علماء أزهريون يختلفون حول فتوى إيقاع الطلاق بدون شهود

* المؤيدون: لا بد من الإشهاد على الطلاق تطبيقا لفتوى الامام علي والصحابة * المعارضون: الطلاق يقع بمجرد التلفظ به ولا يحتاج إلى شهود

TT

اختلف علماء أزهريون حول مشروعية ايقاع الطلاق بدون شهود، حيث ذهب فريق الى انه لا طلاق الا بالاشهاد عليه، واعتبر الاشهاد على الطلاق شرطا مفقودا وان الطلاق لا يقع الا اذا تحققت ستة شروط منها وجود الشاهد، بينما ذهب فريق اخر الى ان الطلاق يقع بمجرد التلفظ به ولا يحتاج الى شهود سواء علم به الناس أو لم يعلموا.

وكان الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالازهر قد اصدر فتوى تؤكد انه لا طلاق الا بالاشهاد عليه واوضح انها فتوى الامام علي بن ابي طالب ـ رضي الله عنه ـ والصحابة ومعمول بها في المذهب الشيعي.

واشارت الفتوى الى انتشار ظاهرة الطلاق بصورة غير عادية اصبحت تهدد كيان الاسرة المسلمة. ونصت الفتوى على انه لا بد ان يجتهد علماء اهل السنة وان يأخذوا من مذهب الزيدية ـ احد المذاهب الشيعية المعتمدة ـ خاصة ان هناك من الادلة المعتمدة ما تؤكد ما ذهب اليه هذا المذهب وهو أنه لا طلاق الا بالاشهاد عليه أو لا بد من الاشهاد على الطلاق بدليل قول الله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم)، والمقصود بالاشهاد هنا الاشهاد على الطلاق كما جاء في كتب التفاسير المتعددة ويؤكد ذلك ما ذهب اليه ابن عباس رضي الله عنه وغيره «لا طلاق ولا عتاق ولا نكاح الا بشاهدي عدل».

ويرى الشيخ جمال قطب امين عام اللجنة العليا للدعوة في الازهر ان الاشهاد على الطلاق شرط مفقود خاصة في هذا الزمان فقد اصبح الطلاق ظاهرة خطيرة تهدد كيان الاسرة المسلمة ومرضاً مستشرياً ينخر في جسد الامة حيث تتشرد الاسرة ويضيع الاطفال.

واوضح الشيخ قطب «اننا عندما نفتي أو نجتهد لا بد من وضع عدة امور في حسباننا اهمها ان مقاصد الشريعة الاسلامية هي تحقيق مصلحة العباد ودفع الفساد عنهم وقضاء المصالح. فهل من المصلحة ان تتشرد الاسرة ويهدم بنيانها بفعل الطلاق الجارف».

وقال انه من الخير للأسرة المسلمة أن نأخذ بفتوى المذهب الشيعي (الزيدية) وهو من المذاهب الشيعية المعتدلة خاصة ان هناك من الادلة المعتمدة. فالاسلام ليس شيعيا فقط أو سنيا فقط ولا احنافا أو شافعيين أو مالكيين أو حنابلة، الاسلام هو كتاب الله وسنة رسوله وعمل الصحابة وما كان عليه السلف الصالح.

ويتفق مع هذه الرؤية ايضا الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة، حيث ذهب الى ان الاشهاد على الطلاق خاصة في هذا العصر واجب. وقال الشيخ البدري «لا بد ان نعمل فواتح آيات سورة الطلاق لانه ليس من المعقول ان يشدد الاسلام في شروط عقد وصفه بالميثاق الغليظ وتكون له شروط خمسة: انعقاد وصحة ولزوم ونفاذ وقانونية (سلطانية) ثم ينقض بكلمة، هذا غير صحيح. فالاشهاد شرط اصبح مفقودا ولا بد ان نعلم ان الابلاغ والاخبار ليس اشهادا. اضاف الشيخ البدري ان هناك اقتراحاً امام مجمع البحوث منذ اربعين عاما بعدم وقوع الطلاق إلا بوجود شروط منها وجود شهود.

بينما يرى الفريق المعارض لهذه الفتوى ان الطلاق يقع بمجرد التلفظ ولا يحتاج الى شهود حيث يؤكد الدكتور عبد العظيم المطعني استاذ الدراسات العليا في جامعة الازهر وعضو المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية ان الطلاق يقع بمجرد التلفظ به ولا يحتاج الى شهود فمن طلق زوجته وعلم الناس بهذا الطلاق واعتزلها وراجعها في عدتها يستحسن الاشهاد على الرجعة اما ايقاع الطلاق فلا حاجة للشهود فانه يقع بمجرد التلفظ به بارادة ازالة العصمة الزوجية بالاكراه من احد وسواء علم الناس أو لم يعلموا.

وقال ان الاشهاد في الطلاق لا يكون الا في حالة دفع الحقوق والرجعة وهذا امر مستحب وليس بواجب لانه توجد معاملات مالية عند الفراق مثل مؤخر الصداق ونفقة المتعة وهنا يستحسن الاشهاد منعا للادعاء وضياع الحقوق مصداقا لقوله تعالى «واشهدوا ذوي عدل منكم واقيموا الشهادة لله».

وقال الدكتور محمد رشدي اسماعيل عضو مجمع البحوث الاسلامية ان الفتوى حاولت حل مشاكل الطلاق ليس بضرورة ان يكون الاشهاد هو الحل لكن البحث في اسباب الطلاق هو الحل لمشكلة الطلاق اما ان نذهب ونرفض الطلاق لسبب عدم وجود الشهود فهذا رأي لم يقل به احد من الائمة ولا نعرف له وجاهة في مذهب علماء اهل السنة لان الطلاق يقع بمجرد النطق به بالالفاظ المتعارف عليها فقهيا. والاستشهاد بالاية الكريمة (واشهدوا ذوي عدل منكم) على وجود الاشهاد على الطلاق فهذا رأي مخالف لان الله تعالى امرنا بالاشهاد عند كتابة العقود والدين فهل يعني هذا ان عدم الاشهاد في عقود التجارة تعتبر لاغية. ما نأخذه من هذه الاية ان الاشهاد على الطلاق هنا على سبيل الاستحباب فقط.