كُتاب غربيون يتحدثون «عن محمد» بتفكير علمي وموضوعي

شهادات مهمة في نبي الإسلام بمثابة سباحة ضد التيار

TT

في عين العاصفة التي تثار اليوم حول الرسول (صلى الله عليه وسلم) والقرآن والإسلام والمسلمين، صدر بالإنجليزية مؤخرا عن دار Legacy في لندن كتاب «عن محمد» من إعداد وتقديم الدكتور عبد الوهاب الأفندي، المشرف على برنامج «الإسلام والديمقراطية» في مركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر في لندن.

عنوان الكتاب الكامل هو «عن محمد.. الرؤية الغربية الأخرى لنبي الإسلام - مقتطفات قصيرة لكتاب غربيين عن الرسول من القرن الثامن عشر حتى اليوم».

ويحتوي الكتاب على 12 نصا لبعض مشاهير الكتاب الغربيين، ممن مشوا في كتاباتهم عكس التيار الذي سيطر على معظم كتابات الغرب بشأن الإسلام ونبيه وكتابه. فأعطى هؤلاء للتفكير العلمي الموضوعي بخصوص الإسلام مساحة أكبر في كتاباتهم، وقدموا للغرب صورة مغايرة تماما للصورة التي ينشأ عليها الإنسان الغربي منذ طفولته، التي تلخصها حكاية خرافية وضعها لهم أحد الكتاب البريطانيين في إحدى رواياته، وتزعم أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) أراد أن يثبت لأتباعه قدراته الإعجازية، فطلب من الجبل أن يأتي إليه، فلم يأت الجبل، فقام محمد واتجه إلى الجبل وهو يقول: إذا لم يأت الجبل إلى محمد فإن محمدا يأتي إلى الجبل! هذه هي فكرة الغرب عن الإسلام وعن نبيه، وهي فكرة من الصعب انتزاعها من جينات الفكر الغربي التي توارثها جيلا بعد جيل حتى غدت جزءا من الخلفية الفكرية لأبنائه حتى يكاد يكون من المستحيل تغييرها.

من أجل ذلك كانت هذه الشهادات المهمة في نبي الإسلام بمثابة سباحة ضد التيار من قبل هؤلاء الكتاب الغربيين الاثنى عشر، وقد استطاعوا في نصوصهم المختارة هذه أن يثبتوا لأنفسهم ولقومهم أن الفكر الأكاديمي الموضوعي لا يزال له مكانه وله مصداقيته في الغرب، على الرغم من أنه، في زحمة الأصوات الإعلامية الصاخبة والمرتفعة هناك، يظل الصوت الخافت الذي يبدو من المستحيل أن يتحول ليكون هو التيار الغالب على الشارع الغربي.

تبدأ المختارات بنص صغير للكاتب البريطاني جورج سيل (1697 - 1736) منتزع من مقدمته للترجمة التي وضعها للقرآن الكريم، وصدرت الطبعة الأولى منها عام 1734، تحت عنوان «القرآن، المعروف باسم: قرآن محمد»، ويليه نص أكبر حجما للكاتب والمؤرخ الاسكوتلندي المعروف توماس كارليل (1795 - 1881) وعنوانه «البطل نبيا: محمد» ثم نص آخر أصغر للشاعر الفرنسي الكبير لامارتين (1790 - 1869) بعنوان «تاريخ الأتراك».

والنص الرابع في هذه المختارات هو للكاتب تور أندريه من كتابه «محمد: الرجل وعقيدته» الصادر عام 1936، والنص الخامس هو للمؤلف البريطاني مونتغمري وات (1909 - 2006) من كتابه «محمد: النبي ورجل الدولة» الصادر في أوكسفورد عام 1964، يليه نص للكاتب الأميركي - اللبناني فيليب حتي (1886 - 1978) من كتابه «تاريخ العرب من العصور القديمة حتى اليوم» الصادر عن دار نشر (ماكميلان) في بريطانيا عام 1956.

أما النص السابع فهو للكاتب الأميركي المعاصر جون إسبوسيتو من كتابه «محمد: نبي الله في الإسلام - الصراط المستقيم» الصادر عن جامعة أوكسفورد عام 1998. والنص الثامن هو للمستشرقة الألمانية المعاصرة آنا ماري شيمل من كتابها «محمد في الإسلام: مدخل» الصادر في نيويورك عام 1992، ويليه نص للكاتب المعاصر كلينتون بينيت من كتابه «في البحث عن محمد» الصادر في لندن عام 1998.

ويتلو ذلك نص للكاتب البريطاني المعاصر بارنبي روجرسون مأخوذ من كتابه «النبي محمد: السيرة» الصادر في لندن عام 2003، ثم نص آخر للكاتبة البريطانية المعاصرة كارين أرمسترونغ من كتابها «محمد: نبي لعصرنا» الصادر في لندن عام 2006. ويختتم الكتاب بنص شعري بعنوان «مولد النبي» مأخوذ من ديوان «قصائد من الشرق» للشاعر الأميركي بايارد تايلور والصادر في بوسطن عام 1854.

وقدم الدكتور عبد الوهاب الأفندي للكتاب بمقدمة طويلة وغنية تضع القارئ في إطار الصورة التي جاء الكتاب لتوضيحها، ومن أجل تقديم الوجه الآخر للحضارة الغربية، كما تمثله بعض كبار الأقلام والأعمال التي أبدعتها هذه الحضارة.