«الفقه الإسلامي» يصدر أول تقرير عن «نبض الفتوى» و5 آلاف فتوى حصاد 3 أشهر

رصد مزايا الفتوى وعيوبها عبر 11 قناة سعودية وعربية

اجتماعات مجامع الفقه الإسلامي تناقش القضايا الفقهية الكبرى
TT

أعدت أمانة موقع «الفقه الإسلامي» تقريرها ربع السنوي أسوة بالتقارير الاقتصادية بغرض رصد نبض الفتوى، التي غزت في الآونة الأخيرة القنوات الفضائية.

فبعد أن أصبحت الفتوى تمارس فيها بشكل قد يوصف في بعض الأحيان بـ«التفلت»، وعدم «الانضباط»، مما أفضى إلى مفاسد عظيمة، أبرزها ضعف قيمة (الفتوى والمفتي) في نظر العامة.

تناول مركز البحوث والدراسات الفقهية بموقع «الفقه الإسلامي» برامج الفتوى التي تبث عبر عدد من القنوات الفضائية، وذلك بسبرها، وحصرها، ورصد جملة كبيرة منها.

وحمل التقرير بيانا شاملا لأهم وأبرز الملاحظات على الفتاوى التي تدفقت من نحو 11 قناة سعودية وعربية، هي: «دليل - أنا - الناس - الرحمة - الرسالة - المجد - القرآن الكريم بالسعودية - القرآن الكريم بمصر - القدس - دريم2 - الأقصى».

وهدف التقرير من خلال الإحصائية إلى دراسة واقع السؤال والجواب في الفتوى، للوقوف على أبرز المسائل التي يرد السؤال عنها، والتنبه للأسئلة التي يقع فيها اضطراب في الجواب، كما لا يخفي غياب ذهن المفتي وانصرافه أثناء إلقاء السؤال، فيأتي الجواب مجانبا للسؤال، أو يأتي على غير مراد السائل، أو يكون السؤال بما لا يحصل به المقصود من الفتوى، كما أتى مفصلا في التقرير.

فبلغ إجمالي عدد الأسئلة في 244 حلقة لبرنامج «إفتاء» في ثلاثة أشهر ما يقارب الخمسة آلاف سؤال (4571)، 69 منها في شهر محرم، و78 في صفر و97 في ربيع الأول، تنوعت بين الذكور بعدد 2332، وبين الإناث بعدد 2239.

موزعة على عدد كبير من دول العالم بلغ 17 دولة، كان في مقدمتها من حيث الكثرة المملكة العربية السعودية، ومصر، والدوحة، وليبيا، والمغرب، وبعض الدول الأوروبية كالنمسا، وبريطانيا، وألمانيا، وبلجيكا، وفرنسا، وغيرها.

وعلى الرغم مما رصده موقع الفقه من إيجابيات في إجابات المفتين، فإنه قدم ملاحظات عدة أبرزها كان عدم موافقة الجواب للسؤال أو وجود فتاوى تحتاج إلى مراجعة، وعدم بيان الحكم الشرعي في الإجابة، بالإضافة إلى افتقار الإجابة إلى تدقيق وتروٍّ، وإغفال أمور أساسية في الفتوى لا بد من ذكرها، وترك الحرية للسائل ليختار الإجابة.

ومن بين ما لوحظ على إجابات المفتين افتقار بعض إجاباتهم إلى المزيد من توضيح الذي يحتاجه السائل، والاقتضاب في الفتوى، بما في ذلك افتقار الدقة في الحكم إلى درجة الأحاديث، واختلاف الجواب بين المفتين عن ذات المسألة، انتفاء التدليل، وعدم إحاطة السائل بالبديل الأفضل. إلا أنه كان الأبرز من بين هذه الملاحظات اللجوء إلى استخدام بعض الألفاظ غير اللائقة من قبل بعض المشايخ في الرد على إجابات المستفتين استشهد التقرير بجواب عن سؤال يطلب فيه مسيحي من مسلم إثبات موضوع صلاة النبي بالأنبياء في الإسراء المعراج، فقال المفتي فيما قال: ضع كلامه تحت الحذاء! بما في ذلك عدم استفاضة الجواب على بعض الجوانب الأخلاقية في الفتوى، وعدم مراعاة الدول الأقل أسئلة، أو حتى الإجابة عن السؤال.

إلى ذلك، سجل التقرير ربع السنوي لرصد الفتوى عبر البرامج الفضائية المتنوعة ملاحظات عدة في سمات الأسئلة الواردة من قبل الجمهور والمتابعين، من بينها غرابة بعض الأسئلة وسيطرة الموسمية على طلب الفتوى، حيث تكثر الفتاوى عن عاشوراء، وكذلك ما يتعلق بصلاة الكسوف حال الكسوف، والاحتفال بالمولد النبوي في ربيع الأول بما في ذلك سيطرة فقه العبادات والأسرة على معظم الأسئلة الفقهية الواردة رغم التنوع النسبي.

وفي خطوة مهمة أوصت الدراسة استكمالا للملاحظات بضرورة إعادة تحرير وبحث موسع للإجابة، حيث لم تستوف بالمقصود لعدد من القضايا والأسئلة التي يكثر توجيهها، أبرزها مسألة ربا البنوك، حيث ما زال هناك اضطراب لدى البعض بحكم التوجه الإعلامي الكبير القائل بجوازها، إلى جانب حكم التأمين الصحي؟ فهناك خلاف في التأمين التجاري، أما التأمين التعاوني هناك إجماع على جوازه. إلى غير ذلك من الأمثلة.

في نهاية المطاف خلص معدو التقرير إلى مقترحات اعتبروها جوهرية في سبيل تحسين أداء سوق الفتوى التي تشهد رواجا عالميا. وأضافوا: «بناء على ما تقدم في جملة الملاحظات المذكورة، فإن ذلك يستدعي عدة أمور بغية الحفاظ على مقام الفتوى، وإبراء للذمة أمام الله، منها: انتقاء الأكفاء من أهل الثقة في الفتوى، والقوة العلمية، والدراية الواقعية لسد هذه الثغرة، وتربية طلبة العلم لدى المشايخ والمعاهد والجامعات العلمية على الفتوى وكل ما يتعلق بها، بغية تخريج مفتين ثقات للأمة، إلى جانب زيادة القوة العلمية في الفتاوى التي لم يجب عنها».

ونصحوا كذلك في المقترحات بـ«زيادة مساحة الفتاوى في الفضائيات لحل مشكلة ضيق الوقت، وللتدليل بقدر ما يحتاج إليه. وإعطاء دورات تدريبية في فتاوى فقه الأسرة، لا سيما الرضاع، والطلاق، وكذلك المواريث، ومراعاة المفتين للتروي والدقة، مع الفهم الجيد للسؤال، وتحديد مناطه، وبيان التفصيل المؤثر في الحكم، وما لا ينبغي تركه أو توضيحه في الفتاوى».

يذكر أن موقع «الفقه الإسلامي»، الذي يشرف عليه علماء وفقهاء سعوديون معتبرون، يعتبر الأول بين المؤسسات الشرعية الذي يعتني بإصدار كهذا، يعطي المتابع والمفتي فكرة شاملة عن واقع الفتوى في وقت تشهد برامجها ونوافذها الإلكترونية إقبالا لافتا من الجمهور.