مفتي كوسوفو لـ «الشرق الأوسط»: نرفض أن تكون بلادنا على الهامش

نعيم ترنوفا: نعمل على إقامة مركز إسلامي كبير يتسع لـ 12 ألف نسمة

الشيخ نعيم ترنوفا مفتي ورئيس مجلس المشيخة الإسلامية في كوسوفو («الشرق الأوسط»)
TT

أعاد الاتحاد الإسلامي في كوسوفو قبل فترة انتخاب الشيخ نعيم ترنوفا مفتيا ورئيسا لمجلس رئاسة المشيخة الإسلامية، في وقت تقف فيه كوسوفو على مفترق طرق وسط تحديات كثيرة، في مقدمتها الجهل بالإسلام، والذي يطبع حياة الكثير من المسلمين في الوقت الحاضر. فقد تعرض المسلمون في البلقان، ولاسيما في كوسوفو، إلى عملية تجفيف ينابيع الثقافة الإسلامية، ولاسيما المتعلقة منها بالثوابت الدينية اعتقادا، والمجتمعية سلوكا، والأممية، وشائجا مع بقية المسلمين في العالم. وقال الشيخ نعيم ترنوفا لـ«الشرق الأوسط» في رده على أولويات المشيخة الإسلامية في كوسوفو المستقلة بعد انتخابه مجددا على رأس الهيئة الإسلامية الأولى في بلاده قال «حان الوقت الآن للعمل بشكل أفضل، فنحن لدينا دولتنا المستقلة، ولكننا لا نزال من دون مركز إسلامي كبير في كوسوفو، يمكن من خلاله تنظيم أنشطتنا واستقبال جموع المؤمنين، وهذا ما نعمل من أجله فقد قمنا بشراء 45 دونما من بلدية بريشتينا لإقامة جامع ومركز إسلامي كبير، يتسع لـ 12 ألف نسمة». وذكر أن «عدد المساجد في كوسوفو ارتفع من 12 إلى 24 جامعا، وفي هذه المساجد يصلي أكثر من 50 في المائة من المصلين خارج هذه المساجد يوم الجمعة» وقال إن كوسوفو في حاجة في الوقت الحاضر إلى «ما بين 250 و300 مسجد فهناك مساحات واسعة خالية تماما من المساجد» وأشار إلى بداية جيدة لتعليم الإسلام في المدارس «سنبدأ تعليم الإسلام في المدارس الحكومية، وقد أعلنت ذلك للمسؤولين وللصحافة، وهذا الحق مكفول في جميع دول المنطقة بما في ذلك البوسنة ومقدونيا، وقد قلت إننا نريد جميع حقوق المواطنة، ولن نقبل بأقل من الحقوق التي للأقليات المسلمة في أوروبا، فتعليم الدين موجود في معظم الدول الأوروبية، مثل النمسا، ونطالب بتضمين الدستور هذه الحقوق». وعن النشاط الإعلامي للمشيخة قال «تقدمنا بطلب إنشاء إذاعة وتلفزيون تابع للمشيخة الإسلامية، ونحن ننتظر الرد من الحكومة، ونحن نأمل تلقي رد ايجابي، ونرغب في تقوية علاقاتنا بإخواننا في منطقة البلقان، مثل ألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك، وقد زرت شخصيا بعض الدول مؤخرا، كما زرت عدة دول إسلامية فهي مجالنا الحيوي وعمقنا الاستراتيجي كمنابع علمية لا تنضب». وبخصوص العمل من خلال وسائل الإعلام الرسمية، والانترنت قال «لدينا نشاط جيد عبر وسائل الإعلام الرسمية راديو وتلفزيون، وكل يوم تقريبا لدينا برامج في هذا الخصوص». ولم يرغب مفتي كوسوفو في الحديث عن نشاط المؤسسات الأجنبية التي تعمل تحت ستار الإغاثة «هناك مؤسسات أجنبية، وأنتم تعلمون ماذا تريد، لذلك لا نحتاج للكثير من الحديث حولها» وفي تعليقه على عدم اعتراف الكثير من الدول الإسلامية باستقلال كوسوفو قال «زرت مع الكثير من زملائي في المشيخة الإسلامية، وكذلك فعل وزير خارجية كوسوفو اسكندر الحسيني، وطلبنا من الدول العربية وغيرها من الدول الإسلامية الاعتراف باستقلال كوسوفو، فقد زرت المملكة العربية السعودية، والتقيت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووعدني خيرا وقد اعترفت السعودية أخيرا باستقلال كوسوفو، وللأسف فإن الكثير من الدول الإسلامية لم تعترف بعد بالاستقلال، ونأمل أن لا يستمر هذا التأخير كثيرا، ونرجو أن يتحقق في الأسابيع والأشهر المقبلة، وهناك دول واقعة تحت تأثير خارجي أو ضغط داخلي». وعن مدى استقلالية المشيخة الإسلامية في كوسوفو عن التأثير الرسمي أو غيرها من الجهات سواء في الداخل أو الخارج، قال «أطمئنكم بأن المشيخة الإسلامية مستقلة تماما عن أي جهة سياسية أو غيرها، ونحن لم نسمح ولن نسمح بتدخل السياسات في شؤوننا الداخلية، وإذا حصل شيء من هذا القبيل فلن يتمكنوا من تحقيق ذلك، وأذكر أن رئيس العلماء في البوسنة سابقا الشيخ جمال الدين تشاوتشوفيتش، رد على من حاول التدخل في عمله، بأن نزع عمامته محتجا ووضعها على رأس الحاكم وقال له خذ مكاني في المشيخة، وأنا قلت في حوارات صحافية في كوسوفو بأننا نرفض أن نكون على الهامش، أو توابع لتحقيق أغراض خاصة، أو مجرد تقديم خدمات للسياسات، ولكننا نتعاون على البر والتقوى، وعلى الأطراف الأخرى أن تراعي مطالبنا وتحترم حقوقنا».

وحول الأوقاف ذكر مفتي كوسوفو أن «هناك الكثير من الأوقاف التي ننتظر من البرلمان البت في أحقيتها للمشيخة الإسلامية، وإنهاء هذه المشكلة بإعادة الحقوق إلى أصحابها» نحن أعددنا جميع الوثائق التي تفيد بملكية هذه الأوقاف للمشيخة، وكان رئيس البرلمان يعقوب كريسنيتش قد ذكر لي أنه وأعضاء البرلمان ملك للمشيخة الإسلامية، ليس لأنهم مسلمون فقط بل لأن مقر البرلمان من مؤسسات الأوقاف. وكان المبنى حمام مسجد السلطان مراد، وفي يريزرن هناك منارة من دون جامع وننتظر في هذا العام إعادة جميع الأوقاف إلى المشيخة الإسلامية». وحول ما إذا تم استعادة بعض الأوقاف بدون قرار من البرلمان أو القضاء قال «هناك بعض الأوقاف التي تمت إعادتها وأكثرها في بريزرن وبريشتينا». وعن أسباب عدم تكوين جماعة إسلامية واحدة للمهجرين المسلمين من يوغسلافيا السابقة قال «العام الماضي زرت عددا من الجماعات في سويسرا، وخلال هذه الزيارات حضرت إفطارا لدى جماعة بوشناقية، وقلت بالمناسبة إذا كان في مدينة ما مسلمون من البوسنة ومقدونيا وكوسوفو، لماذا تدفعون إيجارات ثلاثة محلات لماذا لا تصلون في مكان واحد جماعة. يمكن أن يعمل إمامان أو ثلاثة في مكان واحد يكفينا تقسيما. الإسلام يجمع على أساس العقيدة ولا يفرق على أساس قومي. كما زرت عددا آخر من الجماعات البوشناقية واستقبلوني استقبالا حارا، وفي أميركا زرت عربا وبوشناقا وألبانا وكانوا كثيرا ما يصلون جماعة ويعيشون معا. ولديهم مساجد مشتركة يتعايشون ويعيشون بشكل جيد». وعن ربط المهاجرين بالوطن الأم قال «نحن بدأنا بتنظيم هذا الأمر، وإرسال أئمة للخارج، ولدينا جماعات في الداخل والخارج وبدأنا بشكل مرتب حل هذه الإشكالات». وعما إذا كان لدى المشيخة الإسلامية كادر مؤهل للعمل الدعوي قال «لا بد من القول بصراحة إننا لم نكن في السابق راضين عن المستوى، ولكن في الوقت الحاضر هناك تغطية لا بأس بها. لدينا كوادر للتعليم الإسلامي، جاهزون للعمل في المدارس. ولدينا مؤسسات لحفظ القرآن الكريم، ومدرسة للحفظ في جاكوفيتسا، فيها 40 طالبا، التعليم فيها لمدة 4 سنوات. وهناك 5 أو 6 من الطلبة الغجر كما هناك رغبة متزايدة لحفظ القرآن. لدينا حاليا حافظ يبلغ من العمر 12 عاما. ولدينا أئمة من أصل غجري في كوسوفوبولي، وهناك مساجد يؤمها الغجر تلقى فيها الخطبة يوم الجمعة بالبوسنية والتركية والغجرية. وفي بريزرن هناك 5 مساجد تلقى فيها الخطبة بالتركية و6 باللغة البوسنية و15 باللغة الألبانية وهناك مساجد تلقى فيها الخطب باللغات الثلاث». وعما إذا كانوا راضين عن مستوى التعاون بين المسلمين في المنطقة قال «على هذا المستوى يجب علينا العمل بجدية أكبر، فنحن نعيش في منطقة واحدة وبقينا عقودا في إطار دولة واحدة وهناك الكثير مما يجمعنا كمسلمين، عاداتنا وتقاليدنا وشؤوننا الاجتماعية والمدنية. يجب أن يعرف أبناؤنا أننا وحدة واحدة رغم تعددنا. لا بد من العمل على أن نكون قريبين جدا من بعضنا، ويجب أن نناضل جميعا من أجل السنجق» وعن نسبة المواليد في كوسوفو والتي ظلت مرتفعة طيلة العقود الماضية قال «ما زال الوضع جيدا، المعدل 3 إلى 4 في العائلة الواحدة». وطلب مفتي كوسوفو إبلاغ سلامه وسلام كل مسلمي كوسوفو إلى إخوانهم في العالم «سلامي للجميع بصدق، ونتمنى لهم كل الخير، المسلمون إخوة وهم أمة من دون الناس، سندفع للتعاون بخطوات أكبر في المستقبل». وحول الوجود العربي والمسلم عموما في كوسوفو قال «المشيخة الإسلامية في جمهورية كوسوفو ترحب بالإخوة العرب، الذين يزورونها للمساعدة، أو التوجيه، أو الاستثمار، ونحن نرغب ونأمل ونرجو أن نراكم باستمرار هنا في كوسوفو، أنتم إخوتنا، فنحن أمة واحدة مهما باعدت بيننا المسافات أو السياسات أو الجغرافيا، وهذه الأخوة يجب الحفاظ عليها وحمايتها وتعزيزها بكل السبل»، وتابع «يجب أن نعمل على تقوية علاقاتنا في جميع المجالات من أجل مستقبل أفضل للإسلام والمسلمين في هذه البقعة المهمة من البلقان وفي العالم».