مديرة مؤسسة «نخلة» النسائية لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا تحسين نوعية الحياة للمرأة البوسنية

سخية ديدوفيتش: نقدم خدماتنا للجميع مسلمات وغير مسلمات.. محجبات وغير محجبات

سخية ديدوفيتش مديرة مؤسسة «نخلة» النسائية في البوسنة («الشرق الأوسط»)
TT

تعد مؤسسة «نخلة» التي ترأسها السيدة سخية ديدوفيتش من الجمعيات النسائية الإسلامية، التي استطاعت وبنجاح، ومنذ 10 سنوات من نشاطها، المواءمة بين الحراك الثقافي والنشاط الاجتماعي في الفضاء النسوي. و«نخلة» التي استمدت اسمها من الآية الكريمة «ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء» مؤسسة «نسائية تربوية تهتم بالمرأة وقضاياها الشخصية والأسرية، ومعنية بتعليمها أمور دينها، وتمكينها من أن تكون أكثر فعالية في البيت والمحيط». وعن الفكرة التي قادت إلى إنشاء المؤسسة قالت سخية «عندما رجعت إلى البوسنة من رحلتي التعليمية في الأردن وماليزيا، كنت عازمة على عمل شيء يكون له صفة النفع والديمومة، بناء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، «خير الأعمال أدومها وإن قل»، وكنت قد عملت في المجال الإغاثي أثناء الحرب في البوسنة وفي محيط المهجرين في كرواتيا، وفي عام 1999 م أي بعد عودتي إلى البوسنة، قمت بزيارة كل المؤسسات العاملة في المجال الاجتماعي والثقافي والإغاثي، وفي ذهني سؤال كبير، وهو ماذا يجب أن أقدم للمرأة، وكيف يمكنني الاستفادة من جميع التجارب السابقة والراهنة؟».

وعن حصيلة تقييمها لنشاطات المؤسسات التي زارتها، قالت «وجدت لديهم عملا متشابكا، وأقساما متعددة، وبأشكال متباينة، وليس من بينها توجه معين يمكن أن يبقى ويستمر، فهو مرتبط بحجم التبرعات، وبشكل طارئ، أي عندما تنسحب المؤسسة أو توقف نشاطها ينته كل شيء وتصبح أثرا بعد عين، كما حصل لمؤسسات كبرى عملت بشكل كبير جدا ثم اختفت نهائيا، وذهبت جهودها ونقودها ووقتها أدراج الرياح، لذلك فكرت في أهمية قيام مؤسسة تهتم بشؤون المرأة وترعاها بشكل دائم، تشعر فيه أو نشعرها فيه بأنها مهمة، وذلك بإيجاد مكان مفتوح لها طوال الوقت، تستقبل فيه بكل ترحيب، مكان ترتاح فيه، وتتعلم فيه»، وبخصوص بدء النشاط أشارت سخية، إلى أنها وعدد من الأخوات اللاتي باشرنا معها العمل شرعن في نشاطهن في مكان صغير لمدة 5 سنوات، أحسسن خلالها بأن الإقبال يزداد والمكان يضيق «بدأنا العمل في مكان صغير، لمدة 5 سنوات، وبدأنا نشعر بضيق المكان مع ازدياد الإقبال، كنا ثلاث أخوات في البداية، كان واقع العمل يملأ علينا حياتنا، وكنا نجلس الساعات نحلم بالطريقة المثلى لأداء رسالتنا، ونكتب ذلك على الورق، ونرسم مشاريع تحقق رغباتنا، وفي النهاية قمنا بصياغة تلك الأحلام وتلك الرغبات في مشروع متكامل لمؤسسة، نخلة، كان ذلك في عام 2001 م، وقمنا بإرسال المشروع لجهات إسلامية لتمويله، البعض أظهر اهتماما ثم انسحب، ولكن مؤسسة الرحمة العالمية، التي مقرها في الكويت، وافقت على تبني المشروع، أي بناء المقر الكبير، وكان علينا البحث عن ممول آخر لتأثيثه».

وحول الهدف الأساسي من إنشاء «نخلة»، قالت سخية: «الهدف الأساسي هو تنمية شخصية المرأة وتقويتها، ونحن مهتمات بقضايا المرأة من كل النواحي، وتثقيفها بأمور دينها ودنياها، كما نهتم بالمشاكل الناتجة عن الحرب، وبالأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية للمرأة وتفعيل دورها، كما نقوم بورشات تدريب للمرأة لمساعدة نفسها وأسرتها». وعما حققته الجمعية من أهداف، ذكرت أن «نخلة» لديها هدف رئيسي تعمل على تحقيقه منذ تأسيسها يتمثل في «تحسين جودة الحياة وتعزيز القيم الايجابية في المجتمع من خلال الدورات والمحاضرات والندوات وأشكال التدريب المختلفة»، وتابعت «بعد الحرب التي كانت المرأة في مقدمة ضحاياها، حيث ابتليت بالكثير من المحن بفقد الابن أو الزوج أو الإصابة في النفس والبدن، ودورنا يتمثل، في جزء منه، بإعادة البناء النفسي للمرأة ، بعد الخلل الذي طرأ عليه أثناء الحرب، وتطوير قدراتها، فالتعليم قسم رئيسي في أجندة المؤسسة، لا سيما دورات اللغات، والحاسب الآلي، والإدارة، وتعد التربية الروحية جزءا لا يتجزأ من نشاط المؤسسة، إلى جانب قسم الاستشارات النفسية، والرياضة والعناية بصحة المرأة، وهناك مكان للترفيه والتسلية ولعب الأطفال، وبناء علاقات مع أناس يفكرون بطريقتهن»، وأشارت سخية إلى أن المؤسسة مفتوحة إلى جميع النساء، سواء كن مسلمات أو غير مسلمات أو محجبات وغير محجبات، وإن كانت نسبة المسلمات الملتزمات ممن يرتدن المؤسسة تصل إلى 90 في المائة. «نريد خدمة الجميع ونشعر الجميع بأننا نخدمهم كمخلوقات الله، وإن حصلت بعض التصرفات الخطأ من البعض فإننا ننبههن وندعو الله أن يهديهن إلى الطريق المستقيم» وذكرت أن قيم الإسلام علمتهن أن الناس لا ينزلون عند الرأي الصالح إلا إذا أدفأتهم بعطفك وعدم إكراههم على ما تريد بالشدة، قال تعالى، «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك». وفي الحديث «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق». وفي الأمثال يمكنك أن تقود الحصان إلى النهر ولكن لا يمكنك إجباره على أن يشرب منه. «هذا مهم جدا لنا نحن كمسلمات ملتزمات، ففي هذا المكان تجد المرأة السعادة والاطمئنان». وعن سير النشاط بعد عدة سنوات من الانتقال إلى المقر الجديد قالت «مؤسسة نخلة، ومن خلال الأوقاف التابعة لها، تستطيع بعون الله توفير 50 في المائة من ميزانيتها، ولكن أحيانا نجد صعوبات في تمويل مشروع معين، وهناك عدة مؤسسات في العالم نتعاون معها في تنفيذ المشاريع المختلفة، أو مشروع معين، ولدينا اشتراكات سنوية للعضوات، وتبرعات، وكان من أهدافنا الأساسية عندما أعددنا مشروع، مؤسسة نخلة، ألا نعتمد في تسيير نشاطنا على مساعدات خارجية، ومحاولة الاستقلال قدر الإمكان، فالمصاريف الإدارية مثلا مغطاة من إيرادات داخلية، وكذلك مدرسة تحفيظ القرآن، التابعة للمؤسسة، أما المشاريع التي تحتاج لعرضها على جهات تمويل فهي المتعلقة بالعلاج النفسي للمرأة، والمشاريع التي تحتاج لأخصائيين يعملون بمقابل، ولدينا تعاون مع مؤسسات عربية في الخليج، ومع مؤسسة، العون الإسلامي، التي يرأسها يوسف إسلام، ومؤسسة المرأة المسلمة في أوروبا، ومع مؤسسات تركية».

وحول المشاكل التي تعترض نشاط مؤسسة «نخلة»، قالت «لا أريد أن أسميها مشاكل، بل عقبات، فنحن نستمتع بعملنا، في جميع الظروف أما المشاكل فهي المنغصات، وهذا غير وارد لا سيما ونحن نلمس الخير الذي ينتشر، ومن بين العقبات عدم الاستقرار، وعدم وجود القوانين، التي تقر تخصيص ميزانيات لدعم مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات غير الحكومية»، وعما تقصده بعدم الاستقرار أشارت إلى أن «البلاد غير مستقرة سياسيا، وكذلك اقتصاديا، وهناك عدوان من بعض السياسات ووسائل الإعلام، فيما يتعلق بالاسلاموفوبيا، وبالتالي الجو غير مهيأ تماما للتطور»، ومن العقبات أن المؤسسة لا تستطيع أن تبدأ العمل في مشروع إلا بعد موافقة الحكومة، «لا يوجد متعاون حقيقي من جهة الحكومة، ولا نستطيع البدء في مشروع إلا بعد موافقة الجهات المختصة، ويمر وقت طويل ونحن ننتظر الرد من دون أن نتلقى جوابا»، وفيما يتعلق بالنشاط الإعلامي أكدت سخية على أن الإعلام غير مهتم بالنشاطات التي تقوم بها مؤسسة نخلة، «لا يأتون إلا إذا دعوناهم، فهم يأتون لمن يدفع لهم الدعايات، وترويج الفكرة من أهم النقاط في مشروعنا، ولكن ليس لدينا أموال لهذا الغرض».

وبخصوص عمل المؤسسة في رمضان، أشارت إلى أن مؤسسة نخلة تقلل من أنشطتها المعتادة في رمضان لارتباط المرأة بعبادتها وأسرتها في الشهر الكريم، أكثر من أي شيء آخر، ولكن ننظم إفطارات لتقوية الروابط الأسرية والمجتمعية، ويحضر هذه الافطارات المتخصصات في العلوم الإسلامية لإلقاء دروس خفيفة، ونشارك في صلاة التراويح في المساجد، وفي التهجد، وحضور مجالس الذكر في المساجد قدر المستطاع. وفي العيد ننظم احتفالا تحضره النساء مع أطفالهن؛ لتلقي هدايا العيد ونتبادل التهاني في جو إسلامي، تتحول فيه المثالية الذهنية، إلى واقع موضوعي».