أمين رابطة الجامعات الإسلامية: القرار السويسري بحظر بناء المآذن نتيجة طبيعية لانتشار ثقافة «الإسلاموفوبيا»

د. جعفر عبد السلام: مطلوب استراتيجية تعتمد على بناء جسور مع الغرب تستهدف تصحيح المفاهيم

جعفر عبد السلام
TT

وصف الدكتور جعفر عبد السلام، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، نائب رئيس جامعة الأزهر سابقا، القرار السويسري بحظر بناء المآذن في سويسرا بأنه سابقة خطيرة تمس الحرية الدينية، وخرق واضح لحقوق الإنسان التي كفلتها كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، مما يتطلب من المسلمين تكثيف العمل والتحرك الجدي بالحوار وبكل الوسائل المشروعة ضد الأفكار الخاطئة التي يروجها اليمين المتطرف في سويسرا للتحريض ضد الإسلام والمسلمين.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن قرار حظر بناء المآذن يؤكد أن الغرب يتعامل مع الإسلام من خلال نظرة خاطئة كرستها المعلومات المغلوطة لدى الغربيين عن الإسلام، مؤكدا أن هذه المعلومات تقف خلف انتشار ما يعرف بظاهرة «الإسلاموفوبيا».

وتطرق الدكتور عبد السلام في حواره إلى القضايا والمشكلات المثارة على الساحة الإسلامية، وفيما يلي تفاصيل الحوار..

* ما تفسيركم للقرار السويسري بحظر بناء المآذن، وبرأيك ما الأسباب التي أدت إلى صدور مثل هذا القرار؟

- بداية، يعد هذا القرار سابقة خطيرة تمس الحرية الدينية، وهو بلا شك خرق لحقوق الإنسان التي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، مما يتطلب من المسلمين تكثيف العمل والتحرك الجدي بالحوار وبكل الوسائل المشروعة ضد الأفكار الخاطئة التي يروجها اليمين المتطرف في سويسرا وغيرها من الدول الأوروبية للتحريض على الإسلام والمسلمين. هذا القرار ضد مبادئ الحرية والديمقراطية التي يدافع عنها الغرب، في وقت نتهم فيه بانتهاك هذه المبادئ.

* كيف يمكن التعامل مع هذه المفارقة؟

- تضعنا تلك المفارقة أمام ظاهرة جديرة بالدراسة والتأمل، تحتاج إلى علاج سريع خاصة أن تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا زاد بعد غروب شمس الشيوعية، فجاء الدور على الإسلام الذي وصفه الغرب بأنه العدو الأخضر، مما ينذر بمخطط مبيت لمحاصرة المد الإسلامي في الغرب. وقد زاد الأمر حدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 والتي اتخذ منها الغرب والولايات المتحدة الأميركية ذريعة للهجوم على الإسلام. لذلك نحن في حاجة ماسة إلى استراتيجية ثابتة ودائمة لمواجهة هذا العداء. وتعتمد هذه الاستراتيجية على بناء جسور حوار هادئ يستهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والتي ترسخت في الذهنية الغربية عبر قرون طويلة من التشوهات التي ألحقت بالعالم الإسلامي والإسلام.

فمن المؤكد أن الذين صوتوا لصالح حظر بناء المآذن في سويسرا فعلوا ذلك، ليس انطلاقا من أفكار آيديولوجية أو تجارب شخصية سيئة، وإنما لأن لديهم صورة سيئة عن الإسلام والمسلمين، حسبما ينعكس من الأفكار المدسوسة في المناهج الدراسية والأنباء اليومية في وسائل الإعلام، خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

* كيف يمكن وضع مثل هذه الاستراتيجية؟

- أولا.. لا بد من إدراك أن المواقف ليست إلا تعبيرات واقعية عن الأفكار الكامنة في الشخصية الغربية والتي تكونت عبر قرون طويلة من التأثير الفكري الذي كون قناعات راسخة لا تتزعزع داخل الشخصية الغربية، لذلك من المهم قبل دراسة الموقف الفكري الغربي من الإسلام أن نؤكد أن الغرب ليس كيانا واحدا فيما يتعلق بالسياسات وطبائع البشر ومواقف الدول من العالم العربي أو الإسلامي، فضلا عن ذلك فإن الغرب ليس كيانا واحدا فيما يتعلق باهتماماته الدينية، فليس كل الغرب متدينا، وليس كل الغرب علمانيا، ولهذا نجد عند بعض الكتاب والمفكرين الغربيين تباينا في المواقف تجاه الإسلام، فنجد منهم من هو أكثر موضوعية واعتدالا في تناوله للإسلام من خلال كتاباته، ومنهم أيضا من هو أكثر تطرفا وبعدا عن الموضوعية والإنصاف، وهؤلاء هم الفئة التي ترسخ لثقافة العداء والكراهية.

ثانيا.. لا بد أيضا من إدراك أن الأمر يحتاج جهودا كبيرة للعمل على تطوير الخطاب الديني وتكثيف الحوار مع الغرب. وهذا الأمر يقع على عاتق كل المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي. وفي هذا الإطار يجب التركيز على بناء شخصية الداعية المسلم الذي يتولى مهمة تطوير الخطاب الديني وتحديثه، والإعداد الجيد للداعية المسلم لا بد أن يتم من خلال الجامعات الإسلامية، وكان هذا محورا أساسيا في الاستراتيجية التي وضعتها رابطة الجامعات لتحديث المناهج الدراسية في العلوم الشرعية بهدف إعداد داعية عصري متميز في مجال دعوته، نعتمد عليه في خلق جسور الحوار مع الغرب.