أزهريون يؤيدون فتوى تبيح الإفطار للعاملين في درجة حرارة فوق الـ40

اشترطوا أن يكون العمل شاقا.. ورئيس قسم الفقه يعترض

اشترط العلماء لمن يجوز له الإفطار في رمضان أن يكون عمله شاقا وفي درجات حرارة شديدة (رويترز)
TT

أيد علماء بالأزهر الشريف فتوى إماراتية تبيح للعمال الإفطار خلال شهر رمضان إذا كانوا يعملون في جو درجة حرارته فوق الـ40 درجة مئوية، غير أن علماء الأزهر اشترطوا أن يكون العمل شاقا، بينما رفض رئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية إفطار العمال في جميع الحالات، مشددا على ضرورة وجود فتوى خاصة بكل عامل من جهة الاختصاص، أي جهة الفتوى، أو تصريح من طبيب.

وكانت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة قد أصدرت فتوى تبيح الإفطار خلال نهار أيام شهر رمضان للعمال الذين يعملون في جو شديد الحرارة والرطوبة إذا كانوا لا يتحملون الصوم في الحرارة الشديدة. وجاء في الفتوى، التي نشرت على موقع الهيئة، أنه «يباح الفطر لأصحاب المهن التي تأخذ من أصحابها جهدا ومشقة فوق طاقتهم أثناء نهار رمضان، لأن القاعدة الشرعية تقضي أن المشقة تجلب التيسير».

واشترطت الفتوى أن يكون للعامل «نية الصوم فعلا، وأنه إذا وجد مشقة شديدة في أثناء يوم صومه حينها يباح له الفطر».

وأشارت الهيئة في نهاية نص فتواها إلى أن درجة الحرارة في الإمارات ودول الخليج تتجاوز 40 درجة خلال شهر رمضان.

وقد صدرت هذه الفتوى بناء على سؤال لعامل في منصة نفطية عن حكم الصيام والعمل في أوقات شديدة الحرارة والرطوبة.

وتعليقا على الفتوى، اتفق أعضاء مجمع البحوث الإسلامية (أعلى هيئة شرعية في الأزهر) في القاهرة على جواز الفطر للعامل الذي يعمل في درجة حرارة شديدة، لكنهم اختلفوا على نوعية الأعمال التي توجب الفطر، فيما رفض رئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الفتوى، رافضا التصريح بفطر العامل من الأساس إلا إذا كانت هناك ضرورة مرضية ملحة.

وأكد الشيخ عمر الديب، وكيل الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن المجمع أصدر العديد من الفتاوى في هذا الشأن التي تبيح للعمال الذين يعملون في درجات حرارة شديدة الفطر في رمضان، كعمال المحاجر أو المناجم، شريطة ألا يكون لهم عمل آخر، وأن يكون العمل الشاق هو عملهم الأساسي ومصدر رزقهم الوحيد، حين ذلك يحق لهم الفطر في نهار رمضان على أن يقضوا هذه الأيام بعد شهر رمضان.

وقال الديب «إن شرط الفطر ينطبق على هؤلاء العمال فقط الذين يعملون في درجات حرارة شديدة، أما العمال الذين يعملون داخل المباني المكيفة أو السائقون أو الباعة الجائلون أو غيرهم فلا يجوز لهم الإفطار مهما ارتفعت درجات الحرارة».

وأقر الدكتور عبد المعطي بيومي، العميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر عضو مجمع البحوث الإسلامية، بصحة الفتوى الإماراتية، موضحا أنه ليس هناك حرج من الإفطار أثناء العمل أو السفر، خاصة إذا كان العمل وسيلة الرزق الوحيدة ولا يمكن للعامل الاستغناء عنه ويمارسه في درجة حرارة عالية، فللصائم أو المسلم أن يفطر وأن يقضي هذه الأيام في أوقات أخرى، وأشار بيومي إلى أن فتوى الفطر تنطبق على كل عامل يشعر بأي مشقة سواء كان عملا شاقا برأي الجميع أو شاقا من وجهة نظره هو، وليس فقط العمال الذين يعملون في درجات حرارة شديدة، استنادا إلى قاعدة رفع الحرج وهي «إزالة ما في التكليف الشاق من المشقة برفع التكليف من أصله أو بتخفيفه أو بالتخيير فيه، أو بأن يجعل له مخرجا».

وأضاف بيومي: لقد جاءت شريعة الإسلام بالتيسير على العباد ورفع الحرج والمشقة والعنت عنهم، وقد دل على هذه القاعدة كثير من أدلة الكتاب الحكيم، ومن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة عند فرض صيام رمضان: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ».

في المقابل اعترض الدكتور محمد أبو زيد الأمير، رئيس قسم الفقه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر على الفتوى، مشددا على أنه لا يجوز للعامل الفطر في رمضان إلا إذا اضطر إلى ذلك بشرط أن تكون هناك الضرورة في حدود معينة، وأن يكون له تصريح بالفطر من الأطباء الذين يوصون بعدم قدرته على العمل، وأن يكون هناك ضرر قد يقع عليه في حالة القيام بهذا العمل، وانتقد الأمير تعميم فتوى الفطر لكل عامل يشعر بالتعب قائلا: «من كان معه دليل على ذلك من الفقه والسنة فليأت به». وأضاف الأمير «كما أن نوعية العمل لها دخل كبير في التصريح بمنح العامل رخصة الفطر، حيث يشترط إلى جانب تصريح الأطباء وعلماء المسلمين أن يكون هذا العمل هو العمل الوحيد الذي يتكسب منه العامل ولا يستطيع أن يستغني عنه».