإسلام، بهدف الالتفاف على القوانين والتمكن من الزواج مرة أخرى. وقد قرر الكثير من السلطات الدينية المسلمة إصدار توجيهات إلى رجال الدين بعدم إجازة أي زواج يكون أحد أطرافه شخصاً تحول حديثاً إلى الإسلام، في محاولة لوقف عمليات الدخول في الإسلام كذريعة لتبرير تعدد الزوجات. وجاءت تلك الخطوة في أعقاب زواج اثنين من الهندوس دخلا الإسلام حديثاً وحظي زواجهما باهتمام كبير، وهما تشاندر موهان، 43 عاماً، والذي بدل اسمه إلى تشاند محمد، وأنورادها بالي، 37 عاماً، التي أصبح اسمها الآن فايزة بارفين. كان الاثنان قد تحولا سراً إلى الإسلام وعقد قرانهما طبقاً للتقاليد المسلمة أحد الشيوخ المسلمين أخيرا. ودفع تشاند موهان 500.000 روبية (دولار أميركي = 49 روبية) كمهر لعروسه فايزة من أجل التغلب على القوانين الهندوسية التي تمنع تعدد الزوجات؛ نظراً لأنه كان متزوجا بالفعل. كان الاثنان قد اعترفا بحبهما لبعضهما بعضا وتعاهدا على البقاء معاً حتى آخر العمر. وظلت قصة حبهما مستمرة على امتداد السنوات الخمس الماضية قبل أن يتزوجا رسمياً كمسلمين جدد. إلا أنه في غضون شهرين من التحول إلى الإسلام، تردت العلاقة بينهما، وعاد الزوج إلى زوجته الأولى وقطع علاقته بعروسه الجديدة. لكن فايزة تعهدت بعدم التخلي عن دينها الجديد، الإسلام، وتدرس توجيه اتهامات جنائية بالاغتصاب إلى زوجها الذي لم تسمع عنه شيئاً منذ أن تركها. بل وأقدمت فايزة على الانتحار عندما تركها تشاند دون أن تدري حقيقة وضعها الاجتماعي. من ناحيتها، نددت دار العلوم ديوباند، إحدى المؤسسات الدينية الهندية البارزة التي تجتذب آلاف الطلاب من مختلف أرجاء الهند ودول أخرى، بعمليات التحول إلى الإسلام بهدف الزواج مجدداً. وأكد إحسان هاشمي، أحد كبار علماء المسلمين والفقيه بأمور الحديث، أن: «اعتناق الإسلام بهدف الحصول على زوجة ثانية أمر منافٍ للإسلام وخطأ وغير مبرر. إن الدخول في الإسلام لمجرد الزواج للمرة الثانية لا يعدو كونه تدنيساً لقدسية الدين. ولن يُسمح بعد الآن بمثل هذه الزيجات». وفيما يتعلق بقضية تشاند وفايزة واعتناقهما الإسلام، قال رجل الدين: «رغم أنه (تشاند) أصبح مسلماً، فإن مجمل الأحداث اتخذت مساراً بعث برسالة خاطئة عن الدين إلى المجتمع. على الناس ألا تستغل الدين لمثل هذه الأغراض». كما أصدرت دار الإفتاء، وهو القسم المعني بإصدار الفتاوى الدينية داخل دار العلوم، فتوى ضد تشاند موهان قالت فيه إن اعتناقه الإسلام كان «عملا حقيرا». ولا تعد مسألة دخول غير مسلمين في الإسلام بهدف الزواج للمرة الثانية بالأمر الجديد، لكنها اجتذبت اهتماماً كبيراً في قضية تشاند وفايزة التي نالت اهتماماً من جانب وسائل الإعلام، مما سبب حرجاً لدى قيادات المجتمع المسلم، الذين خرجوا منددين علانية بهذا التصرف. وعندما أصبحت أنورادها بالي زوجة لتشاندر موهان، خسر الاثنان وظيفتيهما جراء ذلك، وانضمت الزوجة إلى قرابة خمسة ملايين امرأة هندية غير مسلمة متزوجة بالفعل من رجل متزوج. وعلى مر السنوات، وقعت العشرات من حالات التحول إلى الإسلام بهدف ممارسة تعدد الزوجات، حتى بين المشاهير مثل الممثلين والمطربين. ونظراً لأن تعدد الزوجات مسموح به في الهند في ظل قانون الأحوال الشخصية للمسلمين فقط، فإن بالي وموهان أصبحا مجرد أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الأفراد الذين اعتنقوا الإسلام فقط لاستغلال هذا البند وتبديل أسمائهم بأسماء مسلمة، لكن دونما اعتناق حقيقي للإسلام كدين لهم بعد الزواج. وقد أساء الكثير من نجوم بوليوود وعدد من الشخصيات البارزة الأخرى استغلال الإسلام لإضفاء الشرعية على زيجاتهم. إلا أنه في أعقاب الضجة التي أحاطت بزواج تشاند موهان وفايزة، نددت العديد من الجماعات المسلمة في الهند علانية باستخدام الإسلام كأداة للالتفاف على التعقيدات القانونية المرتبطة بالدخول في زواج ثان. ومن بين الحالات الأخرى المشابهة التي وقعت حديثاً زواج أحد الأطباء الهندوس التابعين للجيش الهندي كان يعمل في أفغانستان، الميجور تشاندراشكهار بانت، والذي تحول إلى الإسلام وتزوج سابرا أحمدزاي، وهي مترجمة هندية تعمل بنفس المستشفى الذي يعمل به. بعد عودتهما إلى الهند، تخلى بانت عن سابرا وعاد إلى زوجته الأولى وطلب منها الزواج بشخص آخر لأنه ليس بإمكانه قبولها كزوجة لأنه متزوج ولديه طفلان. ويعمل بانت حالياً بمستشفى في ولاية أوتار براديش الهندية الواقعة بإقليم الهيمالايا.وتخوض سابرا المقيمة حالياً في الهند معركة قضائية ضده. والواضح أن الميجور بانت، الذي تزوج من سابرا في أعقاب اعتناقه الإسلام، استغل الدين الجديد فقط لإرضاء رغباته وترك سابرا في حالة تخبط بشأن ماهية وضعها الاجتماعي بعد عودتها إلى الهند. ويبدو أنه لم يكن لديه أية نية حقيقية لاعتناق الإسلام، وإنما رغب فحسب في التغلب على القيود التي تفرضها قوانين الزواج الهندوسية التي تحظر تعدد الزوجات. من جانبها، أكدت حسينة هاشيا، التي تدرس الجغرافيا النوعية في جامعة ميليا الإسلامية بدلهي، وعضو الهيئة المعنية بقانون الأحوال الشخصية للمسلمين، على أن: «العلماء لهم دور يجب أن يضطلعوا به. فلا يمكنهم التخلي عن واجباتهم. إذا ما حدث تحول إلى الإسلام، ينبغي حينئذ شرح المبادئ الإسلامية». وطبقاً لحكم صدر عن المحكمة العليا الهندية، فإنه حال تحول شخص غير مسلم إلى الإسلام دون حدوث أي تحول حقيقي في معتقداته، وإنما لمجرد الالتفاف على زواج سابق والدخول في زواج جديد، فإن الزواج الثاني يعد باطلا ويخضع هذا الشخص للمحاكمة بتهمة تعدد الزوجات. إلا أن بعض القيادات الدينية أبدت تشككها حيال ملاءمة فرض حظر شامل على الزواج الذي يضم طرفاً من المعتنقين للإسلام حديثاً. على سبيل المثال، تساءل علي حيدر، أحد الأئمة: «كيف يمكننا التمييز بين من يعتنق الإسلام بصدق ويرغب في الزواج تبعاً للقوانين الإسلامية، ومن يتظاهر بالدخول في الإسلام؟ هذا القيد لن يفلح». يذكر أنه طبقاً لقواعد الإسلام، فإن اعتناق الإسلام لأي سبب آخر بخلاف الإيمان بالله والرسول يعد غير مشروع، لكن طبقاً لمصادر داخل الهيئة المعنية بقانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين، فإن الكثير من الأئمة وأهل الفتوى والقضاة لا يتفحصون نوايا المعتنقين حديثاً للإسلام. وأشارت المصادر إلى علمها بحالات قدم فيها المتحولون إلى الإسلام رشاوى للأئمة كي لا يشككوا في صدق اعتناقهم الدين الجديد. يواجه المسلمون دوماً اتهامات باستغلال الإسلام كذريعة لنشر الإرهاب باسم الجهاد، لكن ماذا ينبغي أن يفعل المسلمون عندما يتم استغلال دينهم من قبل أبناء الديانات الأخرى فقط لإشباع رغباتهم الحسية على نحو غير قانوني، لا يقره دينهم ولا الإسلام؟!