الباعة المتجولون.. صمود حتى ثالث أيام التشريق

تهافت نحو المكاسب وهرولة من مراقبي «الأمانة»

الباعة الجائلون يبيعون بضائعهم بمختلف لغات العالم (تصورير: عدنان مهدلي)
TT

تحدق فاطمة الشابة الأفريقية في حزمة من النقود وتعدها مرتين للتأكد من صحتها، ثم تحزم ثلاث حقائب وتقف عاقدة العزم على الرحيل، إذ أنهت فاطمة، وهي شابة تتاجر في هدايا اشترتها بمبلغ زهيد وتبيعها على الحجاج، عملها لليوم الخامس على التوالي، منذ أن بدأ الحجاج بالقدوم إلى المشاعر المقدسة.

وما بين شركة حققت مبيعات بملايين، وشابة مخالفة حققت حفنة آلاف من الريالات، وهي على شفا حفرة من الاعتقال، تتحقق حكمة الله تعالى في الآية القرآنية «لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ»، حيث يبدأ جمع من المنتفعين بالحج في الرحيل، عقب موسم روحاني تقاسم الناس فيه أرباحا دينية، وأخرى اقتصادية وثقافية.

ويتكرر المشهد كل عام بشراء الهدايا والمتاجرة فيها، حين يحرص الحجاج دائما على جلب الهدايا التذكارية للأهل والأصدقاء المنتظرين عودتهم.

يقول محمد العبدلي، وهو شاب سعودي يبيع العطور على جانب الطريق المؤدي إلى مبنى الجمرات في منى: «في نفس الوقت من كل عام أشتري عطورا بالجملة، وقوارير أستخدمها في التفريغ، وأبيعها بأسعار معقولة، إلا أن هذا العام يفرض علينا البيع بأسعار أكثر ارتفاعا؛ لعدم وفرة الحجاج الذين كانوا في السابق، يدرون علينا دخلا يلامس عادة 1.5 ألف دولار. في سنتي الخامسة على التوالي، لم أستطع تحقيق مبلغ يتعدى ألف دولار هذا العام».

وفي الوقت ذاته أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» تحقيق إحدى الشركات السعودية مبلغ 4.5 مليون دولار، إذ تسوق الشركة أكثر من منتج على مستوى السعودية، محققة بذلك الهدف المالي لموسم حج هذا العام.

في أثناء ذلك، قال الدكتور أسامة البار أمين العاصمة المقدسة إن جميع المرافق ومواقع الخدمات والأسواق التجارية في مكة المكرمة جاهزة، مضيفا أن الرقابة الميدانية على الأسواق التجارية والمباسط الموسمية تعمل على مدار الساعة حتى خروج الحجاج من المشاعر المقدسة.

وأوضح أمين العاصمة المقدسة أن عدد المحلات التجارية في العاصمة المقدسة يبلغ نحو 33 ألف محل تجاري وغذائي، لافتا إلى أن 2200 محل تجاري ومبسط صرحت لهم الأمانة للعمل خلال موسم حج هذا العام.

وعلى مرّ السنين لا يقتصر الحج على المكاسب الروحانية أو الاقتصادية، إذ تؤدي المكاسب الثقافية والفكرية إلى مكاسب للكثير من الحجاج والعاملين، بحسب منصور بن أحمد المشرف في إحدى الحملات الخاصة بخدمة الحجاج.

يقول ابن أحمد (45 عاما): «يجلب الحجاج معهم ثقافة مختلفة، تظهر خلال تصرفاتهم دون الحاجة إلى الحديث، إذ نرى خلال عملنا الكثير من الأزياء والسلوكيات التي تعكس هوية الحاج»، مضيفا: «ولا يعتبر المكنوز المعرفي حصرا على الحجاج، فهم يحاولون دائما الترويج لمعارفهم وعاداتهم من خلال التجمعات الودية التي تنظمها المخيمات، خصوصا في الفترات الليلية التي يتشارك فيها الحجاج السمر».

وأضاف ابن أحمد: «كثيرا ما يصادف أن نلتقي مشاهير ومثقفين يختبئون تحت وسادة العبادة للابتعاد عن الجمهور، إلا أنهم ينكشفون بعد أن يتعرف عليهم الناس، ويدفعون القليل من فاتورة الشهرة ببعض الكلمات والخطابات التي يلقونها في تجمع المخيمات في الحج».